أبغض الحلال.. متضررون يكشفون عورات "الأحوال الشخصية".. ومطالبات بتعديل مواد الرؤية والاستضافة
الأرقام أصدق أنباء من الكلام، الإحصائيات الرسمية المعتمدة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تقول إن مصر الأعلى عالميًّا في نسبة الطلاق؛ فمصر تشهد حالة طلاق كل دقيقتين.
الطلاق في مصر لا يتم بطريقة متحضرة، معظم حالات الطلاق يصحبها صراعات قضائية وتصفية حسابات، الصغار يبقون الطرف الأضعف والأكثر تحملًا عند انفصال الآباء.
الأرقام الرسمية تقدر عدد أطفال الأزواج المنفصلين بـ14 مليونًا، وهو عدد رهيب يتجاوز عدد سكان حزمة من الدول المجاورة، معاناة الصغار لا تتوقف عند الظرف المادي العارض؛ حيث يتعمد بعض الآباء الامتناع عن الإنفاق على الصغار، ولكنه يمتد إلى أبعاد نفسية رهيبة، عندما تتعمد بعض المطلقات منع الصغير من رؤية والده.
محاكم الأسرة
محاكم الأسرة تشهد على المأساة التي وصلت إليها الأسرة المصرية، قانون الأحوال الشخصية القديم يقف عاجزًا أمام التعامل مع تداعيات الطلاق، هناك مشروعات قوانين أخرى جديدة لم تبصر النور بعد، والأزهر الشريف طرح مشروعًا، والحكومة طرحت مشروعًا ثانيًا، والبرلمان لم يحسم الأمر بعد، الأزمة ليست قاصرة على المسلمين، ولكنها تمتد أيضًا إلى المسيحيين.
"فيتو".. تفتح هذا الملف الشائك، ليس من قبيل عرض المشكلة ورصد أبعادها؛ ولكن بحثًا عن حلول واقتراحات قد تخفف من تلك الآثار الوخيمة التي تقوض دعائم الأسرة المصرية.
المتضررين
عدد من المتضررين يشكو من عدم وجود عقوبة ضد الأمهات الممتنعات عن تنفيذ الرؤية، مشيرين إلى أن هناك موادَّ كثيرةً يجب تغييرها فى تعديلات القانون، وأن مَن يدفع ثمن سلبيات تلك المواد هم الأبناء قبل الآباء.
الدكتور أحمد أبو الدهب، أحد المتضررين من قانون الأحوال الشخصية الحالى، تحدث عن تجربته مع مشكلات الرؤية والاستضافة وغيرها من الأزمات الناتجة عن الطلاق فى مصر، قائلًا: إن الصعوبات التى يقابلها فى حالة ابنتيه «مريم ومى» هى مصاعب تواجه ملايين الأطفال أبناء الطلاق والشقاق، مشيرًا إلى أن كل الآباء باختلاف تجارب الطلاق يعانون من مشكلات جمة فى تطبيق قانون الأسرة فيما يتعلق برؤية الأبناء وشروطها الصعبة، وكذلك الاستضافة وما يصاحبها من إجراءات، بالإضافة إلى ترتيب الأب فى مسألة الحضانة؛ حيث يحل فى المرتبة الـ16 وهو أمر غير إنسانى بالمرة.
أرقام مفزعة
وأضاف: "الرئيس السيسى تحدث منذ 3 سنوات عن أرقام مفزعة فى مسألة الطلاق، وأكد أن هناك 9 ملايين طفل طلاق و14 مليون طفل شقاق.. نحتاج إلى أن نجد حلولا للمشكلات التى يواجهونها بعد طلاق آبائهم وأمهاتهم، والحقيقة حتى الآن لا أرى أن هناك أي تحركات من أجل وضع حلول لهذه المشكلات"، متابعًا: "يكفى أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لا يوجد فيها ما يضمن أن الأب يستطيع رؤية أولاده بعد الطلاق، ولا توجد عقوبات على حرمان الأب من رؤيتهم، والطفل الذى ينشأ ويتربى على عدم الولاء لأبيه هل نتوقع منه انتماء للوطن مستقبلا، والشرع والدين والعرف لا يوجد بهم ما يقول هذا، فالطفل يولد لأب وأم وهما يكونان مسئولان مسئولية تشاركية عن تربيته والعناية به، سواء استمر الزواج أو انفصلا".
ووصف أبو الدهب قانون الأحوال الشخصية المعمول به حاليا بأنه يمكن وصفه بـ"قانون الحالات الشخصية" لأن كل مادة فى القانون تشعر، وأنها مفصلة على شخص بعينه ولا تراعى بقية الحالات، مطالبًا بحذف كلمة "استضافة" فى تعديلات القانون الجديدة واستبدالها بـ"المعايشة" بمعناها الأشمل لأن المعايشة تعنى إقامة الطفل مع أبيه يوم أو اثنين كل أسبوع ونص الإجازات الرسمية، وبدون ذلك لا يكون هناك أي معنى للاستضافة.
ملكية خاصة
وأوضح أن القانون بوضعه الحالى لا يعترف بوجود الأب فى حياة أبنائه ويعتبر الأبناء ملكية خاصة للأم المطلقة وأهلها فقط، لدرجة أن بواب عمارة الأم يرى الأطفال أكثر من أبيهم! بينما الأب يعانى من الدعاوى القضائية المقامة ضده بخصوص النفقة ومصاريف المدارس بشكل يحوله إلى مجرد ماكينة "a.t.m" كل مهمته فى الحياة إمداد مطلقته بالأموال.
وأشار إلى أن الأبناء هم من يدفعون فاتورة الانفصال فيحرمون من أبيهم ويستخدمون كورقة ضغط على الأب لابتزازه وبعض الآباء يضطرون إلى دفع أموال مقابل فقط السماح لهم بالجلوس مع أبنائهم لمدة ساعة، والسؤال هل أنت هنا تحرم الأب من أولاده أم تعاقب الآباء وتحرمهم من رؤية أبيهم؟!
وتحدث أبو الدهب بغضب شديد عن حرمانه من رؤية ابنتيه لفترة تخطت الـ3 سنوات، مشيرًا إلى أن آخر مرة جلس مع بناته كانت فى سبتمبر 2018 فى أحد الأندية الشهيرة، ومن بعدها تم حرمانه من رؤيتهما.
وتطرق أبو الدهب إلى سن الحضانة وكيف جرى مده أكثر من مرة، مشيرًا إلى أن سن الحضانة فى عام 1985 كان 9 سنوات، وتم مده إلى 12 عامًا ومن بعدها إلى 15 عامًا، مبديًا استغرابه من تخيير ولد أو بنت فى سن الـ15 عامًا بين العيش مع أبيه أو أمه!
وأضاف: "تخيل طفل يقف فى المحكمة أمام أبيه أو أمه ويختار بينهما، هذه جريمة بمعنى الكلمة ولا توجد فى دين أو شريعة، ومن أجل حل تلك المشكلات لا بد من خفض سن الحضانة وإلغاء التخيير وترتيب الأب فى الحضانة لا يجوز أبدا أن يكون برقم، الحضانة مسئولية الأب والأم".
مصلحة الطفل
وطالب الدكتور سامح الجداوى، أحد المتضررين من قانون الأحوال الشخصية الحالى بعد انفصاله من زوجته ووجود أبناء بينهما بقانون جديد عادل للطرفين الزوج والزوجة، ويفصل ما بين الاثنين، وأن توضع مادة أساسها مصلحة الطفل سواء أكانت مصلحته مع الأب أو الأم وأن يكون هناك رعاية مشتركة من قبل الطرفين طالما أنه لا يوجد مشكلات أخلاقية أو سلوكية للأب أو الأم.
وأضاف الجداوى لـ"فيتو": الرؤية إذلال ومهانة للطفل، لافتا إلى أن الطفل يرى والده ساعتين أو ثلاثة فقط وهو أمر مهين، بالإضافة إلى أن القانون الحالى لا يلزم بتنفيذ حكم الرؤية، لذلك الأغلب لا ينفذ حكم الرؤية، وعندما لا يتم تنفيذها يلجأ الأب لرفع إسقاط حضانة والطرف الآخر يطلب إعذار الحكم، قائلا: "محتاجين تغليظ عقوبة الامتناع عن الرؤية بالقانون الجديد" لتكون العقوبة الحبس حتى يكون رادعا للمتنع.
وتابع الجداوى: فى القانون الجديد هناك اتجاه لربط النفقة بالرؤية، وهو أن لا يتم دفع النفقة طالما لا يرى الطفل فى مبدأ أن الرؤية حق للطفل قبل الأب، قائلًا: "أنا ضد أن يكون الأبناء ورقة ضغط بين المنفصلين".
وأوضح الجداوى: طليقتى كانت هى الحاضنة لأبنائى لكن الحضانة انتقلت لوالدتها، موضحًا إلى أن الاستضافة هى الأفضل من الرؤية، وحق للطرفين سواء الأب أو الأم وحق للأبناء أيضا، ولكنى أرفض أن تكون الحضانة فى ضيافة زوج أب، قائلًا: "مرضاش أن بنتى تبات فى بيت زوج أم"، موضحًا إلى أن إشكالية النفقة منتهية وخاصة أن الأب الذى لا يرى أبناءه يدفع نفقة ليه.
وأشار إلى أنه لا بد أن يكون شرطا أساسيا موافقة الأب حال سفر الأم الحاضنة بالأبناء للخارج، مطالبًا أن تكون الاستضافة فى القانون الجديد تقديرًا من خبير نفسى، وخاصة أن الحاضن قد يكون لديه مشكلات سلوكية، وفى هذه الحالة لا يجوز أن تحصل على الأبناء سواء الأب أو الأم.
وقال عبد الرحمن الغزالى، أحد المتضررين أيضًا من رؤية أبنائه: إن الطفل فى النهاية لا بد أن يكون مع الأب والأم، وفى حال سقوط الحضانة المفترض أن يذهب الطفل إلى الأب لكن فى الحالى يذهب للجدة، وخاصة بعد تقدم العمر بهم.
وأضاف الغزالى لـ"فيتو": أطالب فى القانون الجديد أي طرف من الاثنين الأب أو الأم، موضحًا أنه من الطبيعى أن يرى الطفل الطرف الثانى مدة كافية، خاصة أن الرؤية فى القانون الحالى ٣ ساعات فقط كل أسبوع، وحقيقة على الأرض لا ينفذ هذا، مرة نشوف وأخرى لا، إضافة أيضًا أن الـ٣ ساعات لا تكتمل.
وتابع الغزالى: أطالب أيضا أن يقوم بتسليم الطفل للأب مندوب من المحكمة أو النادى من أجل نفسية الطفل ذاته، وأطالب أيضا بالاستضافة وليس الرؤية، والأهم هى مصلحة الطفل قائلا: "من ٣ سنوات لم أرَ أولادى"، وخاصة أن إجراءات التنفيذ صعبة للغاية، ولا يصح أن يكون الأبناء ورقة ضغط بين المنفصلين.
وتابع: الأطفال ليس لهم ذنب، وأطالب بالاستضافة فى القانون الجديد وليس الرؤية، وخاصة أن في الرؤية الطفل يذهب فى حالة تكدير لمركز شباب، وهذا ليس طبيعيًّا، والطبيعى أن يذهب لبيت أبيه ويخرج ويتفسح لكنه بهذا الأمر وكأن الطفل ينفذ حكمًا، موضحًا أن عقوبات عدم التنفيذ غير كافية والحل فى وجود عقوبات رادعة لعدم التنفيذ تكون الحبس.
الرؤية
واستنكر المهندس أحمد الحديدى ما يحدث بسبب الرؤية فى قانون الأحوال الشخصية الحالى لافتًا إلى أن الرؤية حاليًا موجودة فى النوادى وفى الغالب لا تتم، قائلًا: "من ٨ سنوات ولم أرَ بنتى، وعمرها حاليًا ١١ عاما حاليًا ورفعت قضايا إسقاط حضانة".
وأضاف الحديدى: كسبت قضية إسقاط الحضانة لكنها هربت بالبنت من ٧ سنوات ولا تنفذ أحكام القضاء، وما أطالب به فى قانون الأحوال الشخصية الجديد هو التنفيذ من قبل الطرفين، وأن تكون العقوبة رادعة حال عدم التنفيذ، موضحًا أن عقوبة عدم دفع النفقة حبس الرجل، وأطالب أيضًا أن تكون عقوبة عدم الرؤية أيضًا الحبس، قائلًا: "لو فى عقوبة رادعة الرؤية كانت جت".
وتابع الحديدى لـ"فيتو": لا يصح أن يكون الأبناء ورقة ضغط بين المنفصلين، وطليقتي منعت البنت من الذهاب إلى المدرسة حتى لا أراها، وأطالب أيضًا استبدال الرؤية بالاستضافة أو على الأقل تكون مرتين استضافة ومرتين رؤية، وأنا لا أعترض على النفقة، ومَن يعترض عليها لا يريد الإنفاق على أبنائه، لكنى أطالب أن تنفذ المرأة أيضًا أحكام القضاء.
وأوضح الحديدى: "طليقتى حاولت السفر للخارج، لكن القضاء لا يعطيها الحق فى السفر بالبنت نظرًا لأنه لا بد أن يخرج جواز سفر البنت من قِبل الأب نفسه، لذلك باب السفر مغلق لها".
نقلًا عن العدد الورقي…