أسباب تراجع معدل التضخم السنوي
في طفرة مميزة للاقتصاد المصري، وفي أحدث تقارير اقتصادية تم التأكد من تراجع مستوى التضخم السنوي خلال شهر أكتوبر الماضي إلى 7.3% لأول مرة بعد ارتفاعات متتالية على مدار 5 شهور، بينما نجد في كثير من الدول زاد معدل التضخم فيها بنسب ليست بالقليلة، ولعل سبب تراجع التضخم السنوي زيادة مخزون السلع الاستراتيجية، فإتاحة سلع أكبر من المطلوب في الأسواق يؤدى إلى تراجع أسعارها وهو ما ينعكس على التضخم في البلاد، وسياسات الدولة خلال الفترة الأخيرة اعتمدت على توفير السلع الرئيسية بأسعار مناسبة لدخول المواطنين، وهذا يكون له انعكاس مباشر على مؤشرات التضخم.
تثبيت سعر الفائدة
كما أن مراقبة مؤشرات الأسعار تؤكد أن السلع الأساسية تشهد حالة من الاستقرار نوعا ما، كما أن انتشار منافذ البيع المختلفة في كافة محافظات الجمهورية تساعد في ضبط حركة الأسعار، وعدم استغلال أصحاب النفوس الضعيفة ورفع سعر أي سلعة، وخلال بداية أزمة فيروس كورونا كان البعض يتوقع ارتفاع الأسعار، لكن الدولة وفرت السلع بكثرة مما كبح جماح أي زيادة في الأسعار.
ومن المتوقع أن تحافظ لجنة السياسات بالبنك المركزي في آخر اجتماعها هذا العام على تثبيت أسعار الفائدة لاستمرار ارتفاع العائد في أدوات الدين الحكومية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى. وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع معدل التضخم السنوي في مصر خلال شهر أكتوبر إلى 7.3% مقابل 8% خلال شهر سبتمبر الماضي، في حين ارتفع معدل التضخم الشهري خلال أكتوبر 1.7%.
وذكر تقرير جهاز الإحصاء عن التضخم، أن أسعار مجموعة الفاكهة انخفضت بمعدل شهري بنسبة (-6.4%)، كما انخفضت مجموعة الخضروات بنسبة (-4.8%). في حين ارتفع معدل التضخم الشهري لإجمالي الجمهورية إلى 1.7%-وهو أعلى معدل خلال عام 2021. وبحسب بيان جهاز الإحصاء، فأن سبب زيادة معدل التضخم الشهري، هو ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (6.6%)، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (3.3%)، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (1.9%)، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (1.4%)، مجموعة التعليم قبل الابتدائي والتعليم الأساسي بنسبة (19.5%)، مجموعة التعليم العالي بنسبة (16.7%)، مجموعة التعليم الثانوي العام والفني بنسبة (5.3%).
استقرار أسعار السلع
ويرتبط توقع معدلات التضخم خلال شهري نوفمبر وديسمبر بقدرة الحكومة على توفير السلع والاعتماد على المخزون الاستراتيجي، حيث تراهن الدولة على استقرار أسعار السلع، بوجود مخزون لديها مما لا يؤدي لزيادة سعرية كبيرة خلال الفترة المقبلة، نتيجة الموجة التضخمية العالمية ومشاكل سلاسل الإمداد والمواد الصناعية. وبحسب تقرير صادر عن مجلس الوزراء المصري، بلغ إجمالي تعاقدت الحكومة المصرية في الفترة من مارس 2020 حتى يوليو 2021، قيمة 52.5 مليار جنيه، حيث تم التعاقد على استيراد 7.2 مليون طن قمح بتكلفة 30 مليار جنيه، كما تم التعاقد على 577 ألف طن زيت خام مستورد بتكلفة 10.3 مليار جنيه، بالإضافة إلى التعاقد على 417 ألف طن زيت خام محلي بتكلفة 5.9 مليار جنيه، وكذلك التعاقد على 365.5 ألف طن أرز محلي بتكلفة 2.4 مليار جنيه.
ومن المتوقع ألا تؤثر أزمة التضخم العالمية على قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي بشأن أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل خلال شهر ديسمبر وستقرر تثبيت سعر الفائدة حتى نهاية العام، بسبب عدم وجود تأثر كبير للأزمة العالمية، والسيطرة على الأسعار بتوفير السلع في الوقت الحالي. ويعقد آخر اجتماع للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، يوم 16 ديسمبر المقبل، لمناقشة أسعار الفائدة بعد 8 اجتماعات شهدت تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 8.25% و9.25 % و8.75% على الترتيب، وكذلك الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 8.75%.
ويرى الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، أن سبب تراجع معدل التضخم السنوي في مصر نتيجة زيادة المخزون الاستراتيجي من السلع الاستراتيجية، في حين تسببت ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وغيرها خلال أخر شهرين بصورة ملحوظة في زيادة المعدل الشهري. ويؤكد بدرة كذلك تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير هذا العام، لاستمرار ارتفاع عائد الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين الحكومية مقارنة بالأسواق المجاورة، غير أنه أبدى قلقه من تأثيرات موجة التضخم العالمية على معدل التضخم في مصر خلال الفترة المقبلة، حيث مازالت أسعار البترول والغاز والسلع الزراعية في العالم في زيادة، والحل هو زيادة المعروض المحلي من السلع، خاصة وأنه من غير الواضح متى ستنتهي موجة التضخم العالمية.