لماذا يطالب البعض بالانحياز للقيم الأخلاقية في حل أزمة كورونا ؟
يتحدث العالم عن التباين الكبير في مستوى الحصول على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، والتي تعاني البلدان الفقيرة من عدم الحصول عليها، أو امتلاك المال الكبير لجلبها من الخارج لتحصين شعوبها ضد المرض الفتاك، الذي يهدد البشرية باكملها إن لم تتكاتف للنجاة منه، ولهذا يطالب البعض بتمكين التعاليم الدينية وتحكيم نصوصها، والتي تشير إلى التراحم بين البشر وتهذيب الانانية والرغبة في جني الأموال على حساب الأرواح.
التمييز في الرعاية الصحية
وقال حمود أبو طالب، الكاتب والباحث، إن مسؤولي منظمة الصحة العالمية تحدثوا بشكل واضح عن التمييز في الرعاية الصحية بين الدول الغنية والفقيرة، وأوضحوا أن جائحة كورونا تجسد الحرمان الذي تعيشه بعض الدول من أبسط عناصر الرعاية الصحية، مقابل الترف الذي تعيشه دول أخرى.
وأضاف: تجدد الحديث مؤخرًا مع ظهور المتحور الجديد لفايروس كورونا الذي اجتاح بعض دول أفريقيا، ووصل إلى بعض الدول الأوروبية، وخلق حالة من الهلع المبرر في بعض جوانبه، وغير المبرر علميًا إلى الآن في جوانب أخرى بحسب آراء بعض علماء الأوبئة.
وأوضح الباحث أن الجانب الأخلاقي الإنساني في جائحة كورونا محزن جدًا، ففي الوقت الذي تُتلف فيه كميات ضخمة من اللقاح في بعض الدول لانتهاء صلاحيتها، لم تصل نسبة التطعيم في بعض الدول الفقيرة، وفي أفريقيا على وجه الخصوص، نسبة 1%، ليس لأن أولئك المعدمين يمانعون في أخذ اللقاح وإنما لأنهم لم يحصلوا عليه، لافتا إلى أن هذا هو الواقع رغم كل الكلام المنمق الذي سمعناه عن مساعدة الدول الفقيرة بتقديم كميات كافية من اللقاح.
متحورات كورونا
وتابع: في وضع كهذا، أي عدم إمكانية الحصول على اللقاح فإن الفايروس يسرح ويمرح ويتحور كما يشاء، وهذا أحد أسباب حدوث الطفرات الجديدة بالإضافة إلى أسباب أخرى، وإذا استمر هذا الحال في الدول الفقيرة فلن تقف حواجز أمام التحورات الجديدة التي تحتاج إلى وقت لدراسة مدى شراستها وتأثيرها على المناعة المكتسبة من اللقاح الذي تم التوصل إليه، أي أن الشر في النهاية سيعم طالما كانت البؤر المحرومة من اللقاحات وبقية تفاصيل العناية الصحية موجودة في أي مكان في العالم.
واختتم: يجب تحكيم القيم الأخلاقية لحل أزمة كورونا، فالكل يغني على ليلاه، بل أن هناك من يوظف أزمة الفيروس سياسيًا، وهناك من يُغلب الجانب الاقتصادي على الصحي، وهناك من يتحدث بمثالية عن الحقوق الصحية لكل البشر دون فعل يؤكد الكلام، وفي النهاية ستظل جائحة كورونا امتحانًا حقيقيًا وصعبًا للأبعاد الأخلاقية في هذا العالم اللاهث المجنون.