غراب البين يكتب: إيه اللى بيعجبك فى الوظيفة الميرى؟!
واقف أنا على فرع الشجرة مستخبى ومنكمش بين جناحاتى والدنيا ليل وماحدش شايفنى من البنى آدمين اللى سهرانين على المقهى فى عز البرد عمالين ينفخوا فى الشيشة وكل طربيزه عليها موضوع مختلف عن الطربيزه اللى جمبها
اثنين من الشباب شكلهم راجعين من الشغل وقرفانين من الدنيا.. يقول احدهم انا تعبت من الشغل عند الناس.. انا نفسى ألاقيلى وظيفة حكومية مرتبها مضمون والواحد لما يكبر فى السن يلاقيلوا معاش يتعكز عليه.
فيرد عليه الآخر قائلا: يعنى هى البلد فيها وظايف؟!.. أنا كلمت عضو برلمان وكلمت كذا حد يشوفلى وظيفة وهكمل التلاتين سنه وبرضو لسه مافيش حاجه.. انا مش عارف إمتى هنتزوج ونفتح بيوت.. وثانيا هى فين العروسة اللى هتوافق تتزوج شاب ماعندوش وظيفة؟!
وهنا وقفت على رجلى ونفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوت قاق قاق فنظروا جميعهم فوق رؤوسهم وأخذوا يهشوننى ويقولون غور من هنا الله يحرقك.. جبتلنا الفقر يا غراب البين يا فقرى.
فقلت يا فكيك ورحت أبحث لى عن مكان آخر اقضى فيه ليلتى بعيدا عن هؤلاء البنى آدمين مدمنوا الوظائف الحكومية وضحايا الروتين وعشاق الوظيفة الميرى اللى عفا عليها الزمن ولم تعد حلما إلا للشباب المصريين فقط لا غير.
البنى آدمين فى مصر لسه مش عايزين يقتنعوا إن الوظيفة الحكومية بتسرق أعمارهم دون فائدة.. وأنا مش عارف إيه اللى بيعجب الشباب فى وظيفة يتم حبسهم فيها من الثامنة صباحًا حتى الثالثة عصرا دون أن يرى أحدهم الشارع؟
طب إيه اللى يعجبك فى وظيفة متقدرش تغيب عنها إلا بشهادة مرضية مختومة من مستشفى ميرى؟
إيه اللى بيعجبك فى وظيفة مرتبها مش بيزيد إلا كل عام مرة واحدة مجرد شوية جنيهات مش هيجيبو كيلو لحمة!
إيه اللى يعجبك فى وظيفة المبلغ الوحيد المتجمد اللى هتقبضو منها مش هتشوفو إلا بعد سن المعاش وطبعا مش هتعمل بيه حاجه لنفسك لأن عمرك هيكون انقضى وعندك ابناء منتظرين مكافأة المعاش
قال وظيفة ميرى قال!.. ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزة تخلف بنى آدمين!