نهاية العشر العجاف.. مصادر دبلوماسية: سوريا تشارك في القمة العربية بعد انقطاع دام عشر سنوات
هل تشارك سوريا فى القمة العربية المرتقبة فى الجزائر والتى تعقد فى شهر مارس المقبل؟.. السؤال يكتسب أهمية كبيرة خاصة مع حدثين مهمين وهما تصريح الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون بأن "سوريا من المفترض أن تكون حاضرة فى القمة العربية القادمة؛ فعندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة، وانطلاقة للم شمل العالم العربى الممزق نحن دولة تجمع الفرقاء دائمًا".
أما الحدث الثانى فهو زيارة وزير الخارجية الإماراتى عبد الله بن زايد لدمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد بعد 10 سنوات من القطيعة، وهو اللقاء الذى أكدت الخارجية الأمريكية على دعمها له والترحيب به؛ حيث تعد خطوة ابن زايد بمنزلة مسار للتطبيع العربى مع الدولة السورية.
فهل تنتهى عشرية استبعاد سوريا مع انعقاد القمة العربية المقبلة؟ وماذا عن دور إيران فى هذا الأمر؟
عودة وشيكة
مصادر دبلوماسية عربية قالت لـ"فيتو": إن عودة سوريا إلى الجامعة العربية باتت وشيكة، موضحة أنه على الرغم من أن الجزائر كانت على رأس المتحفظين فى عام 2011 بتجميد عضوية سوريا جراء الاحتجاجات والاضطرابات التى شهدتها البلاد للمطالبة بإسقاط النظام، إلا أنه مع تغير الأوضاع وبعد أن تجاوزت سوريا الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية التى برزت قبل عقد مضى، جاءت الجزائر برئاسة عبد المجيد تبون لتدافع عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والوقوف إلى جانب عدد من الدول التى قررت عودة البلاد إلى مقعدها الشاغر فى القمة المقبلة، ومن بينها الإمارات، والعراق، وسلطنة عمان، ومصر، اللاتى تسعى لعودة النظام إلى جامعة الدول العربية، وتطبيع العلاقات معه.
ويرى الدكتور سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن عودة سوريا للجامعة العربية تتوقف على ما يبذل من جهد منذ الآن حتى القمة العربية المقبلة فى الجزائر مارس المقبل، صحيح أن الرئيس الجزائرى قال لا بد أن تشارك جميع الدول العربية، وأن بلاده حريصة على ألا يكون هناك تحزب أو تفرقة، كما أن هناك جهودًا عربية حثيثة لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية من بينها مصر وقطر بصرف النظر عن حضور بشار الأسد أو رئيس الحكومة ممثلا عن البلاد، فهذا أمر منوط بالحدث نفسه، والأهم عودة سوريا.
دور القاهرة
وأضاف: القاهرة تبذل جهودًا لمناقشة الأمر؛ حيث لا يزال هناك بعض الدول العربية التى ترفع «فيتو» على حضور سوريا وعودتها إلى جامعة الدول العربية وخاصة الموقف السعودى، مؤكدًا على أن قرارات القمة العربية تؤخذ بالإجماع وليس بالأغلبية، وحتى الآن هناك بعض الدول العربية ترفض عودة سوريا، لذلك فالأمر مرهون بإزالة العقبات وكسر «فيتو» السعودية على العلاقة مع سوريا والأسد شخصيا.
وتابع الدكتور سمير غطاس: "ذلك التقارب سيكون فى مصلحة سوريا، فأى علاقات عربية مع سوريا لها العديد من الفوائد، أولا محاولة إخراج إيران وتركيا من المعادلة، لكن تلك الخطوة تحتاج لجهد كبير لإعادة إعمار ما دمرته الحرب خلال العقد الماضى، خاصة أن سوريا تمتلك احتياطيا ضخما من الثروات التحت أرضية – "الغاز والنفط"- والذى يمكن استخراجه حال استقرار الأوضاع واستخدامه فى إعادة إعمار سوريا.
وبدوره قال الدكتور محمد محسن، رئيس المنتدى العربى للسياسات الإيرانية "أفايب"، والخبير فى الشئون الإيرانية، أن سوريا بالنسبة لإيران أهم دولة على الإطلاق فى الإستراتيجية الإيرانية الخارجية للشرق الأوسط، لدرجة أنه يقال فى الأدبيات الإيرانية إن سوريا بالنسبة لهم أهم من الأحواز أرض عربية فى الغرب الإيرانى احتلتها إيران عام 1925 حتى الآن، وكانت إمارة عربية تضم الموانئ والنفط، كما أن لها أهمية إستراتيجية كبرى كونها تطل على الخليج العربى بالكامل وعلى الرغم من ذلك ترى إيران أن سوريا بالنسبة لها أهم من الأحواز قائلة: "إذا فقدنا الأحواز يمكن لنا أن نسترجعها، لكن لو فقدنا سوريا لا يمكن لنا استرجاعها"، بحسب ما قاله آية الله مهدى طائد، أحد أكبر الشخصيات فى إيران.
الدور الإيراني
وتابع الدكتور محمد محسن، سوريا بالنسبة لإيران هى الدولة العربية الوحيدة التى حافظت على علاقات قوية معها، بدءًا من نجاح ثورة 79 وحتى الآن، بل إن سوريا هى الدولة العربية الوحيدة التى قدمت دعمًا عسكريًّا لإيران فى حربها ضد العراق إلى جانب ليبيا التى لم تستمر فى هذا الدعم، لذا فإن وجود سوريا فى مجلس وزراء القمة العربية يعد فائدة كبرى لإيران والمواقف الإيرانية نظرًا لميول سوريا لإيران، وتطابق الرؤى بينهم تجاه كافة القضايا كـ"حظر العراق فى التسعينيات"، وتصويت سوريا فى الجامعة العربية سيكون تصويتًا لصالح الرأى الإيرانى.
وأضاف الخبير فى الشأن الإيرانى أنه عندما تم عزل سوريا من الجامعة العربية خسرت إيران أحد أكبر الداعمين لها سياسيا فى الجامعة العربية، كما أن المسئولين الإيرانيين بدءوا منذ تلك اللحظة يكيلون الاتهامات والانتقادات للجامعة العربية، ووصفوها بـ"كيان متعفن"، إذن فعودة سوريا للجامعة العربية تخدم الإستراتيجية الإيرانية فى الإقليم، وتصب فى موضع الجيوستراتيجى لإيران، لذا يجب على الدول العربية استخلاص مواقف سورية أقرب للمواقف العربية العامة، وأبعد نوعا ما عن المواقف الإيرانية.
نقلًا عن العدد الورقي…