رئيس التحرير
عصام كامل

كيف أصبح راشد الغنوشي الأزمة الكبرى في الحياة السياسية التونسية؟

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي

تصريحات عنترية كل يوم يخرج بها راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية، يرفض التضحية والتنحية عن المشهد، رغم المطالبات ‏الخارجية والداخلية للحركة نفسها التي يرأسها بذلك حتى يساهم في حل الأزمة التي تشهدها البلاد، وحتى لا يصعب من العودة مرة أخرى عن القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، ‏وحل بموجبها البرلمان وأعلن حالة الطوارئ. ‏


اضطراب سياسي ‏


تعيش تونس حالة من الاضطراب السياسي المتزايد بسبب الأزمة الخانقة التي تحياها البلاد، بسبب تعنت الإخوان رغم رفض أغلب ‏القوى ‏السياسية التعاون مع ـ حركة النهضة ـ وزعيمها راشد الغنوشي، بعد أن تبين لها رغبة الرجل في الاستحواذ على ‏كل ‏شيء، وفرض منطق إخواني على الهوية التونسية وروح الحكم في البلاد، ما دفعه للصراع مع الرئيس قيس سعيد.

وتزايدت نداءات عزل الإخوان وإعلانهم جماعة إرهابية للتضييق على النهضة والغنوشي وغلق الطريق أمام تمدد ‏المشروع ‏الإخواني، وتم تدشين عريضتين في البرلمان المنحل لنفس السبب، ما جعل الكثير من الخبراء يؤكدون أهمية حظر ‏الإخوان وإزاحة ‏الغنوشي كمخرج وحيد لحل الأزمة التونسية المشتعلة التي تهدد بتدمير التجربة الديمقراطية التونسية. ‏


وقال الدكتور عبد الجليل معالي، الكاتب والباحث إن تفاقم الأزمة السياسية التونسية، وتحولها إلى انسداد حقيقي، ‏انعكس ‏على ‏الواقع الاقتصادي والاجتماعي للتونسيين، والمشكلة في التناقض العميق بين الإخوان ـ حركة النهضة ـ ‏ومؤسسات ‏الدولة.‏

 

ولفت معالي إلى أن الغالبية أصبحوا على قناعة، أن الحل يبدأ من إبعاد راشد الغنوشي عن الحياة السياسية وليس فقط رئاسة ‏البرلمان حال عودته مرة أخرى.‏


وأضاف: انسحاب رئيس البرلمان المجمد ينقي الأجواء السياسية ويعيد التوازن إلى المشهد السياسي، وينتهي ‏بمراجعة ‏القانون ‏الانتخابي والتسريع بتشكيل المحكمة الدستورية.‏


وأوضح أن راشد الغنوشي فقد كل مصداقيته السياسية بعد أن حاول تجاهل ‏صلاحيات الرئيس سياسيًّا ودبلوماسيًّا، وأسهم ‏في ‏تحويل البرلمان إلى ميدان للاحتقان المتواصل.‏

رفض القوى السياسي للغنوشي 


وتابع معالي: رفض القوى السياسية التعاون مرة أخرى مع الغنوشي يؤكد وجود وعي سياسي، بأن الأخير يتحمل مسؤولية كبرى في ‏هذا ‏الأزمة، ‏وأن إبعاده عن رئاسة البرلمان والحياة السياسية منطلق حقيقي للحل، لأن وجوده تحول إلى عبء في ظل رفض ‏غالبية الأطياف السياسية ‏له.‏

نهاية تجرِبة الحركة الإسلامية

أما عماد عبد الحافظ، الكاتب والباحث فيرى إن مرحلة ما بعد الربيع العربي تمثل نهاية تجرِبة الحركة الإسلامية بشكلها ‏التقليدي ‏والتي نشأت ‏وامتدت طوال القرن الماضي.‏


أوضح "عبد الحافظ" أن الإخوان تعتقد أن سر قوتها يكمن في قوة التنظيم، الذي ينبع من احتوائه عددا كبيرا من ‏الأفراد، ‏تستطيع ‏مجموعة صغيرة من القيادات أن تتحكم في حركتهم وتوجههم كيفما تشاء، وبذلك تكتسب الجماعة قدرة كبيرة ‏على ‏التأثير بالمقارنة ‏بأي فصيل أو تيار أو حزب آخر، فتستطيع تحقيق وجودها باستمرار وفرض إرادتها والحصول على ‏العديد ‏من المكتسبات.‏

وتابع: الإخوان بشكلها الحالي ليست في حاجة إلى فرد يفكر وينتقد ولديه القدرة على الحركة الذاتية، ولكنها بحاجة إلى ‏فرد ‏منفذ ‏يسمع ويطيع ويثق بشكل مطلق في قيادته، ويفعل كل ذلك بدافع ديني معتقدًا أن هذا واجب عليه، بناءً على ‏أسلوب ‏الجماعة الذي ‏تستخدمه في إنزال بعض النصوص الدينية عليها  كمفهوم الطاعة والبيعة والجماعة.‏

وأضاف: لكن هذا الأسلوب كانت له نتائج كارثية، حيث أفقد الفرد نفسه إرادته وملكاته الفكرية التي وهبه الله تعالى إياها، ‏كما ‏أصاب ‏عقل الجماعة بالضمور وأفقدها حيويتها فحال بينها وبين القدرة على التطور، كما جعل من ذلك الفرد كائنًا ‏متعصبًا ‏لفكر الجماعة ‏ومواقفها، يدافع عنها في الحق والباطل، سواءً علم بأنه باطل أم لا، فأضحى سببًا من أسباب الانقسام ‏في ‏المجتمع. ‏

واستكمل: كان لهذا الأسلوب تأثيره الكبير في عدم قدرة البعض على الخروج من الجماعة رغم رؤيته للعديد من الأخطاء ‏فيها، ‏لكنه ‏ونتيجة لتلك التربية كان يعتقد أن الخطأ في عدم قدرته هو على إدراك ما تدركه قيادة الجماعة، فيعود أدراجه ‏في صفوفها ‏مستسلمًا ‏ملتزمًا بفعل ما لا يقتنع به، فقط لأنه تربى على أنه ليس عليه سوى التنفيذ، أما الباقي فهو من شأن ‏القيادة التي ترى ما ‏لا يراه ‏أحد. ‏

واختتم: يأخذون الفرد في مسار خاطئ، ويهدرون ما اكتسبه وتعلمه من أمور حسنة، لأن الفرد في النهاية لا يكون إلا ‏جزء ‏من ‏التنظيم، وترسا في ماكينته.‏

الجريدة الرسمية