ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا
قد يحاول الطرف الآخر أن يشوه صورة تلك الثورة الرائعة التي حدثت في مصر.. والتى قد تتجاوز مفهوم الثورة في معناه المتعارف عليه في علم السياسة .. إذ أنها قد فاقت كل التوقعات من حيث كيفية خروجها وأيضا سلميتها وكذلك تنظيمها الذي اتسم بقدر من العفوية والتلقائية التي انفردت بها .. وهو ما يجعل من الصعب وضعها في مقارنة مع غيرها من الثورات التي يعرفها التاريخ وهي الثورات الفارقة في حياة الشعوب عبر المراحل التاريخية.. ليس فقط على المستوى الداخلي.. أي مقارنتها بثورة هوجة عرابي كما يطلق عليها أو ثورة (1952) التي قد حاول البعض التشكيك في كونها ثورة.. وذلك بالنظر إلى أن من قاموا بها كانوا نخبة من جيش مصر.
ولكن من المؤكد أن الرأي الأكثر صوابا والذي انتصر له في النهاية أنها ثورة.. وذلك لأن الشعب قد التحم بها كما أنها لم يكن هدفها فقط الاستيلاء على السلطة ولكن قد أدت إلى تغيير وجه الحياة السياسية في مصر.. كما علينا أن ندرك أيضا أن طبيعة كل دولة وخصائصها وكذلك طبيعة الظروف التاريخية التي تمر بها.. هي التي تحدد شكل ونوعية هذه الثورة.. أي أن الخصوصية لها دور هام..
يحاول البعض أن يصف ذلك المد الشعبي الجارف الذي بدأ منذ فعاليات 25 يناير أي ذكرى ثورة 25 يناير والذي لم تلحظه أو تضعه موضع الاعتبار النخبة الحاكمة.. وقد استخفت به ليؤكد على أنها قد كانت بداية للموجة الثانية للثورة .. وعندما جاءت حركة تمرد التي كانت مجرد دعوة من شباب الثورة وثقت موقف الشعب من حكم الإخوان ورفضهم لها وذلك نتيجة تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
خرج الشعب المصري كله عن بكرة أبيه يطالب بالتغيير ورحيل القيادة العاجزة عن إدارة شئون البلاد بحيادية وتطلب تدخل الجيش رافعين لافتات الجبش والشعب إيد واحدة..
إن الجيش لم ينزل إلا بناء على رغبة وإرادة الشعب وذلك لحمايته ولحماية ثورته كما فعل في السابق.. كان نزوله بناء عن دعوة وطنية وليس من تلقاء نفسه.. نزل الجيش استجابة لرغبة الشعب ولم يترك مصر تسبح في بحر الضياع الاقتصادي وروح الفرقة التي قد تصل بها إلى الحرب الأهلية.