هكذا تثبت المخطوطات والوثائق إنسانية الحضارة الإسلامية
رغم الأزمة الكبرى التي تحياها البلدان العربية والإسلامية من جراء الصورة الذهنية السيئة التي حفرتها التيارات الإسلامية في أذهان بلدان العالم أجمع عن صورة العربي والمسلم، إلا أن المطلعين على الخرائط والوثائق المتعلقة بالحضارة الإسلامية يكتشفون أنها كانت في زمنها إنسانية بامتياز وسابقة على الجميع في إعمال العقل والفكر بالتوازن مع الروح.
المخطوطات العربية
قال عبد الله الرشيد، الكاتب والباحث، إن المخطوطات العربية من أكبر وأكثر وأغنى الوثائق التي حققت أوسع انتشار وتمدد على مستوى الأرض، بمختلف الأنواع والحقب والأشكال وأوضح أن المخطوطات العربية في كل مكتبات العالم، وفي خزائن البيوت من أقصى الصين شرقًا، وحتى أقاصي أوروبا غربًا، وفي أعماق قارتي أمريكا، وأدغال آسيا.
وأضاف: الوثائق العربية القديمة منتشرة في خزائن المكتبات العالمية وأراشيف الجامعات والمتاحف العالمية، وتحمل دلالة بالغة عن حجم النهضة الثقافية التي وصلت إليها الحالة العربية في القرون المبكرة من تاريخ الحضارة الإسلامية.
وأختتم: هذا الانتشار الهائل للوثائق العربية والمخطوطات والبرديات أكبر دليل عن المكانة البالغة التي احتلتها الثقافة العربية والإسلامية التي كانت سفيرة المعرفة بين أبناء الأرض، على حد قوله.
ما هي المخطوطات الإسلامية ؟
يقصد بالمخطوطات الإسلامية التراث الإسلامي المكتوب بخط اليد، وقد عُنِي المسلمون بالمخطوطات عناية كبيرة لكونها السبيل الوحيد للحفاظ على ما أنتجه العقل من علوم ورسائل.
كانت في بدايتها تتعلق بالقرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية أو ما يتعلق بهما ويخدمهما، فجعلوا منها تحفًا فنية ثمينة وتركوا فيها تراثا فنيا عظيمًا، وهذا التراث الإسلامي تحتفظ به متاحف ومكتبات العالم، إذ يوجد بمدينة إسطنبول وحدها ما يربو على مئة وأربعة وعشرين ألفًا من المخطوطات النادرة، معظمها لم يدرس من قبل، بخلاف ما يوجد في مصر والمغرب وتونس والهند وإيران وسائر المتاحف والمكتبات العالمية.
تطورت صناعة المخطوط الإسلامي بشكل لم يسبق له مثيل في أي فن من الفنون السابقة على الإسلام في دقّة زخارفها المذهَّبة وجاذبية صورها وإبداع ألوانها وجمال خطها ورشاقته، وكان فن صناعة المخطوط في العصر الإسلامي والعناية بجودة الخط أمر طبيعي في العالم الإسلامي.
وكان الخطاطون يتمتعون بمكانة مرموقة بخاصة في العراق وإيران ومصر وتركيا، لاشتغالهم بكتابة مخطوطات المصاحف إلى جانب نسخ مخطوطات الأدب والشعر، ولذا تقدّم فن تحسين الخط تقدمًا كبيرًا وبخاصة بعد أن اهتمّ الأمراء والسلاطين بهذا الفن، فأقبلوا على شراء المخطوطات الكاملة أو النماذج من كتابة الخطاطين المشهورين.