رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب ارتفاع معدلات الولادة القيصرية.. سهام الاتهام تتوجه للأطباء.. النقابة تكشف تفاصيل الأزمة وتطالب بتطبيق القانون

الولادة القيصرية
الولادة القيصرية

ارتفعت خلال السنوات الأخيرة معدلات الولادة القيصرية في مصر وتراجعت نسب الولادات الطبيعية وفقا للمسح الصحي الذي أجرته وزارة الصحة ووفقا لما يؤكده الأطباء لعدة أسباب مختلفة.

وتقدم عدد من أعضاء  مجلس النواب بطلبات إحاطة حول زيادة معدل الولادات القيصرية في مصر والمشاكل المترتبة عليها.

وإستنكر الدكتور جمال أبو السرور رئيس الإتحاد العالمي السابق لطب النساء والتوليد والحائز على جائزة النيل للعلوم، إرجاع السبب في زيادة عدد الولادات القيصرية في مصر إلى الأطباء.

زيادة القيصريات

و طالب الدكتور أبو السرور عميد كلية طب الأزهر الأسبق، في تصريحات صحفية اليوم الإعلام المصري بعدم إلصاق تهمة التسرع في قرار الولادة القيصرية بالأطباء وتصدير الإعلام أن السبب الرئيسي لمشكلة زيادة القيصريات هو تسرع الأطباء.

وأكد أبو السرور أن زيادة معدل الولادات القيصرية كانت إحدى المشاكل بجميع دول العالم وليست مصر فقط، والتي واجهها الاتحاد العالمي لأمراض النساء والتوليد عندما كان رئيسًا له وأنه تم تناول تلك المشكلة بالبحث والدراسة المستفيضة.
وأضاف د.جمال أبو السرور أن زيادة معدل الولادات القيصرية في مصر لها أسباب عديدة، أولها  الولادة في سن مبكر والتي يصحبها  إجراءات خطيرة علي الأم مما يُلزم الطبيب بالتدخل حفاظًا عليها بعملية قيصرية.

الزواج المتأخر 

وأضاف الدكتور جمال أبو السرور، أن المشكلة الثانية من أسباب زيادة القيصريات، هي الولادة في سن متأخر وهذا بسبب التغير الذي طرأ علي المجتمع المصري نتيجة الزواج المتأخر أو الزوجة العاملة وتأخير مرحلة الإنجاب، أما عن السبب الثالث فأشار أبو السرور إلى وجود طرق علاجية لعلاج عدم القدرة علي الإنجاب  لم تكن موجودة منذ ثلاثين أو أربعين سنة مثل أطفال الأنابيب أو الحقن المجهري، فأصبحت الزوجة التي  لم يمكن لها أن تنجب نتيجة مشاكل لديها أو الزوج،أصبح حاليًا بإمكانها الإنجاب عن طريق الإخصاب الطبي المساعد  وتعتبر هذه هي الفرصة النفيسة  لصعوبة تكرار هذه العملية.
وأضاف جمال أبو السرور: الى جانب الأسباب السابقة، هناك أمور أخرى مثل التغير المجتمعي  للحدث  وهو طلب بعض النساء الحوامل وهي نسبة كبيرة ومنتشرة لعمل عملية قيصرية، لقناعة لديهم أن الولادة الطبيعية طويلة ومرهقة وتستغرق ساعات طويلة.
وأكد جمال أبو السرور أن ارتفاع نسب الولادة القيصرية مسئولية مشتركة، نتيجة لنقص ثقافة الصحة الإنجابية في مصر، فهي لا تدرس في المدارس والجامعات وبالتالي ينشأ شباب مقبل علي الزواج وهم ليسوا علي قدرة بمعرفة بالحالة الفسيولوجية للولادة وأنها طريقة طبيعية، ومعرفة أن المرور بمرحلة الولادة شيء في منتهي الأهمية للأم وارتباطها برباط وثيق بالمولود،ومن أجل ذلك يجب أن تكون حريصة عليها.
ويضيف أبو السرور " لكن ما يحدث الآن أن النساء  تلجئن للعملية القيصرية لسماعها عن سهولتها وعدم الشعور بالألم وغيره.

القابلة 

ويضيف أبو السرور، أن هناك أمورا أخرى مسوؤلة عن مشكلة زيادة الولادات القيصرية،منها التركيبة الصحية والهيكل الصحي الموجود بجمهورية مصر العربية، حيث أشار د.جمال أنه في جميع البلدان الأخر يوجد نظام لمراعاة السيدة أثناء عملية الولادة فهناك "القابلة المتخصصة" والتي تشرف علي عملية الولادة في مراحلها المختلفة والتي تصل إلى 16 ساعة، ويؤكد أبو السرور أهمية أن يكون لدينا في مصر تخصص  "القابلة المتخصصة  في الولادة، وهي التي تستدعي الطبيب في اللحظات المطلوبة للولادة.
وأشار  جمال أبو السرور إلى  تكدس المواصلات وصعوبة الإنتقالات الخاصة بالأطباء بسبب بعد أماكن العمل، وطالب بضرورة مراجعة النظام الصحي  الخاص برعاية السيدات أثناء الولادة، كما أكد د.أبو السرور على ضرورة مواجهة المشكلة وأسبابها ووضع حلول لها على أساس علمي مدروس.
وقال الدكتور مصطفى هاشم أستاذ ورئيس قسم الأشعة التشخيصية بطب أسيوط وعضو مجلس النقابة العام للأطباء، أن تعدد الإنجاب ولجوء السيدة للولادة القيصرية في حملها المتكرر،يؤدي إلى كثرة مضاعفة ما يُسمى"المشيمة الملتصقة" والتي تستلزم استئصال الرحم أثناء الولادة وأضاف أنها في كثير من الأحيان تنتهي هذه المضاعفة بوفاة السيدة الحامل.

و شدد مصطفى هاشم على ضرورة عدم إتاحة الولادة القيصرية كخيار بديل عن الولادة الطبيعية،و أكد  ضرورة أن يكون قرار الولادة القيصرية بشروط واضحة ومحددة وليس بإختيار الطبيب أو السيدة الحامل.
وأكد الدكتور خالد أمين أخصائي النساء والتوليد وعضو مجلس النقابة العامة للأطباء أن زيادة معدل الولادات القيصرية ليست في مصر فقط،مشيرا الى أن هذه المشكلة تعاني منها دول شبيهة بمصر من ناحية المستويات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية مثل تركيا والبرازيل وفنزويلا بنسب متقاربة من حجم المشكلة في مصر، إضافة إلى دول متقدمة طبيًا وتعاني أيضًا من الارتفاع المتزايد في نسب القيصريات مثل أمريكا وإنجلترا.

المسئولية الطبية 

وكشف  عن أسباب زيادة معدل الولادات القيصرية في مصر، منها فزع الأطباء من المسؤولية الطبية المتزايدة في ظل غياب قانون للمسؤولية الطبية يستطيع تحديد السبب في ضرر طبي للمريض،و معاقبة الأطباء بالحبس في حالة حدوث خطأ طبي.

و أشار أمين الى أن أكثر من 70% من الشكاوى ضد الأطباء كانت ضد أطباء النساء والتوليد،وهو ما يجعل هناك ضغوطًا متزايدة علي الأطباء لإتخاذ أكثر الطرق أمانًا وابتعادًاعن شكاوى ربما لا تراعي الأبعاد الفنية للموضوع، وطالب د.خالد أمين بسرعة تشريع قانون المسؤولية الطبية بشكل يراعي الأمور الفنية في تلك الشكاوى.
و أرجع خالد السبب الثاني عن المشكلة،إلى غياب الوعي المجتمعي حيث تحولت الولادة القيصرية بدون ألم إلى مصدر وجاهة اجتماعية في بعض الأحيان، أو بسبب انتشار أفكار غير صحيحة عن الولادة الطبيعي مثل تشوية بعض مناطق من الجسم،و عدم تحمل الألم وغيرها من المفاهيم الخاطئة.
والسبب الثالث حسب خالد أمين،هو عدم توافر مسكنات الألم والعوامل المساعدة في كثير من منافذ تقديم الخدمة الطبية، وطالب خالد بضرورة توفيرها، حيث إن معالجة الآلام المصاحبة للولادة تساعد في زيادة نسبة الإقبال علي الولادة الطبيعية.

 وذكر خالد أمين العديد من الأسباب الأخرى في زيادة القيصريات، مثل الدعاية الطبية الغير موفقة لبعض المنشآت الطبية،وغياب الحزم التحفيزية للسيدات اللاتي ولدن بشكل طبيعي، وطالب خالد بحزمة مميزات للسيدات اللاتي يولدن ولادة طبيعية مثل توفير ألبان لأطفالهن.

كما طالب خالد أمين بزيادة التغطية التأمينية والمالية للولادة الطبيعي وتقليل الفارق بينها وبين الولادة القيصرية حيث إن التغطية المالية للولادة الطبيعية منخفض ولا يتناسب مع أهميتها،و أكد د.خالد أمين على ضرورة تطبيق بروتوكولات طبية ملزمة بالمستشفيات الحكومية، والتأكيد على كتابة التشخيص الداعي الطبي للولادة القيصرية حيث نسبة القيصريات متزايدة بالمستشفيات الحكومية أيضًا.
وعن الحلول لمشكلة زيادة معدل الولادات القيصرية بمصر، أكدت  الدكتورة إيمان سلامة أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بطب سوهاج وعضو مجلس النقابة العامة للأطباء ضرورة توعية الرأي العام بفوائد الولادة الطبيعية وذلك من خلال ندوات موجهة للفتيات، وإعداد مادة علمية وتوعوية عن الصحة الإنجابية كمقرر دراسي أساسي في جميع الجامعات،إضافة إلى إنتاج إعلانات ممولة من وزارة الصحة في وسائل الإعلام المختلفة عن أهمية وفوائد الولادة الطبيعية أسوة بإعلانات المبادرات الطبية المختلفة. 

وشددت على ضرورة الإلتزام بالقواعد الإكلينيكية والدواعي الطبية لاختيار طريقة الولادة الآمنة من قبل مقدمي الرعاية الطبية، كما طالبت د.إيمان سلامة المرأة التمسك بحقها في المعرفة والحصول علي جميع المعلومات الخاصة بحملها وجميع المضاعفات محتملة الحدوث نتيجة الولادة الطبيعية أو القيصرية،و إتاحة البدائل حال سماح الحالة الصحية لها بذلك،و أكدت سلامة على أن يكون للنساء الحق في الإقرار بحرية ومسؤولية طريقة الولادة بعد المعرفة الكاملة بالتفاصيل.
وطالبت إيمان سلامة مقدمي الرعاية الطبية بتفسير وشرح وافي لكل إجراء طبي والشعور المترتب عليه للمراة الحامل، كما أكدت د.سلامة على حق المرأة في الحفاظ على سلامة أعضائها التناسلية وعدم الاستخفاف بشكواها وعدم التهوين من الآلام المصاحبة للولادة أو السخرية منها.

الجريدة الرسمية