غليان فى الأوقاف.. كواليس استيلاء الجمعية الشرعية على أملاك الوزارة
غليان في “الأوقاف”.. هكذا يمكن وصف ما يدور داخل أروقة وزارة الأوقاف التي تواجه أزمتين وهما التعديات على أملاكها والمطالبات بالتعيين خاصة من خريجي معاهد مقيمي الشعائر.
الأزمة الأولى وهي التعديات على أملاك الأوقاف أصبحت بمثابة عرض مستمر وهناك وقائع بالمستندات فى التعديات على أملاك الوزارة سبق أن انفردت "فيتو" بالكشف عنها حيث نشرت تفاصيل التعدى على أملاك الوقف فى محافظة الدقهلية والغربية والتعدى على 75م من حرم مسجد العمرى بمديرية أوقاف الغربية، بالإضافة إلى عدم تنفيذ قرار وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بإزالة التعدى على مساحة 80م من المسجد الكبير بالحجايزة.
وفى واقعة جديدة من وقائع التعديات على أملاك وزارة الأوقاف بمدينة حلوان، شهد مسجد المراغى واقعة تعد جديدة باستيلاء الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية التى تقوم حتى الآن بجمع تبرعات من الموطنين باسم مسجد المراغى، من خلال صناديق لجمع التبرعات تبعد عند المسجد حوالى 50 مترا حتى لا تقع تحت طائلة أو رقابة الأوقاف، بالإضافة إلى تأجير عربة لجمع تبرعات من الأهالى فى البيوت.
أملاك الجمعية الشرعية
واقعة التعدى الجديدة من الجمعية الشرعية التى تحمل اسم "العاملين بالكتاب والسنة" استولت على شقتين أعلى المسجد، وقامت الوزارة بإرسال لجنة من الأملاك للتحقيق فى الواقعة وصدر قرار من وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بمنع التعديات على مسجد المراغى.
الغريب فى الأمر أن الجمعية المسماة "العاملين بالكتاب والسنة" لم تستول على شقتين فقط، بل استولت على مدخل بمساحة واسعة خلف المسجد بعدما مكنهم من ذلك شخص يدعى "فايز" من فلسطين ويحمل (كارنيه) من منظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن ظل يخطب فى مسجد المراغى 14 عاما بسبب توليه صندوق الجمعية.. وبسبب التمكين لتلك الجمعية والعاملين فيها قاموا بالاستيلاء على شقتين من خلال تكسير حائط المسجد، وعلى الفور تحركت قيادات الوزارة وعلى رأسهم الشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، وأبلغوا الجهات الأمنية والتنفيذية فى وزارة الأوقاف.
وفى أول قرار بخصوص الواقعة السابقة حصلت "فيتو" على نسخة من قرار وزير الأوقاف رقم 152 لسنة 2021 بإزالة كافة التعديات على المسجد، والذى ينص فى مادته الأولى على إزالة كافة التعديات الواقعة من الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية على مسجد المراغى الكائن بـحلوان بمحافظة القاهرة، والمتمثلة فى قيام الجمعية بالاستيلاء على شقتين أعلى المسجد وإنشاء بوابة فى حرم المسجد وتوصيل ماسورة مياه من خط المياه الخاص بالمسجد وذلك بدون وجه حق وبدون سند قانونى، كما نصت المادة الثانية على العمل بهذا القرار من تاريخ صدوره وعلى جميع جهات الإدارة كل فى دائرة اختصاصه اتخاذ اللازم لإزالة التعدى ومنع التعرض وإعادة الحال إلى ما كانت عليه على أن يرجع على المعتدى بكافة مصروفات الإزالة.
معاهد التمريض
أما الأزمة الثانية التي تواجها الأوقاف، فعلى غرار معاهد التمريض التى يصفها البعض بـ"الحصان الرابح" فى الحصول على فرصة عمل أو وظيفة كبيرة فى اللحاق بمجال التمريض المتنوعة؛ جاءت فكرة معاهد مقيمى الشعائر التى أنشئت فى شهر سبتمبر 2008 بجامعات الأزهر بهدف الحد من الكثافة الطلابية واحتواء الطلاب ضعاف المستوى من خريجى الثانوية الأزهرية، وكذلك توفير فرص عمل لهؤلاء بعد التخرج مباشرة وهو لم يتحقق منذ الشروع فى عمل المعهد وتخرج المئات من الخريجين.
فمنذ بداية عمل معاهد مقيمى الشعائر التى تعرضت للإيقاف فى عام 2013 بقرار من الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، لم يتم تعيين أي من خريجى الدفعات فى وزارة الأوقاف رغم احتياجات المساجد لعمل مقيم الشعائر فى تلك الفترة بعد خروج أعداد كبيرة على سن المعاش.
ويأمل المئات من خريجى تلك المعاهد فى مختلف محافظات الجمهورية فتح مسابقات لهم على غرار الأئمة والعمال، خاصة أن طبيعة عمل مقيمى الشعائر تقتضى الإلمام بمهام عمل الإمام حال غيابة وهى مادة أساسية كانت تدرس فى المعهد بالإضافة إلى مواد الفقه والتوحيد واللغة العربية، حيث تستمر الدراسة لمدة عامين.. وكان من ضمن المحاضرين فى المعهد الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية وتدريس مادة خاصة بإدارة المسجد فى حالة عدم وجود الإمام، حيث طالب خريجى المعهد بفتح مسابقة للتعيين ولو على سبيل التعاقد مثل خطباء المكافأة.
من أيام شيخ الأزهر الأسبق الدكتور محمد السيد طنطاوى، ظهرت بوادر المعاهد الأزهرية المتخصصة مثل معهد مقيم الشعائر وقالوا لنا فى بداية الأمر هناك أمر تكليف للتعيين فى مساجد الوزارة.. بتلك الكلمات وصف الشيخ خالد مندور من خريجى معهد مقيم الشعائر الذى قام بالتحويل من كلية أصول الدين فرع أسيوط لمعهد مقيم الشعائر من أجل الحصول على فرصة التعيين فى مساجد الأوقاف، لكن جاءت الثورة فعصفت بآمال "مندور" والمئات من خريجى معاهد مقيمى الشعائر بالمحافظات، وبعد تخريج عدد من الدفعات من المعهد فوجئ الجميع بتوقف نشاطة فى عام 2013.
محاولات الشيخ مندور للتعيين داخل مساجد الأوقاف التى تعانى من العجز فى صفوف مقيمى الشعائر بأرمنت التابعة لمديرية أوقاف الأقصر باءت كلها بالفشل، فحينما يذهب بين الحين والآخر للإدارة بحثا عن فرصة عمل لتحسين أوضاعه المعيشية يكون الرد عليه بـ"مفيش مفيش، ووقت أما تيجى مسابقة يا شيخ هنبلغك، وفى الآخر لا لحقنا كليات عليا ولا التعيين فى الأوقاف، وانتهى بنا الأمر للعمل فى محل للبقالة".
مسابقات الوزارة
البعض من خريجى المعهد لم ينتظر للإعلان عن تعيينات فى الوزارة، وبادروا بالتقديم فى مسابقة خطباء المكافأة التى أعلنت عنها وزارة الأوقاف لسد العجز فى المساجد ومنهم الشيخ أحمد طلبة الذى تخرج من المعهد فى عام 2013 بعدما قام بالتحويل من كلية الشريعة والقانون أملا فى الحصول على وظيفة مقيم شعائر فى الأوقاف وهو يقول: "قولنا هيبقى حالنا زى معهد التمريض كده وبعد التخرج لم نجد وظائف فقدمت فى الخطابة واجتزت جميع الاختبارات وحصلت على تصريح بصعود المنبر من الوزارة".
مسابقات الأوقاف المتكررة خلال السنوات الماضية خلت تماما من مقيمى الشعائر، وكانت إما للأئمة أو للعمال، رغم أن مقيم الشعائر يستطيع أن يقوم بدور الإمام إذا تغيب عن المسجد لأى ظرف طارئ، هكذا يوضح الشيخ "طلبة" الوضع خلال السنوات الأخيرة مضيفا: "كلما خاطبنا رئيس القطاع الدينى السابق الشيخ جابر طايع فى أزمة مقيمى الشعائر يقول لنا انتظروا قريبا فى المسابقة القادمة أو تابعوا موقع الوزارة الرسمى، وحينما أرسلت للدكتور نوح العيسوى فى ذلك الأمر قال: حاضر بإذن الله ومن ساعتها لم يرد علينا".
نقلًا عن العدد الورقي…،