معضلة دونباس بين موسكو وكييف.. روسيا تهدد بالنووي.. والاتحاد الأوروبي وواشنطن على خط الأزمة
حبس العالم أنفاسه بعد تهديدات روسيا بالأسلحة النووية التكتيكية لوقف نفوذ الاتحاد الأوروبية والولايات المتحدة في أوكرانيا.
وتشكل المعضلة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا في دونباس وشبه جزيرة القرم مشكلة تؤرق العالم خاصة بعد أن أعلنت موسكو أنها لا تثق في الناتو.
عواقب إستراتيجية وخيمة
وحذرت فرنسا في نبأ عاجل بحسب قناة العربية روسيا من "عواقب إستراتيجية وخيمة" إذا غزت أوكرانيا.
ومن جانبها قالت الخارجية الروسية: "لا يجب الوثوق بحلف الناتو والوضع في أوكرانيا يدعو للقلق"، في إشارة إلى التوتر الشديد على الحدود بين موسكو وكييف.
وأضافت الخارجية الروسية: "ندعو الغرب لحث أوكرانيا على تنفيذ اتفاقيات مينسك".
التحركات العسكرية الروسية
وكان دبلوماسي روسي رفيع حذر من أن موسكو سترد "عسكريا" وتنشر أسلحة نووية تكتيكية إذا لم يتعهد حلف شمال الأطلسي (الناتو) بإنهاء توسعه شرقًا.
وذكر موقع "صوت أمريكا" أن تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف تزيد المخاطر في المواجهة بين روسيا والقوى الغربية بعد أيام على مؤتمر افتراضي عقده الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين؛ بهدف نزع فتيل أزمة متنامية بشأن التحركات العسكرية الروسية قرب الحدود الأوكرانية، حيث يقدر أن الكرملين حشدت ما يقرب من الـ100 ألف جندي.
شبه جزيرة القرم
ويأتي التهديد وسط تزايد المخاوف من أن بوتين يفكر في شن توغل عسكري آخر في أوكرانيا في تكرار لضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 والاستيلاء على جزء كبير من منطقة دونباس شرق أوكرانيا.
وخلال مكالمة هاتفية الإثنين، كرر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للزعيم الروسي التحذيرات من أن أي تكرار لسيناريو 2014 سيكون له "عواقب وخيمة" وأي "عمل يزعزع الاستقرار" تشنه روسيا سيقابله رد موحد للدول الغربية.
وفي أعقاب المكالمة بين جونسون وبوتين، قال ريابكوف لوكالة "ريا نوفوستي" إن "الرد الروسي سيكون عسكريًّا"، إذا واصل حلف الناتو تسليح أوكرانيا، موضحًا أن "عدم إحراز تقدم تجاه حل سياسي دبلوماسي سيعني أن ردنا سيكون عسكريًّا وعسكريًّا تقنيًّا.
أسلحة محظورة
وأضاف: "ستكون هناك مواجهة"، لافتا إلى أن روسيا ستنشر أسلحة تم حظرها في السابق بموجب معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وهي اتفاقية للحد من الأسلحة أبرمها الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريجان عام 1987 مع الرئيس السوفياتي ميخائيل جورباتشوف.
وانتهت المعاهدة عام 2019 لكن لم تتحرك واشنطن وموسكو نحو نشر الأسلحة النووية التي حظرتها في السابق.
وطبقًا لمسؤولين بريطانيين، أكد جونسون لبوتين أهمية إجراء "حوار بشأن الأمن الدولي الإقليمي" وحاجة جميع الأطراف إلى مراعاة اتفاقيات مينسك التي وقعتها روسيا وأوكرانيا عام 2015 واستهدفت إنهاء القتال في منطقة دونباس.
وتتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات بالفشل في الالتزام باتفاقيات مينسك.
الأزمة مترامية الأطراف
وفي ذلك الصدد قال الخبير في الشؤون الدولية مكسيم يوسين من موسكو، بحسب (DW عربية) إن الأزمة مترامية الأطراف، مشيرًا إلى أن روسيا "لا تنوي غزو أوكرانيا؛ فلو أرادت ذلك لفعلته في عام 2014 عندما كان الجيش الأوكراني غير موجود".
واعتبر أن الهدف من تصريحات الرئيس الأوكراني بالأساس هو حشد الناخبين الوطنيين أو القوميين، خاصة مع تراجع شعبيته في البلاد؛ ويعتقد الخبير الروسي أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يريد، أولًا: إظهار نفسه كـ "أهم وطني في البلاد" من خلال إبراز نفسه كقائد للقوات المسلحة يدافع عن بلده ويتصدى للعدوان الروسي المفترض.
ضغط الغرب على روسيا
أما الهدف الثاني، بحسب الخبير، فهو إعاقة روسيا من خلال "وضع أكبر قدر ممكن من المشاكل في طريقها واستفزازها"، وإعطاء فرصة للغرب للضغط عليها من خلال فرض العقوبات. حيث ترى الدبلوماسية الأوكرانية أن العقوبات الغربية ستساهم في إضعاف الاقتصاد الروسي وستخلق مشاكل قومية واجتماعية في روسيا وبالتالي ستشهد البلاد انتفاضة ضد بوتين. وعلى خلفية هذه الأحداث ستستطيع أوكرانيا استرجاع القرم ودونباس.
الغزو الروسي
ومن جهته، يقول رئيس تحرير موقع "أوكرانيا برس"، من كييف، صفوان جولاق بحسب (DW عربية): إن تصريحات الرئيس الأوكراني بخصوص الغزو الروسي، ليست بالجديدة أو وليدة اللحظة، بل تكررت خلال الأعوام القليلة الماضية، خاصة أن "الغزو قد بدأ بالفعل". كانت أوكرانيا تقول إنها تحارب الانفصاليين في شرق البلاد، أما الآن فإنها "تحارب روسيا بشكل مباشر".
ويضيف جولاق أن تصريحات الرئيس الأوكراني تعبر عن مخاوف حقيقية.
وخلص رئيس تحرير موقع "أوكرانيا برس" جولاق ان ما يحدث الآن بأنه محاولة روسية "للاستحواذ" على مناطق جديدة في شرق أوكرانيا. ولذلك يرى أن ما يقوله الرئيس الأوكراني "منطقي ويستند إلى حقائق على الأرض".
وبين التهديدات الروسية والتحذيرات الأوروبية الأمريكية يحبس العالم أنفاسه في أزمة تعيد في الأذهان رعب الدمار النووي بين القوى العظمى في العالم على غرار ازمة الصواريخ الكوبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والتي جعلت العالم على وشك الصدام النووي.
القوات الروسية على حدود أوكرانيا
وأثارت تعزيزات للقوات الروسية على طول الحدود مع أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم القلق في العواصم الغربية، وأججت جدالا محتدمًا بين صناع السياسات الغربيين بشأن نوايا بوتين.
ومن جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يضغط على الناتو للاعتراف ببلده عضوا، للمراسلين، الثلاثاء، إن أوكرانيا تخلت عن ترسانتها النووية مقابل ضمانات أمنية من روسيا التي لم تحترمها أبدا، متسائلًا: "كيف نثق في أي وعود روسية؟".
وطالب بوتين القوى الغربية بضمانات خطية تفيد بأن أوكرانيا لن تصبح قاعدة للناتو، كما طالب وزير الخارجية الروسي واشطن بأن تغلق رسميًا الباب أمام عضوية أوكرانيا وجورجيا في الناتو.
وأيضا طالب وزير الخارجية بضمان من التحالف الغربي بعدم نشر الأسلحة التي تهدد أمن روسيا على حدودها الغربية.