على خطى أنجيلا ميركل.. أنالينا بيربوك أول امرأة تتولى الخارجية الألمانية
تولت أنالينا بيربوك حقبة الخارجية الألمانية في أول انتصار تحققة السياسية الألمانية الشابة، لتصبح بذلك أصغر وزيرة خارجية في تاريخ ألمانيا الاتحادية، وهو الأمر الذي يعتبره بعض المحللين السياسيين أنه بداية جديدة لمرأة حديدية تسير على خطى المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
أنالينا بيربوك
ولم تضيع بيربوك "٤٠ عاما" وقتا لتبدأ مهام عملها فبعد ساعات من تنصيبها وزيرة خارجية، طارت بيربوك إلى باريس، مساء أمس، في مستهل أول رحلة خارجية تشمل بروكسل ووارسو.
وقالت بيربوك في بيان، "ستكون رسالتي الأولى في باريس وبروكسل ووارسو هي: يمكن لشركائنا في الاتحاد الأوروبي الاعتماد على الحكومة الفيدرالية الجديدة منذ اليوم الأول"، مضيفة: "أوروبا هي المحور الأساسي لسياستنا الخارجية".
وتابعت: "في هذه الزيارات الافتتاحية، شاغلي الرئيسي هو الاستماع إلى أقرب شركائنا.. لن نحقق مصالحنا على حساب جيراننا".
وأوضحت: "ليس لألمانيا مصلحة أهم من اهتمامها بأوروبا القوية والموحدة"، مضيفة: "الشرط المسبق لذلك هو أننا، بصفتنا الاتحاد الأوروبي، نأخذ قيمنا الأساسية على محمل الجد ونطبق أيضًا القواعد التي وضعناها معًا".
الاتحاد الأوروبي
ومضت قائلة: "عندما تتولى فرنسا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في يناير المقبل، يمكنها الاعتماد على دعمنا لجعل أوروبا أكثر سيادة وقدرة على التصرف".
وحول برنامج جولتها الخارجية، قالت "من اليوم الأول، سأمنح سياسة المناخ الدولية المكانة التي تستحقها على جدول الأعمال الدبلوماسي: في قمته تماما".
وأوضحت أن "أهم مهمة للدبلوماسية هي منع الأزمات واحتواؤها وحلها على أفضل وجه ممكن، ولا توجد أزمة أكثر خطورة على مستقبل البشرية من أزمة المناخ".
وتابعت: "أريد التحدث إلى أصدقائنا الأوروبيين حول كيف يمكننا تعزيز شراكاتنا المناخية مع مناطق أخرى من العالم. لأن أزمة المناخ لا تتوقف عند الحدود".
ووصلت بيربوك إلى وزارة الخارجية في برلين بعد حياة سياسية ومهنية شملت محطات نجاح، ولحظات انكسار صعبة، فضلا عن عمل سابق كمستشارة للشؤون الخارجية يمكن أن يوفر لها بعض الخبرة في عملها الجديد.
7 أشهر من الدراما
رغم أن تولي حقيبة الخارجية يعد إنجازا رفيعا لشابة لم يتجاوز عمرها أربعة عقود، إلا أنه أقل مما كان متوقعا لبيربوك قبل 7 أشهر من الآن، حينما كانت شعبيتها في صعود استثنائي.
ففي أبريل الماضي، سمى حزب الخضر الذي كان يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي في ذلك الوقت، بيربوك مرشحة للمنافسة على منصب المستشار، في الانتخابات التشريعية التي أجريت في ٢٦ سبتمبر الماضي.
وبعد إعلان منافسة بيربوك على المستشارية، حظيت السيدة الشابة بتأييد شعبي استثنائي، رفع حزبها إلى المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي وكسر حاجز الـ٣٠% من نوايا الأصوات لأول مرة في تاريخه.
لكن مسار الصعود انقلب إلى قصة قصيرة حزينة؛ فسرعان ما دخل الخضر في حالة من السقوط الحر حتى وصل إلى 15% من نوايا التصويت قبل 3 أيام فقط من الانتخابات التشريعية، محتلا المركز الثالث.
وما بين الصعود السريع، والسقوط الأسرع، وقفت أخطاء بيربوك شاهدة على قصة شابة لامست حلمها في حكم ألمانيا، قبل أن يتبدد من بين يديها.
3 أخطاء
وقعت بيربوك في 3 أخطاء كبيرة قوضت حلم حكم ألمانيا، أولها عدم تسجيل مداخيل إضافية حصلت عليها ما بين 2018 و2020، بجانب مخصصات عضويتها في البرلمان.
كما لم تسجل بيربوك نحو 25 ألف يورو حصلت عليها في صورة مكافآت مباشرة من حزب الخضر، كدخل إضافي في إدارة البرلمان إلا في مارس الماضي، ما جلب لها انتقادات بـ"التأخير غير المبرر في تطبيق القانون".
وبالإضافة إلى ذلك، عرضت السياسية الشابة سيرتها الذاتية الرسمية للناخبين، بعدد ضخم من الأخطاء، حيث شملت أنشطة ووظائف لم تشغلها السياسية الشابة، ما عرضها لانتقادات كبيرة.
وأخيرا، جاءت اتهامات قوية لبيربوك بـ"السرقة الأدبية" في كتابها الصادر في يونيو الماضي، لتقضي على ما تبقى من آمالها في العودة إلى تصدر استطلاعات الرأي، وأكمل حزب الخضر تراجعه حتى توقف عند أقل من ١٥% في نتائج الانتخابات الرسمية.
بطلة رياضية
بيربوك لم تتوقف عند تبدد حلم المستشارية، وخاضت السباق لتصبح رقما صعبا في ملف تشكيل الائتلاف الحاكم، والحصول على أكبر مكاسب لحزبها، ونجحت بالفعل في ذلك، وحصلت على منصب وزير الخارجية المرموق.
وبيربوك ليست سياسية وبرلمانية سابقة فحسب، إذ كانت بطلة رياضية في شبابها، وفازت بثلاث ميداليات برونزية في بطولات القفز على الترامبولين.
وتشبه شخصية بيربوك إلى حد كبير، شخصية كارلا ديل بونتي، المدعي العام السابق للجنائية الدولية، وعندما يريد المقربون منها وصفها بكلمتين فقط، فهما: الشجاعة والتصميم.
مستشارة في البرلمان الأوروبي
لكن لا تملك السياسية الشابة أي خبرة في الحكم؛ إذ لم تشغل منصبا تنفيذيا من قبل، بل شغلت وظيفة مستشارة في البرلمان الأوروبي، ثم عضوة في البرلمان الألماني منذ 2013، ورئيسة لحزب الخضر منذ 2018.
وتملك السيدة التي توصف بـ"الشجاعة"، وفق تقارير ألمانية، شعبية طاغية في قواعد حزب الخضر، إذ أعيد انتخابها رئيسة للحزب في 2019 بـ 97% من الأصوات، وهي خبيرة في السياسة الخارجية والمناخية، وناضلت طويلًا من أجل حقوق المرأة والطفل في ألمانيا.
بيربوك تملك تعليما جيدا للغاية، إذ درست العلوم السياسية في جامعة هامبورج بين عامي 2000 و2004، ثم حصلت على ماجستير القانون الدولي من كلية لندن للاقتصاد في 2005، وتلقت تدريبًا في المعهد البريطاني للقانون الدولي.
وبالتزامن مع انطلاق مسيرتها في حزب الخضر، عملت بيربوك كمستشارة في مجال السياسة الخارجية في الفترة بين 2008 و2010، ما يؤهلها لعملها الجديد على رأس الدبلوماسية الألمانية.