بحيرة ومدينة أسفل أهرامات الجيزة.. قناة ديسكفري تعيد مزاعم غمر المنطقة بالمياه
زعمت قناة "ديسكفري" من خلال موقعها على شبكة الإنترنت، أن أهرامات الجيزة وتمثال أبو الهول، غمرتهم المياه قبل قرون طويلة، وهو الأمر الذي تحدثت عنه فى 2017 صحيفة "إكسبريس" البريطانية، ونفى تلك المزاعم حينها، الدكتور زاهى حواس عالم المصريات.
وقالت "ديسكفري"، في المقال الذي استندت فيه لمراجع ومقالات سابقة لتعزيز مزاعمها، أن فكرة أن الأهرامات وأبو الهول في هضبة الجيزة قد غُمرتا مرة واحدة تحت كمية كبيرة من المياه، أثارت قلق الخبراء الذين شككوا في هذا الاحتمال لعقود.
وتابعت: جادل العلماء بأدلة دامغة على أن المناظر الطبيعية بأكملها في الجيزة، بما في ذلك الأهرامات وأبو الهول، تظهر علامات تآكل مائي واضحة، مبينة أن هذه الشواهد دفعت عديد من العلماء إلى الاعتقاد بأن المقبرة القديمة كانت مغمورة تحت سطح البحر.
وادعت أنه، بخلاف علامات التعرية المائية التي شوهدت في أبو الهول وأجزاء أخرى من الهضبة، هل هناك أي شيء آخر يمكن أن يثبت أن المنطقة كانت مغمورة بالمياه.
واستشهدت بأقوال سابقة لعالم الآثار شريف المرسي، الذي عمل بشكل مكثف في هضبة الجيزة منذ أكثر من عشرين عامًا، وزميله أنطوان جيجال، واكتشاف حفرية غريبة في هضبة الجيزة، وإن ذلك يدعم النظريات القائلة بأن الهرم، وكذلك أبو الهول، كانا مغمورًا تحت الماء.
كما أعادت التذكير بما قاله الدكتور روبرت إم. شوش، أن الهياكل الأثرية فى هضبة الأهرام أقدم بكثير مما يقترحه العلماء السائدون وأن المنطقة بأكملها كانت مغمورة تحت الماء في يوم من الأيام.
وفي أوائل التسعينيات، اقترح الدكتور شوش أن تمثال أبو الهول بالجيزة كان أقدم بآلاف السنين مما يقبله علماء الآثار حاليًا وأنه تم إنشاؤه بين 5000 و9000 قبل الميلاد.
واستندت هذه النظرية إلى مظاهر التآكل الذي سببته المياه المكتشفة في آثار الجيزة والمناظر المحيطة بها.
وأوضحت أن، المرسي وزملاؤه حاولوا إثبات صحة هذه النظرية من خلال البحث في هضبة الجيزة عن أدلة قد تكشف الطبيعة الحقيقية للآثار.
وبلغ بحثهم عن إجابات في النهاية تمثلت ذروتها في اكتشاف يقترح الكثيرون أنه دليل قاطع على أهرامات الجيزة كانت مغمورة بالمياه.
وأوضح الخبير الأثري، المرسي، في مقال نُشر على موقع Gigal Research: أنه "خلال إحدى التوثيق فى المنطقة كدت أن أصل إلى كتلة من المستوى الثاني من المعبد".
وتابع: "لدهشتي، كانت النتوء على السطح العلوي للكتلة التي تعثرتني تقريبًا، في الواقع، هيكلًا خارجيًا لما يبدو أنه قنفذ البحر (قنفذ البحر)، وهي كائنات بحرية تعيش في المياه الضحلة نسبيًا ".
كما ركزوا على موقع المعبد من خلال صور فضائية، وقالوا إنه ربما كانت توجد بحيرة سابقة عندما غطت مستويات مياه المنطقة بأكملها، بما في ذلك تمثال أبو الهول، بالإضافة إلى مجمعات المعبد التي تحيط بها.
وأعاد الحديث عن الحيوان الغريب الذي عثر عليه ويشبه تمثال أبو الهول الموجود على الحجر الجيري قد تعرض للتآكل، وأن المخلوق المتحجر كان في الواقع، جزءًا من الحجر الجيري الأصلي، الذي تشكل منذ حوالي 30 مليون سنة.
ومع ذلك، أوضح المرسي أن المخلوق تم تحجره في وقت قريب نسبيًا. وأشار الباحث إلى أن المخلوق وجد موضوعًا جاذبيًّا على الأرض وفي حالة ممتازة تقريبا، ويقع ضمن نطاق المد والجزر للبحيرة.
ويظهر أبو الهول وهرم الجيزة الأكبر أيضًا دليلًا على حدوث فيضان كبير، وفقًا للمرسي، فإن المستويات العشرين الأولى من الهرم الأكبر في الجيزة تحمل أدلة على التعرية الناجمة عن تشبع المياه العميقة، ووفقً للباحثين، من الصعب توفير جدول زمني دقيق، حيث يُعتقد، في آخر 100000 ألف عام، أن مستويات سطح البحر في المنطقة قد تقلبت بأكثر من 120 مترًا.
ويشار إلى أنه في نوفمبر 2019، قال الدكتور خالد العناني وزير الآثار، لصحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، إن علماء الآثار المصريين يبحثون لغز "حيوان غريب جدا"، قد يكون "أسدًا أو لبؤة" يعتقد أنه قد يشكل الأصل وراء هيئة تمثال أبو الهول بالجيزة.
كما زعمت نفس الصحيفة -ديلى إكسبريس- فى تقرير مطول نشرته عام 2017، أن المؤرخين البريطانيين، مالكولم هوتون، وجيرى كانون، يعتقدان أن أبا الهول الجالس على هضبة الجيزة أمام الأهرام، قائم على مدينة سرية تحت الأرض، ومن المتوقع أن تكون ثمة عدة أنفاق وممرات تفضى إلى تلك الحاضرة المختفية، وذلك فى كتابهما الرابع "أسرار هضبة الجيزة وأبو الهول الثاني".
وأن مؤرخين بريطانيين يعتقدان أن الثقب الموجود فى رأس أبو الهول يقود إلى سر هائل ومدينة أثرية ضخمة، وأن هناك عدة أنفاق وممرات وبحيرة حول أبو الهول تؤدى إلى تلك المدينة، أن فتحة رأس أبو الهول تؤدي إلى هذه المدينة الغارقة.
ومن جانبه قال عالم المصريات الدكتور زاهى حواس، خلال بيان صحفى أصدره حينها، أن تلك الادعاءات لا تمت للواقع بأية صلة، وليس لها أى دليل علمى على الإطلاق، ولدينا صور للحفر الذى تم أسفل أبو الهول تبين أن "أبو الهول" صخرة صماء لا يوجد أسفلها أي ممرات.
وأضاف زاهى حواس، أنه عندما ارتفع منسوب المياه الجوفية أمام "أبو الهول" وقام فى ذلك الوقت مركز هندسة الآثار بجامعة القاهرة بحفر 22 حفرة حول "أبو الهول" من جميع جوانبه بعمق 20 مترا تحت الأرض في الصخرة، ثبت بما لا يدع مجالا للشك عدم وجود أي ممرات حول التمثال أو أسفله وأنه منحوت من صخرة هضبة الهرم.
وأضاف عالم المصريات، أنه أثناء عمليات التنظيف للتمثال تم العثور على 4 سراديب داخله، وكان البعض يعتقد فى ذلك الوقت بوجود سراديب أسفل التمثال بخلاف الـ4 سراديب التى تم الكشف عنها، وهو ما لم يتم العثور عليه.
وردا على وجود ثقب فى رأس أبو الهول، أوضح حواس، أن تلك القصة ترجع إلى الرحالة "هيوارد فيز"، عندما استخدم الديناميت للكشف عن السراديب، وتسبب التفجير فى إحداث الفتحة برأس التمثال، وبعدها قام بترميم الرأس بالأسمنت، مؤكدا أنه لا خوف على الإطلاق على رأس التمثال نظرا لأنها منحوتة من الطبقة الثالثة الصلبة من جسم الهرم.
وفيما يتعلق بادعاءات وجود بحيرة من المياه تحت الهرم الأكبر "خوفو"، أشار إلى أن المؤرخ هيرودت "أبو التاريخ" عندما أتى إلى مصر، أخذه الدليل إلى بئر أزوريس - تحت الأرض بحوالى 20م وكان مليئا بالمياه- ولذلك قال هيرودت "إن هناك بحيرة تحت هرم خوفو".
وأكد زاهى حواس، أنه عندما قام بحفر البئر اكتشف أنه خاص لعبادة الإله أزوريس، وكان التابوت موجودا داخل البئر، وأن هذه المياه بعيدة عن الهرم تماما وليست لها أية صلة بهرم الملك خوفو.
ونفى الدكتور زاهى حواس المزاعم التي تقول أن عمر هرم الملك خوفو يرجع إلى 15 ألف عام، مؤكدا أنه لا توجد أى أدلة تؤكد صحة هذا الإدعاء، بل بالعكس لدينا الاكتشاف الأكبر وهي بردية "وادي الجرف" التى تدحض كل النظريات المشككة فى عمر الهرم الأكبر، وهذه البردية هي أكبر رد على كل الادعاءات الكاذبة.
ومن جانبه قال الدكتور الحسين عبد البصير، مدير منطقة آثار الهرم السابق، ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية حاليا، إن هذه الفرضيات غير صحيحة، مشيرًا إلى أنها ترددت قبل ذلك على لسان مهووسين بالحضارة المصرية وبالأهرامات، مؤكدا أن هناك عالمي آثار أمريكيين يدعيان مالكولم هوتون، وجيري كانون، كانا قد رجحا وجود مدينة سرية كاملة مفقودة تحت الأرض أسفل تمثال أبو الهول وهذا عار تماما من الصحة.
وأشار عبد البصير إلى أن هذه الآراء ترددت قبل ذلك عدة مرات، مضيفًا أن أبو الهول صخرة كانت موجودة، ونحتت في عهد الملك خفرع، وهو ملك من ملوك الأسرة الرابعة يمثل الملك خفرع نفسه ابن الملك خوفو".
وأوضح عبد البصير أن القائمين على هذه الدراسات مهووسون بالحضارة المصرية هدفهم الشهرة، وهم غير متخصصين في الآثار المصرية، مضيفًا: أنهم بذلك يطعنون في الحضارة المصرية ويشوهونها بآراء غير سليمة من خلال تناولهم غير العلمي لأبو الهول الذي يمثل رمزًا للحضارة المصرية".
وتابع: هذه الآراء غير مبنية على أي أساس علمي، والمتخصصون المصريون والأجانب أمثال الرحل الدكتور سليم حسن، والدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، وعالم الآثار الأمريكي الدكتور مارك لينر، الذين أجروا حفائر ودراسات في هذه المنطقة لم يشيروا إلى ما ورد في هذه الدراسات.
واستطرد: هناك دراسات تتناول هذا الموضوع بناءً على منهج علمي سليم، ومن هذه الدراسات كتاب "الجيزة" للدكتور زاهي حواس والعالم الأمريكي الدكتور مارك لينر.