رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: تارك الرحمة شقي وينتظره غضب الله

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق، كما حذر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمته بأن ترك هذه الصفة الحميدة قد تستوجب غضب الله يوم القيامة.
وأكد جمعة أن الرحمة لا تنزع إلا من شقي؛ لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي.

تارك الرحمة وغضب الله

وكتب علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "الرحمة من أخلاق الإسلام التي مدحها الله ورسوله في الكتاب والسنة، وهي من الأخلاق التي يترتب عليها كثير من الخير في الحياة الدنيا بمجالاتها المختلفة، كما يترتب عليها كثير من الثواب في الآخرة، وقد رحمنا الله رحمة بالغة عندما أعلمنا أنه رحيم سبحانه تهدأة لروعنا، فبعد أن أخبر أنه الرحمن الرحيم أخبر بأنه كتب على نفسه الرحمة ليطمئن عباده: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام:12] كما بين لنا سبحانه وتعالى أن رحمته لنا ليست عن حاجة وميل إلينا- تعالى عن هذا علوًا كبيرًا- بل رحمته نابعة من غناه عنا سبحانه وتعالى إذ يقول: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) [الأنعام:133].
وقال "وأمر الله عباده بالتخلق بهذا الخلق القويم لاسيما مع أصحاب الحقوق علينا كالوالدين إذ يقول سبحانه: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:24].

الراحمون يرحمهم الرحمن

وأضاف جمعة "ولأن هذه الأمة هي أمة الرحمة والهداية دأب المحدثون في تبليغهم حديث رسول الله ﷺ لطلبة العلم على أن يستفتحوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية، هذا الحديث الذي انقطعت أوليته عند سفيان بن عيينه الذي يرويه عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى لعبد الله بعد عمرو عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء» (رواه أحمد وأبو داوود).
وتابع جمعة "وورد عن رسول الله ﷺ أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق، وقد حذر رسول الله ﷺ أمته بأن ترك هذه الصفة الحميدة قد تستوجب غضب الله يوم القيامة حيث قال ﷺ: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس» (رواه ابن أبي شيبة والديلمي) وسبب ورود هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قبّل الحسين بن علي رضي الله عنهما وقال الأقرع: لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا فنظر إليه النبي ﷺ وذكر له الحديث.

الرحمة تنزع من الشقي

وقال "وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ الصادق المصدوق أبا القاسم صاحب هذه الحجرة يقول: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» (رواه أحمد وابن أبي شيبة) فالرحمة لا تنزع إلا من شقي ؛ لأن الرحمة في الخلق رقة القلب،ورقته علامة الإيمان،ومن لا رقة له لا إيمان له،ومن لا إيمان له شقي ؛فمن لا يرزق الرحمة شقي، فعلم أن غلظة القلب من علامة الشقاوة.
وأضاف "وقد حث النبي الكريم ﷺ على الرحمة مع كل الخلق بل وحث على الرحمة مع الحيوان في موقف قل من يتذكر الرحمة فيه وهو موقف ذبح الحيوان فقد ثبت في سنته ﷺ أن رجلًا قال للنبي ﷺ: إني لأذبح الشاة وإني أرحمها أو قال: إني لأرحم الشاة إذا ذبحتها فقال: «إن الشاة إن رحمتها رحمك الله مرتين» (المصنف لابن أبي شيبة).
وتابع جمعة "وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له» قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: «في كل ذات كبد رطبة أجر» (رواه البخاري ومسلم).

وقال "وقد طبق المسلمون الرحمة في حضارتهم بصورة عملية في كثير من مؤسسات الخير ليس فقط في المستشفيات ودور الإيواء للإنسان بل امتدت رحمتهم إلى الحيوان كما أمرهم بذلك شرعهم الحنيف حيث أنشأوا مساقي الكلاب رأفة بهم لقول النبي ﷺ: «في كل ذات كبد رطبة أجر» ولما علموا أنه قد دخلت امرأة النار في هرة حبستها ودخلت أخرى الجنة في كلب سقته"


واختتم جمعة حديثه قائلًا: "وفي العصر المملوكي وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الدهب بنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير، وهكذا كان المسلمون يحولون إرشادات رسول الله ﷺ إلى واقع عملي يعيشون فيه فحازوا الشرف والعز وخيري الدنيا والآخرة.رزقنا الله بالأخلاق الفاضلة وجعلنا من الرحماء ليس بالناس وحدهم بل بالكون كله".
 

الجريدة الرسمية