كيف يضر العمران المستمر في الدولة بمستقبل التيار الديني؟
تفوت الدولة المصرية على الإسلاميين واحدة من أخطر الكروت التي كانت تساهم عمليا في نشر أفكارهم ومد جذور التنظيمات التابعة لهم إلى قاع المجتمع، فإبقاء الفقر والعشوائيات يسمح باستمرار التجنيد مما يعني استمرار الفكرة وبقائها، بغض النظر عن قوة هذه التنظيمات على الأرض وتواجدها في الساحة السياسية أم لا، حيث يظل الملف حاضرا ولا يفارقهم.
ورغم تعدد الأسباب التي تقف خلف الإنضمام لتيارات الإسلام السياسي، لكن يبقى الجهل وتواضع مستوى الثقافة، أخطر الأسباب التي تسهل عملية التجنيد حتى الآن.
استغلال الدين
عبد الخالق حسين، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن معظم مؤسسي وقيادات أحزاب وجماعات الإسلام السياسي في العالم الإسلامي ليسوا رجال دين، بل يستغلون الدين ومشاعر الناس الدينية لاقتناص السلطة.
ويوضح عبد الخالق أنهم يستغلون تواضع المستوى الثقافي والتعليمي للضحايا باسم الدين لإقناعهم بالحق المطلق لهم في حماية الدين والمذهب والإيمان بالله والفضيلة والكرامة والأخلاق.
ويمنحون هؤلاء البسطاء الحق في محاربة الإلحاد والرذيلة وكل ما يهدد أعرافنا وتقاليدنا وثقافتنا الاجتماعية الموروثة من الآباء والأجداد والسلف الصالح.
ويرى الباحث أن بسطاء الفكر هم أكثر الذين يمكن التأثير فيهم بروايات المؤامرة الأوروبية على الدين، فيصدرون لهم الحقد على الدول الغربية وحضارتها مع أنهم وأولادهم يحصلون على جنسيتها ويقيمون بها.
ويضيف: الإسلاميون والإخوان على وجه الخصوص زجوا بالدين في السياسة وشكلوا أحزابهم بشعارات لا حل إلا بالإسلام والقرآن دستورنا والرسول زعيمنا والموت سبيلنا حتى يجندون الشباب المسلم المحروم من كل شيء للموت، استغلالا لجهلهم وحرمانهم.
وتابع: عرضوا الشباب الفقير لعمليات غسيل دماغ، وحولوهم إلى أدوات طيعة ـ روبوتات ـ تنفيذ أوامرهم في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية وأبناء شعوبهم، من قتل وهتك عرض ونشر الخراب والدمار وكل ذلك باسم الله والإسلام.
الفقر والدين
ويوضح الباحث أن الإسلاميين الذين هيمنوا على السلطة في كل البلدان العربية لم ينجحوا في تحقيق ما وعدوا به شعوبهم الفقيرة المغلوبة على أمرها، وجعلوا أوضاعهم أسوأ آلاف المرات عما كانت عليه من قبل، إضافة إلى تفاقم الفساد والرذيلة والإلحاد ونفور الناس من الدين.
وأختتم: هذه الأجيال أصبحت شهود عيان على الأحداث الدموية والتجارب المأساوية المريرة التي حدثت خلال الأربعة عقود الماضية على أيدي الإسلاميين سواءً كانوا في السلطة أو خارجها.
استغلال البسطاء
عمران مختار، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن انتشار الجهل والخرافة وتسطيح العقول من أسباب انتشار الإرهاب.
وأشار إلى أن الإسلام السياسي، خلف ترسيخ المحاولات العبثية للتفتيش في ضمائر الناس والسعي المحموم لاستغلال البسطاء في ترسيخ ثقافة رجعية ترغب في العودة إلى دهاليز الماضي وتأبى مسايرة التقدم التاريخي والعلمي والبشري في كافة المجالات.
ويرى مختار أن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى نشر الحداثة التي تقوم على قيم العقلانية والحرية حتى ينهض المجتمع ويتقدم، فكلما ارتقى الإنسان بعقله تراجعت انتماءاته للقبيلة والعرق والدين وأصبح أقرب للإنسانية حيث لا يصنف البشر إلا من خلال سلوكهم ومواقفهم الإنسانية المنحازة للعدالة.
ويختتم الباحث، أن استمرار الإسلام السياسي تنظيماته الانتهازية لا تعني سوى المزيد من تعقد الأوضاع والتبعية والقهر والاستغلال على جميع المستويات.