رئيس التحرير
عصام كامل

التقرير السنوي للغرف العربية يؤكد تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة

أحمد الوكيل رئيس
أحمد الوكيل رئيس الإتحاد العام للغرف التجارية المصرية

نشر الاتحاد العام للغرف التجارية الفصل الخامس من التقرير السنوي السادس لاتحاد الغرف العربية الاستثمارات الخارجية المباشرة بكافة أبعادها من تدفقات ومشروعات وأنماط في ظل تفاقم تأثير الأزمات الإقليمية والدولية والمعوقات المتجذرة التي تواجه حرية انسياب الاستثمار بين الدول العربية بسبب استمرار التمسك بالقطرية ولو على حساب النظرة المستقبلية.


وذكر التقرير في فصله الخامس أنه تأثرت حركة الاستثمار خلال الفترة الأخيرة بانعكاسات الأزمة المالية العالمية وتداعيات الربيع العربي. وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد إلى الدول العربية بنسبة 37.4 في المئة من 68.6 مليار دولار عام 2010 إلى 43 مليار دولار عام 2011، كما شهدت الاستثمارات العربية البينية انخفاضًا بالغًا من 35.4 مليار دولار عام 2008 إلى 6.8 مليارات دولار عام2011.

ولكن الصورة مختلفة بين منطقة وأخرى، حيث شهدت عدة دول من مجلس التعاون الخليجي زيادات في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد سجّل عام 2011 التراجع الأكبر للاستثمارات الخارجية المباشرة إلى مصر التي انخفضت بنسبة 65 في المئة، وتلاها في ذلك لبنان، ثم الأردن، المغرب، وتونس. ومن المتوقع أن يكون عام 2012 قد شهد مزيدًا من الانخفاض، خصوصًا مع التراجع الملحوظ في عدد المشروعات الاستثمارية المعلن عنها خلال العام.

وأوضح التقرير تراجع عدد المشروعات المعلن عنها في عام 2011 في الدول العربية في منطقة البحر الأبيض المتوسط بنسبة 22 في المئة، حيث بلغت 647 مشروعًا مقابل 834 مشروعًا للعام السابق. أما على مستوى قيمة المشاريع، فجاء الانخفاض أكثر شأنًا ليسجّل تراجعًا بنسبة 31 في المئة من 38.5 مليار يورو عام 2010 إلى 26.5 مليار يورو عام 212011. كما سجّل متوسط حجم المشروعات تراجعًا متواصلًا، بمعدل 41 مليون يورو لعام 2011، مقابل 45 مليون يورو عام 2010، و90 مليون يورو عام 2006.

ولفت التقرير إلى أنه تشهد مشروعات تراخيص الامتياز التي تشهد نموًا لافتًا في المنطقة العربية استأثرت بنحو ربع مشروعات الشراكة، كما بلغت حصة مكاتب التمثيل نحو ثلثها، مقابل حصة مماثلة لاتفاقيات التجارة والتنمية بين الشركات الوطنية والأجنبية.

أما في ما يتعلق بنوع المشروعات الجديدة، فقد استمر النمط السابق في إيثار المستويات المنخفضة من الالتزامات، والذي انعكس بتفضيل المشروعات الأصغر نسبيًا، أو الاتجاه إلى توسيع المشروعات المقامة، أو إقامة مشروعات مشتركة تتوزع فيها المخاطر بين الشركاء، أو الشراكات، وغيرها. ويظهر الجدول التالي حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة خلال السنوات الأخيرة في عدد من الدول العربية، حيث سجّلت سوريا أعلى نسبة تراجع بلغت 94 في المئة على أساس سنوي في عام 2011، في مقابل أعلى نسبة ارتفاع سجلتها الجزائر بنحو 96 في المئة للعام ذاته.

كما سجّل انخفاض بنسبة 73 في المئة في ليبيا، و59 في المئة في مصر، و50 في المئة في المغرب، و40 في المئة في تونس، و14 في المئة في الأردن. وتعود هذه التطورات الحادة والمتفاوتة إلى عدة عوامل. ففي الجزائر سجّل ارتفاع كبير في الاستثمار بسبب الانخفاض الحاد فيه عام 2010، علمًا أن عدد المشروعات لعام 2011 يبقى ضئيلًا كما كان عام 2003، وإن يكن توزيع هذه المشروعات جاء أكثر تنوعًا من السابق.

وقد استضافت الجزائر مشروعات كبيرة من مستثمرين خليجيين في مجالي المصارف والعقار، ومن الأردن في مجال صناعة الدواء وقطاع الطاقة. وتأثّرت أوضاع الاستثمار في كل من تونس والمغرب كثيرًا بالأزمة الأوربية، فيما أثّرت ثورة التغيير في تونس في قيمة وعدد المشروعات، وكذلك الحال في ليبيا التي لم يبق فيها عام 2011 سوى 7 مشروعات.

وقال التقرير أنه فيما نأت معظم الدول العربية بنفسها عن الجولة الأولى من الأزمة الاقتصادية العالمية، غير أن الجولات اللاحقة لها كان لها تأثيرات متنوعة، تمثلت خصوصًا بانخفاض الصادرات بعد أزمة الديون السيادية الأوربية.

وقد حدث ذلك في ظل مرحلة بالغة الحساسية والتعقيد انطلقت في عام 2011 مع اندلاع ثورات الربيع العربية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، والتي نجحت في إحداث تغييرات جذرية في السلطات الحاكمة في الدول الأربع الأولى، بينما لا تزال الحرب الداخلية مستمرة في الأخيرة. وقد عانت جميع هذه الدول ومعها الدول العربية الأخرى المستوردة للنفط من تداعيات متفاوتة، حيث سجّلت التدفقات الاستثمارية الخارجية المباشرة عام 2011تراجعًا إلى المستوى الأدنى خلال السنوات الست الأخيرة.

ولذلك لم يكن من المستغرب خلال هذه المرحلة الدقيقة أن تشهد أسواق الاستثمار في المنطقة العربية قيام المستثمرين بمراجعة شاملة لاستراتيجياتهم الاستثمارية. ويظهر مسح للمستثمرين أجري خلال صيف 2011 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن 11 في المئة ألغوا استثمارات كانت مخططة في المنطقة، وأن 6 في المئة سحبوا استثماراتهم من مشروعات وظفوها فيها، مقابل نسبة 25 في المئة قاموا بتجميد عملياتهم، فيما قام 18 في المئة منهم بإعادة توزيع استثماراتهم في المنطقة.

وكانت المرحلة الأصعب في الربع الثالث من عام 2011، حيث توقف بعدها عدد المشروعات الاستثمارية عن الانخفاض. ومع أن الأشهر الستة الأولى من عام 2012 لم تعرف نموًا لافتًا لعدد المشروعات، لكن حجم الاستثمارات الموظفة كانت أكثر شأنًا، حيث يتوقع أن تستطيع بنهاية عام 2012 من الوصول مجددًا إلى المستوى المحقق عام 2010، أي العام السابق لاندلاع ثورات الربيع العربي.
الجريدة الرسمية
عاجل