التقرير السنوي للغرف العربية يؤكد اختلاف الترتيب النسبي للصعوبات بين الدول
نشر الاتحاد العام للغرف التجارية الفصل الخامس من التقرير السنوي السادس لاتحاد الغرف العربية الاستثمارات الخارجية المباشرة، والذي جاء فيه أن موازين المدفوعات تأثرت بكل من انخفاض تحويلات المهاجرين التي تشكّل نسبًا تصل في بعض الدول إلى نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، خصوصًا في الدول العربية في شمال أفريقيا، والتي أصبح مواطنوها المهاجرين إلى أوربا أكثر عرضة للبطالة، إلى جانب انخفاض الدخل السياحي بسبب أوضاع عدم اليقين التي أفرزتها الأجواء السياسية في المنطقة، وتراجع حجم الصادرات في عدد من الدول، مثل ليبيا وسوريا وغيرها.
وأوضح التقرير أن الأوضاع التي مرت أثرت على قدرات تحرك الشركات والدول بحد ذاتها، وخصوصًا بالنسبة للشروط التجارية الدولية التي باتت أكثر تشددًا، حتى وصلت في بعض الحالات إلى ضرورة الدفع المسبق للتمكن من الاستيراد، بما أثر بدوره على معدلات النمو التي تراجعت عام 2011 بنحو 1.7 في المئة في دول المغرب العربي، مقابل نمو بسيط عند معدل 1.8 في المئة لدول المشرق العربي، بالمقارنة مع معدلات إيجابية بلغت عام 2010نحو 2.4 في المئة للمجموعة الأولى و4.8 في المئة للمجموعة الثانية.
وحدث ذلك فيما استمر استنزاف الاحتياطات المالية في دول التغيير، حيث وجدت الحكومات الجديدة لهذه الدول نفسها في أوضاع دقيقة لعدم امتلاك الإمكانيات التي تسمح بالتجاوب مع الطموحات المشروعة للعدالة الاقتصادية والاجتماعية التي شكّلت عنوان حركات التغيير التي قامت بها الشعوب خلال العام الانتقالي 2011.
ومن هنا، فإن الاستثمارات الخاصة، وبالأخص منها الاستثمارات الخارجية يمكن أن تشكّل أحد أهم الرافعات التي يمكن الاعتماد عليها. ولكن ذلك يشترط توفر عامل أساسي وهو استعادة الثقة بتوقعات إيجابية لاتجاهات الاقتصادات لكل من المراحل الحالية والقادمة. وفي هذا الإطار هناك نمط استثماري مشجّع برز خلال عام 2011، ويتعلق بتحول اتجاهات الاستثمار نحو ثلاثة قطاعات هامة، وهي: القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة، والقطاعات المستقبلية، مثل المواد الطبية والبرامج الإلكترونية، والقطاعات الإستراتيجية، مثل الصناعات الغذائية، وذلك على عكس الاتجاهات التقليدية التي كانت تؤثّر الاستثمار في المشروعات المصرفية، والعقار، والمشروعات العامة، وصناعة الإسمنت، والتي تتسم عمومًا بمحدودية قدرتها على خلق فرص العمل.
وأشار التقرير إلى أن أهم المعوقات لا تزال صعوبة التمويل تحل في مقدمة 15 سببًا للمعوقات التي تواجه الاستثمار الخاص في الدول العربية 26. ويلي ذلك في الأهمية النسبية البيروقراطية الحكومية، ثم تشريعات العمل، والكفاءة العلمية للعمال، والفساد، وتردي كفاءة البنى التحتية، وأخلاقيات العمل للعمال، واستقرار السياسات، والاستقرار الحكومي، ومعدلات الضريبة، والتضخم، ونظم الضريبة، ونظم العملة الأجنبية، وتردي الصحة العامة، والجريمة والسرقة.
ولفت التقرير إلى اختلاف الترتيب النسبي للصعوبات بين المناطق والدول، حيث تُعتبر تشريعات العمل في مقدمة المعوقات التي تواجه القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصًا لكل من البحرين وسلطنة عُمان وقطر والكويت، مقابل صعوبة التمويل في الدول الأخرى بشكل عام. ويأتي في مقدمة المعوقات بالنسبة لكل من الأردن وتونس البيروقراطية الحكومية، مقابل صعوبة التمويل لكل من الإمارات والجزائر والسعودية والمغرب وموريتانيا. ويُعتبر الاستقرار الحكومي في طليعة الصعوبات بالنسبة لكل من مصر ولبنان، فيما أكثر ما يعاني كل من ليبيا وسوريا من الفساد، مقابل ضعف الكفاءة العلمية للعمال في اليمن.
وأكد التقرير الحاجة إلى مضاعفة جهود مؤسسات الترويج للاستثمار، تجاه الاضطرابات الأخيرة في عدد من دول الربيع العربي، اتخذت غالبية المستثمرين موقفًا حذرًا وآثروا الترّيث والانتظار ريثما تستقر الأمور وتتبين الاتجاهات التي سترسو عليها. ويمثل هذا الأمر تحديًا أساسيًا أمام مؤسسات الترويج للاستثمار في الدول العربية التي عليها أن تضاعف جهودها وتعمل على وضع مبادرات جديدة لمعاكسة العوامل السلبية واستقطاب أكثر ما يمكن من اهتمام لدى المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين.
وهناك دور أساسي للمؤسسات الحكومية المعنية بالترويج للاستثمار في التأثير على قرارات المستثمرين. ذلك أنه في مقابل كل دولار ينفق على الترويج للاستثمار، يتدفق مقابله مقدار 189 دولارًا من الاستثمارات الخارجية المباشرة. كما أن هذه الاستثمارات تستطيع أن تخلق وظيفة واحدة في كل مرة يتم فيها إنفاق 78 دولار على الترويج للاستثمار.
وعلى الرغم من التقدم المحقق في مجال مؤسسات تشجيع الاستثمار في المنطقة العربية، لا يزال هناك نقص كبير في مجال تقديم الخدمات للمستثمرين، خصوصًا في مجال التعامل مع الطلبات التي تقدم للاستثمار في شتى المجالات.