رئيس التحرير
عصام كامل

على أبواب أوروبا.. المهاجرون العرب بيادق في لعبة سياسية وحرب مقنعة ضد الاتحاد الأوروبي

المهاجرين غير الشرعيين
المهاجرين غير الشرعيين للاتحاد الأوروبي

مع اندلاع الحروب الأهلية في بعض البلاد، خاصة المنطقة العربية عقب سقوط الأنظمة الحاكمة إبان ثورات الربيع العربي، اندفع آلاف المهاجرين الطامحين في الفرار من أتون الحرب الملتهبة التي التهمت أحلامهم وطموحاتهم داخل أوطانهم. 

 

سلاح المهاجرين 

غير إن كل هذه الكمية من البؤس الإنساني لم تثنِ بعض الأنظمة عن استخدام سلاح المهاجرين للضغط على دول أوروبية، ليمثل المهاجرون بذلك بيادق في لعبة سياسية أقل ما يقال عنها إنها غير إنسانية. 

القوات تحاول منع اللاجئين عبور الحدود 

ومن بيلاروسيا إلى تركيا، يستخدم المهاجرون من قبل بعض الأنظمة على أبواب أوروبا، "أسلحة" في حرب مقنعة ضد الاتحاد الأوروبي يعتبرها باحثون ومسؤولون أوروبيون "لعبة جيوسياسية" يشكل فيها اللاجئون بيادق أكثر فأكثر.

وفي ذلك الصدد، قال فابريس ليجيري رئيس الوكالة الأوروبية المسؤولة عن تأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي "فرونتكس": إن أحدث مثال حتى الآن ما زال يتطور على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا هو "عنف وكثافة لم نشهدهما من قبل في أي مكان وعلى أي حدود".

وأوضح ليجيري خلال مؤتمر في هذا الشأن بحسب "إرم"، أن هذه الأزمة سبقتها "إشارات تحذيرية".

 

صيف 2020

البداية منذ صيف 2020، أجرت "فرونتكس"عمليات محاكاة مع ليتوانيا ولاتفيا وبولندا لدرس مدى "ضعف" حدودها، مع اقتناع بأن الرئيس البيلاروسي "سيحاول استخدام الهجرة غير النظامية سلاحا جيوسياسيا"، حسب رئيس فرونتكس.

بعد ذلك بعام، تدفقت أول "موجة من المهاجرين" القادمين من بيلاروس على ليتوانيا؛ حيث وصلوا إلى العاصمة مينسك برحلات جاءت من بغداد خصوصا.

مأساة اللاجئين على الحدود 

وقال ليجيري: إنه في الأسبوع الأول من يوليو "دخل عدد من المهاجرين أكبر من مجموع عددهم خلال الأشهر الستة السابقة" على هذه الحدود.

وأضاف أنه في سبتمبر، وصلت "موجات اصطناعية من الهجرة" منظمة "للعبة جيوسياسية" إلى بولندا وأدت إلى "تصعيد لعنف شبه عسكري".

 

حرب هجينة

وقال ليجيري: عشرات المهاجرين يموتون في هذه "المنطقة العازلة المحصورة بين القوات البيلاروسية التي تمنعهم من العودة والقوات البولندية التي تمنعهم من الدخول".

 

وأضاف أن "هذا يدل على أن بيلاروسيا تسعى للتسبب بضحايا من أجل ممارسة الضغط" والحصول على اعتراف دولي بنظامها.

تكدس اللاجئين أمام الأسلاك الشائكة 

ورأى المحلل جان سيلفستر مونجرينييه الباحث المشارك في معهد توماس مور، أن ”هذا ما اعتدنا على أن نسميه الحرب المقنعة، نستخدم قوات بالوكالة حتى نتمكن من إنكار أننا منخرطون في صراع“.

ويرى مؤلف كتاب ”الجغرافيا السياسية لأوروبا“ الذي نشر في 2020: ”نشهد تحويل تدفق المهاجرين إلى ترسانة “ ما يسمح ”بتسجيل المكاسب مع البقاء دون عتبة اندلاع نزاع مفتوح“.

في قضية الحرب ”الهجينة“ التي أطلقتها مينسك كما وصفها الرئيس الفرنسي، لم يكن لدى بيلاروسيا سوى ”طلقة واحدة“، كما قال لوكالة ”فرانس برس“، إيف باسكوو المتخصص في الجغرافيا السياسية للهجرة.

وهو يعتقد أن ”استخدام قضية الهجرة قد يكون بالفعل موضع اهتمام بعض الأنظمة، ولكن استخدامه ليس بهذه السهولة“، مشيرًا إلى أن ”لوكاشنكو لم يحصل على اعتراف دولي وسيفكر مرتين في إذا ما كان يريد إعادة استخدام هذا السلاح“.

أسرة من اللاجئين 

ورأى إيف باسكوو أن هذه الأزمة أظهرت أن ”قضية الهجرة حساسة جدا“ في أوروبا.

 

نجاح تركيا 

حتى الآن، يرى الخبراء بحسب”فرانس برس“، أن تركيا وحدها هي التي تستخدم بمهارة هذه الرافعة التي تمارسها على فترات منتظمة.

فبعد أزمة الهجرة في 2015، أبرمت دول الاتحاد الأوروبي أيضًا اتفاقا مع أنقرة يهدف إلى الحد من وصول المهاجرين إلى أوروبا مقابل تعويض مالي كبير.

وتملك تركيا التي هددت مجددا في نهاية فبراير 2020 بفتح أبوابها لأوروبا، ”قوة ضغط حقيقية“ بما أنها تستضيف بين 3 و4 ملايين لاجئ بينهم عدد كبير من السوريين.

وقال رئيس فرونتكس إن ”تركيا تستخدم سلاح الهجرة لأسباب مالية لمناقشة تمديد الميزانية، بالنسبة إليها، يتعلق الأمر بستة مليارات يورو مقابل ملايين اللاجئين، لذا يؤخذ التهديد على محمل الجد“.

مأساة اللاجئين خلال برد الشتاء 

وأوضح ليجيري أن قوات حرس الحدود تبدو ”عاجزة“ عن مواجهة هذه الاستفزازات الجديدة.

 

مبدأ عدم الإعادة القسرية

وتابع: ”بين ضرورة عدم السماح للأشخاص بالمرور بشكل غير منتظم ومن جهة أخرى، مبدأ عدم الإعادة القسرية لأن كل شخص بحاجة إلى حماية له ويملك الحق في اللجوء، ماذا نفعل؟ لا أحد يستطيع تقديم إجابة، نحن مصابون بفصام الشخصية“.

وقال باسكوو إن الأفراد في صلب هذه المواجهة ”يستخدمون لغايات مروعة“، مؤكدا أنه ”استغلال للبؤس الإنساني مع تعرض الناس للإيذاء والاعتداء والقتل، كل هذا أسوأ ما يمكن أن تتخيله“.

وكانت كشفت السلطات في دولة ليتوانيا أنها ستقدم مبلغ ألف يورو لكل مهاجر من أجل العودة إلى بلده الأصلي في إطار حل مشكلة تسرب المهاجرين غير الشرعيين من بيلا روسيا. 

 

1000 يورو ورحلة عودة 

وصرحت وزارة الداخلية بأن كل مهاجر يختار طوعًا العودة إلى بلده الأصلي، سيحصل الآن على 1000 يورو (1130 دولارًا) بدلًا من 300 فقط، بالإضافة إلى بطاقة العودة إلى الوطن.

السلطات تراقب اللاجئين على الحدود 

وأخبرت وزيرة الداخلية، أجني بيلوتايت وكالة "فرانس برس"، أنه بعد رفض معظم طلبات اللجوء، تحتاج ليتوانيا إلى حلول لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، مضيفة: "نأمل أن تؤدي زيادة المدفوعات إلى زيادة عدد المهاجرين الذين يعودون طواعية".

 

الشرق الأوسط

وعبر آلاف المهاجرين، معظمهم من الشرق الأوسط، أو حاولوا عبور الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي إلى لاتفيا أو ليتوانيا أو بولندا منذ الصيف.

واتهم الغرب بيلاروسيا بتدبير الأزمة من خلال إغراء المهاجرين بتسهيل الوصول إلى الحدود انتقامًا من عقوبات الاتحاد الأوروبي، وهي تهمة نفتها مينسك.

الجريدة الرسمية