علي جمعة: لم يمنح الله القدرات للإنسان ليسيطر على الكون
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الله سخر الكون للإنسان، والإنسان لا يستطيع أن يصل من التأمل في الكون إلى معرفة نظامه وقوانينه، إلا إذا وثق بنفسه.
قدرات الإنسان في الكون
وأكد جمعة أن الملكات والقدرات التي مُنِحَهَا الإنسان وفُضِّلَ بها إنما هي ليتمكن من الاستفادة بما سخر له في الكون من منافع، ولم تكن للسيطرة على الكون والتعالي عليه، والشعور بالسيادة المطلقة فيه.
وكتب علي جمعة تدوينة علي حسابه بالفيس بوك قائلًا: "إن الإسلام حرر الإنسان من عبودية عالم الأشياء، وجعله يتحرر من رهبتها أو مراقبتها بتوجس، فأصبح يتعامل معها من منظور السلطة والسيادة، فلا يُفَوِّتُ أي فرصة للانتفاع بما سخره الله فيها"
وأضاف "والإنسان لا يستطيع أن يصل من التأمل في الكون إلى معرفة نظامه وقوانينه، إلا إذا وثق بنفسه أولا وآمن بأن الكون المشاهد خاضع لإدراكه وبحثه، وبأن ظواهره ليست بالشيء المبهم الغامض الذي لا يفسر، وبأن في مقدوره الاستفادة من الكون واستغلال خيراته على أوسع نطاق لتأمين حياته ورفاهيتها"
الكون مسخر للإنسان
وتابع جمعة "وتأكيد القرآن على أن الكون كله مسخر للإنسان هو في نفس الوقت تأكيد على روح المنهج العلمي الصحيح، الذي يحاول دائمًا استكشاف ما هو مجهول من هذا الكون وظواهره على أساس من الثقة بقدرة الإنسان وبالعلم في مواجهة الطبيعة".
وقال "فالإنسان جزء من الكون، لكنه تميز عليه بعلاقته الخاصة مع الخالق، فهو المكلف بحمل الأمانة التي شق على السماوات والأرض والجبال تحملها، لأنها مسؤولية، فارتضت الكائنات أن تكون مسخرة للإنسان يُسْأَلُ هو عنها".
وأضاف "وقد تميز الإنسان أيضًا على بقية المخلوقات بأنه خُلِقَ مُعَدًّا لاستيعابها معرفيًا، فباستطاعته أن ينقل العالم الخارجي في صورته الكمية والكيفية إلى عالمه الداخلي، فاستحق بقدرته المعرفية أن يحمل أمانة الخلافة".
الشعور بالسيادة المطلقة
وتابع جمعة "والملكات والقدرات التي مُنِحَهَا الإنسان وفُضِّلَ بها إنما هي ليتمكن من الاستفادة بما سخر له في الكون من منافع، ولم تكن للسيطرة على الكون والتعالي عليه، والشعور بالسيادة المطلقة فيه، فإن تلك القدرات التي وهبت للإنسان هي لتمكينه من فهم وإدراك سنن الله المودعة سلفًا في كونه، وبمعرفتها يتمكن من الانتفاع بخيرات الكون التي سخرها الله له".
واستطرد قائلًا: "إذن فليست ملكات الإنسان وقدراته هي التي سَخَّرَتْ له الكونَ ومَكَّنَتْهُ منه، ودليل ذلك: 1- ألا نرى أضعف الخلق كالذباب يمكنه أن يخترق كل الحُجُز ويصل إلى الإنسان فيسلبه شيئًا لا يستطيع استنقاذه منه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [سورة الحج: آية ٧٣].
أضاف "2- وكذلك نرى أضعف الناس جسمًا كالطفل الصغير وأضعفهم عقلًا كالمجنون يستطيع كلٌّ منهما التحكم فيما سُخِّرَ للإنسان نفعه كالماء والحيوانات الضخمة وغيرها، تنفعل له وتستجيب لقياده، لا لقدرة بدنية أو عقلية فيه".