صراع النفط.. أمريكا تتحدى روسيا وأوبك+ بالمخزون الاحتياطي.. ومتحور كورونا الجديد يضرب الأسعار
يزداد صراع النفط اشتعالا فى ظل التخبط الشديد الذي ضرب الأسواق وتسبب فى خروج الوضع عن السيطرة ورفع الأسعار لتقترب من 90 دولارا للبرميل، على إثر قرارات "أوبك+" (دول منظمة أوبك مع روسيا الحليف الأكبر) وانتهاجها سياسة تخفيض سقف الإنتاج لتقويض حركة المعروض من النفط لتستمر أسعار النفط فى زيادة مطردة.
وهو ما قوبل برفض أمريكي ومطالبة برفع سقف الإنتاج وما تبع ذلك من لجوء الولايات المتحدة للسحب من المخزون الإستراتيجى فى محاولة للسيطرة على الأسعار، وأخيرا انهيار أسعار النفط بقيمة 10 دولارات، مسجلة أكبر تراجع فى يوم واحد منذ أبريل 2020، بعد اكتشاف المتحور الجديد من فيروس كورونا المسمى "أوميكرون"، ما أثار قلق المستثمرين وعزز المخاوف من تضخم فائض المعروض العالمى فى الربع الأول من العام المقبل.
المخزون الاحتياطي
ومن جانبهم كشف خبراء فى مجال النفط أن عدم استجابة مجموعة أوبك+ مؤيدة بمساندة من حليف من القوى العظمى (روسيا) لنداءات الدول الكبرى المستهلكة للنفط ومشتقاته أدت لتبنى الولايات المتحدة وقيامها بالدعوة خلال مؤتمر المناخ لضخ المزيد من النفط لخلق نوع من التوازن بين العرض والطلب وبما يحقق نوع من التوازن السعرى دون استجابة.
وتابع الخبراء الذين تحدثت فيتو إليهم أنه تواكب نقص المعروض من النفط مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعى لتعويض نقص المعروض من مشتقات النفط لمتطلبات موسم الشتاء الأوروبى، لتشتعل أسعار الغاز الطبيعى المسال لمستويات سعرية بلغت ما يفوق ٤٥ دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية (هى ذات الوحدة المستخدمة فى مبيعات الغاز الطبيعى للصناعة والكهرباء فى مصر والتى تبلغ أقصى شرائحها ٥.٧٥ دولار) إلا أنها لم تحقق التوازن السعرى المطلوب للنفط ومشتقاته.
وأضاف الخبراء أن قرار الدول الكبرى باللجوء للمخزونات الإستراتيجية للنفط مجازفة كبيرة لا سيما أن تلك الكميات تعتبر من الأسرار الداخلية للدول، والتى قدرت من واقع الخبراء بما يتعدى ٢٠٠ مليون برميل من النفط والتى يتم تخزينها داخل الكهوف الملحية وداخل الآبار النفطية الناضبة والمستودعات الأرضية وتمتلك الدول الصناعية الكبرى أغلب تلك المخزونات لحماية صناعاتها ومقدراتها الاقتصادية من بعد حرب البترول المصاحبة لانتصارات أكتوبر ١٩٧٣.
وتابع الخبراء بأنه صاحب تلك القرارات خصوصا قرار أمريكا بسحب ٥٠ مليون برميل من مخزونها النفطى ومعها اليابان وإنجلترا وألمانيا والهند لتؤكد على ضخامة مخزون النفط الإستراتيجى هبوط أسعار النفط لمستوى 72.5 دولار للبرميل من خام برنت بمعدل نزول بلغ 11.5٪ خلال يوم واحد ليبتعد بذلك شبح التصاعد المخيف للنفط وبالقطع ستشهد الأسواق المزيد من الهبوط مع حالة ضعف الطلب على النفط والمخاوف من متحور كورونا الجديد بما يخلق المزيد من المعروض والمزيد من الهبوط السعرى.
أسعار البترول
الأزمة الأكبر التى يرى الخبراء أنها هى المحك الأول فى عملية الأسعار النفطية خلال الفترة القادمة هى الطريقة التى ستواجه بها دول أوبك+ تلك الإجراءات الحادة من جانب الدول العظمى وفى مقدمتها أمريكا، مشيرين إلى أن الصراع سيشتد بين الجانبين وعاجلا حسب توقعات الخبراء ستعاود دول أوبك+ سياسة خفض المعروض فلا مفر لهم من المواجهة بعودة خفض المزيد من سقف الإنتاج لتواجه الخلل الناتج من استهلاك المخزونات الإستراتيجية للدول الكبرى، والتى سبق لها أن حققت نجاحا ساحقا بعد الانهيار السعرى للنفط فى أبريل ٢٠٢٠ بعد انهيار اقتصاديات معظم الدول المنتجة والمصدرة للنفط منتظرين ما ستسفر عنه سياسة الخفض للإنتاج فى ظل حالة التضخم العالمى وانتشار متحورات كورونا، والتى ستؤدى إلى المزيد من حالة الركود الاقتصادى العالمى.
معركة التحالفات والاستمرار فيها يرى الخبراء أنها عامل قوي لتحديد آليات العمل فى سوق النفط، مؤكدين أن تحالف دول أوبك سيستمر خاصة مع دعم روسيا، والتى بدون وجودها فى التحالف تحت أي سبب ستجد الدول الأعضاء فى أوبك+ نفسها فى مأزق مع الدول العظمى وتحديدا الولايات المتحدة والتى قد تلجأ إلى الأمم المتحدة باتحاد قرارات ضد مجموعة الدول الأعضاء فى أوبك+ لاتهام الأخيرة باتباع سياسات احتكارية لسلعة حيوية هى النفط والغاز واستصدار قرارات دولية عقابية ضد هذه الدول بينما وجود روسيا يحول دون ذلك كله ما يعنى أن اللاعب الروسى هو الطرف الأقوى حاليا فى معادلة الأسعار النفطية وتحديها عالميا.
ومن جانبه قال الخبير فى مجال النفط مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق أن ما تشهده ساحة النفط العالمية حاليا سيكون تأثيره على مصر محدودا للغاية فمن ناحية النفط فمصر دولة مستوردة للنفط وفى ذات الوقت مصدرة والمحصلة تميل للاستيراد، وهنا فإن ارتفاع أسعار النفط يشكل عبئا على ميزانية الدولة وعلى المواطن بشكل محدود بشأن أسعار السولار والبنزين فقط.
وأضاف يوسف: لكن ارتفاع النفط صاحبه ارتفاع قياسى لأسعار الغاز الطبيعى المسال، وحققت مصر نجاحات كبيرة وإيرادات فاقت الحدود بما قامت بتصديره مؤخرا، حيث بلغ متوسط سعر تصدير المليون وحدة حرارية ما يعادل ٣٠ دولارا.
وكمحصلة عامة نجد أن تأثير الأوضاع الأخيرة لسوق النفط والغاز الطبيعى جاء محدودا للغاية، حيث سيحدث نوع من التعادل يسهم فى عدم تحميل المواطن أعباء مالية عديدة، وتابع قائلا نتمنى مع انهيار أسعار النفط الذى حدث مؤخرا ومع استمرار ارتفاع أسعار الغاز المسال واحتياج دول أوروبا المتعاظمة من الغاز الطبيعى أن يشكل ذلك ميزة كبيرة لمصر حاليا ومستقبلا.
نقلًا عن العدد الورقي…