رئيس التحرير
عصام كامل

رواية بايدن الكاذبة عن دوره في حرب أكتوبر 1973 تثير أزمة في أمريكا

بايدن وجولدا
بايدن وجولدا

سبب حديث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن ذكرياته حول حرب أكتوبر 1973، عاصفة من الجدل في الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما سرد ذكريات مشكوك فيها عن دوره كحلقة وصل بين القاهرة وتل أبيب، قبل انطلاق المعارك التي خاضها الجيش المصري ضد الاحتلال الإسرائيلي بهدف تحرير سيناء.

حديث بايدن عن حرب أكتوبر، جاء ذلك احتفال أُقيم في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار اليهودي "حانوكا"، وأخطأ الرئيس الأمريكى عندما خلط بين بين حرب أكتوبر وحرب 1976.

 

لقاء جولدا مائير

وأخبر بايدن حضور الحفل اليهودي في بالبيت الأبيض، أنه التقى رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير، وأنه عمل كحلقة وصل بين إسرائيل ومصر خلال  حرب يونيو 67، على الرغم من أنه كان لا يزال حينها طالبًا في كلية الحقوق وقتها وكان سنه 25 عامًا.

 

وكان جو بايدن يشير إلى اجتماع عقده مع جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل، قبل حرب أكتوبر 1973 مباشرة، قبل أن يخلط التواريخ بالحديث عن حرب 1967.

وقال بايدن في التصريحات المثيرة للجدل: "خلال حرب الأيام الستة، دعتني مائير للحضور لأنني كنت سأكون حلقة الوصل بينها وبين المصريين حول السويس".

 

وخلال عام 1973، كان بايدن سناتورًا جديدًا يبلغ من العمر 30 عامًا، وكانت هذه أول رحلة خارجية يقوم بها إلى إسرائيل.

 

ولطالما وصف بايدن هذا اللقاء الذي جمعه مع رئيسة الحكومة الإسرائيلية بأنه "أحد أكثر الاجتماعات أهمية"، وبحسب روايته، فقد أسرفت جولدا مائير في التدخين خلال هذه الجلسة وهي تتحدث عما وصفتها بالتهديدات الأمنية الإقليمية التي تواجه إسرائيل.

 

حلقة وصل مع مصر

حديث بايدن عن دوره فى تحذير إسرائيل قبل حرب 73 وعمله كحلقة وصل بين تل أبيب والقاهرة، دفع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، لتوضيح جوانب أخري عن اللقاء بين بايدن وجولدا، والذي على ما يبدو أنه يحمل وقائع بعيدة عن الحقيقة أراد بايدن استغلالها لمغازلة تل أبيب.

 

وقالت "سي إن إن" فى تقريرها عن تصريحات الرئيس الأمريكى، لدى جو بايدن قصة مكررة عن علاقته الطويلة مع إسرائيل على مدى عقود، كان يروي علنًا تفاصيل اجتماعه عام 1973 مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك جولدا مائير، والذي وصفه في عام 2015 بأنه "أحد أكثر الاجتماعات ذات الأهمية التي عقدتها في حياتي على الإطلاق".

 

ولفتت إلى وجود أجزاء من قصة لقاء بايدن ومائير، التى رواها فى احتفال عيد الحانوكا لم تكن دقيقة.

 

وأعادت الشبكة الاقتباس من حديث بايدن الأخير الذي قاله فيه: "خلال حرب الأيام الستة، أتيحت لي الفرصة - لقد دعتني للحضور لأنني كنت سأكون حلقة الوصل بينها وبين المصريين حول السويس، وهكذا دواليك". لاحقًا في القصة، أشار إلى أن مائير أشارت إليه أثناء الاجتماع باسم "السيد السفير".

 

أخطاء بايدن عن الحرب

وشرحت "سي إن إن"، أولًا: أخطأ بايدن في الحديث عن موعد اجتماعه مع مائير. عُقد الاجتماع قبل حوالي خمسة أسابيع من حرب 6 أكتوبر في عام 1973، وليس خلال حرب 1967، والأهم من ذلك هو  تضخيم بايدن لأهميته الشخصية لإسرائيل في ذلك الوقت، ولا يوجد دليل على أن مائير لجأت له كوسيط مع مصر.

 

واستطردت، ادعاء بايدن لوساطة غامضة، خبراء  حرب 1973 يقولون إنه أيضًا غير دقيق بشكل واضح. بينما زار بايدن مصر في عام 1973 قبل زيارته لإسرائيل مباشرة، وأخبر مائير بما قاله له المسؤولون المصريون، فليس هناك ما يشير إلى أن مائير أرادت استخدام مواطن أمريكي يبلغ من العمر 30 عامًا لم يسبق له أن زار إسرائيل من قبل، وأن يصبح وسيطًا في نزاع معقد وخطير بعد مرور 9 شهور فقط على عضويته في مجلس الشيوخ.

 

وأشارت الشبكة، لوجود ملخص مكتوب أعده مسئول حكومي إسرائيلي عن الاجتماع، جاء فيه إن بايدن بدا عديم الخبرة، وأن جولدا مائير رفضت بشدة اقتراحه بأن تنسحب إسرائيل من جانب واحد من منطقة معينة كخطوة نحو السلام.

 

وأوضح  مسؤول في البيت الأبيض لشبكة "سي إن إن"، أن تأكيد بايدن دعوة جولدا مائير له للحضور ليكون حلقة وصل بينها وبين المصريين حول السويس، كان مجرد إشارة إلى حقيقة أنه التقى مع مسؤولين مصريين وإسرائيليين في رحلة عام 1973 لبحث العلاقات بين البلدين.

 

كلمات بايدن عن دور الوساطة بين إسرائيل ومصر التي لاقت هجوما حادا بسبب تضارب تفاصيلها، وصفتها اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بأنها خاطئة، ونقلت الانطباع بأن مائير سعت لاستخدامه في دور دبلوماسي مهم، في حين يقول الخبراء أن هذا في الواقع لا أساس له من الصحة.

 

رواية كاذبة

وقال أوري بار جوزيف، وهو أستاذ علوم سياسية بجامعة حيفا، إنه لا يوجد شيء في الملخص الإسرائيلي للاجتماع الذي عقد يوم 31 أغسطس 1973، حتى للتلميح إلى أن مائير قد دعت بايدن ليكون وسيطًا بين القاهرة وتل أبيب.

 

كما أوضحت الشبكة التي تقصت الحقيقة حول حديث بايدن، أن جولدا مائير توفيت في 1978، ومن المستحيل معرفة ما قيل بالضبط بينها وبين بايدن قبل 48 عامًا. لكن الملخص الإسرائيلي للاجتماع الذي استمر 100 دقيقة، وهو مذكرة داخلية كتبها مسؤول حكومي في ذلك الوقت، يوفر معلومات مفيدة.

 

عديم الخبرة

وقال الملخص الذي نوقش في وسائل الإعلام الإسرائيلية في عام 2020 والمتوفر على الإنترنت في أرشيف الدولة الإسرائيلية، إن بايدن أقر بأنه لم يكن خبيرًا في مصر، وقال إن بايدن تم الترحيب به بحرارة في رحلته إلى القاهرة، لكنه التقى مع الصف الثاني من المسؤولين فقط ولم يلتقِ أحدًا من القيادة العليا في القاهرة.

 

وقال مسؤولون وفق الملخص، إن مائير أدلت بملاحظات موسعة جادلت فيها ضد اقتراح بايدن لإسرائيل بالسعي لتحقيق السلام من خلال الانسحاب من منطقة معينة لا يعتقد أن لها قيمة إستراتيجية  - لم يحدد الملخص المنطقة التي يتحدث عنها بايدن لكنه قال إنها ليست قطاع غزة أو مرتفعات الجولان أو شرم الشيخ.

 

وانتهى المسؤول الإسرائيلي الذي كتب الملخص، جدعون ياردن، بتقديم تقييمه الشخصي لبايدن. وكتب: أن "السناتور الأمريكي كان مليئًا بالإعجاب والتقدير تجاه مائير، وظل يقول إنه جاء ليتعلم ولكن من ناحية أخرى تحدث بطريقة تعكس عمره والخبرة الدبلوماسية كشخص لا يزال فى مرحلة التجربة".

الجريدة الرسمية