ميادين القبح.. قنا خارج نطاق الخدمة.. "الثورة" تحول لمقلب قمامة.. والماشية تحتل "النافورة"
الميادين الكبرى هي عناوين العواصم والمحافظات، تكاد المحافظات تُعرف بميادينها؛ فإذا كان ميدان المحافظة مميزًا يسرَّ المارة والناظرين فإن أوضاع هذه المحافظات تكون على ما يُرام غالبًا.
الدولة المصرية ترصد الأموال الكثيرة لإحداث حالة شاملة من التطوير، والميادين العامة جزء من تلك العملية الإنشائية الواسعة، وجرى العُرف واتفق العلم على أن تطوير الميادين لا يكون خبط عشواء، ولا "على المزاج"، ولكن وفق أساليب علمية وحضارية راسخة.
ورغم الجهود المبذولة من الحكومة في هذا الصدد، ورغم الأموال المرصودة لهذا الغرض، إلا أن هناك علامات استفهام كثيرة تحيط بكثير من تلك الميادين التي تحول بعضها إلى عنوان للقبح بدلًا من أن تكون رمزًا للجمال يواكب الجمهورية الجديدة.
الجمال المنشود لن يتحقق دون تحسين الصورة البصرية للميادين وحل مشكلاتها المرورية وإنشاء مسارات للمشاة وأماكن للجلوس وغيرها.
التنسيق الحضاري
غياب التنسيق الحضاري يكاد يكون قاسمًا مشتركًا في كثير من تلك الميادين التي شهدت عمليات تطوير كما حدث في عدد من الميادين ببعض المحافظات مثل: الجيزة والمنيا والأقصر والإسماعيلية والإسكندرية والشرقية وغيرها، ما دفع الأجهزة التنفيذية إلى التدخل وإعادة عملية التطوير، ما يتسبب في إهدار ملايين الجنيهات في الهواء الطلق.
ومن ثمًّ.. فإن عملية تطوير الميادين لا يجب أن تتم في غياب التنسيق الحقيقى بين الجهات المختلفة وذات الصلة، ودون الاستعانة بالخبراء المتخصصين في هذا المجال.
الأمر لا يتعلق فقط بالعنصر الجمالي، حتى يتم الاستعانة بفنانى الفنون الجميلة أو الفنون التشكيلية، بل لا بد من توافر 4 تخصصات مختلفة؛ حتى تكون عملية تطوير الميدان عملية سليمة منضبطة متكاملة، فلا بد لأى لجنة تقوم بتطوير الميادين أن يضم تشكيلها 4 تخصصات هي: العمارة، التخطيط العمراني، الفنون الجميلة أو التشكيلية، مسئولو المرور، وفى حال ما إذا كانت المدينة أثرية مثل: الأقصر، لا بد أن يكون هناك عضو من وزارة الآثار، ولكل منهم دوره المهم الذي يتكامل مع بقية التخصصات.
"فيتو".. ترصد في هذا الملف جانبًا من القصور الذي شاب عددًا من ميادين المحافظات؛ أملًا في أن يتم تدارك هذه الخطايا في قادم المواعيد حتى تصبح ميادين المحافظات عناوين للجمال والانضباط والرقي وليس انعكاسًا للعشوائية والفوضى.. والقبح.
ميادين قنا
ويعد ميدان المحطة بمركز قوص جنوب محافظة قنا، الذى احتله الباعة الجائلون من أهم الميادين التى شهدت العديد من الأحداث المهمة التى كانت فى وقت ثورة 25 يناير.
وبعد مضى تلك السنوات اعتقد الكثير من الأهالى بعد الثورة أن يتم تطوير الميدان ويصبح ميدانًا مشرفًا يحمل ذكريات انتصار الثورة وما تلاها من أحداث وصولا إلى ثورة 30 يونيو، ولكن لم تأت الرياح بما تشتهى السفن.
فقد تحول الميدان إلى سوق كبير يضم العديد من الباعة الجائلين، بالإضافة إلى تحويل الجدارية والنافورة الموجودة بوسط الميدان إلى مكان يضم المواشى والحيوانات التى يتركها الباعة أو المواطنين الذين يذهبون لشراء حاجاتهم من السوق.
من جانبه قال محمود ثروت، أحد أبناء مركز قوص، أن الميدان تحول إلى مكان لإلقاء القمامة التى تفيض من الباعة فى الشوارع، ولم يعد العديد من تلك الشوارع مهيئا للسير فيه بسبب انبعاث الروائح الكريهة والحيوانات النافقة الصغيرة من طيور وغيرها.
وأشار يحيى أبو الحسن، أحد أهالى مركز قوص، إلى أن الشوارع المحيطة بالميدان تحولت جميعها إلى سوق لبائعى الجبن والسمن البلدى والخضر والفاكهة، وإلى جانب ذلك سيارات السرفيس التى تركن في الشارع المقابل للميدان، وهذا يعرض الكثير من المارة للحوادث وخاصة فى موسم المدارس.
وطالب صابر على الزين، أحد أبناء مركز قوص بضرورة أن يكون هناك تخطيط وتنظيم لهذا الميدان الذى أصبح عزبة للباعة الجائلين فضلًا عن تهالك الجدارية التى تسرد الواقع الصعيدى، فضلا عن تحول النافورة التى تعد مظهرًا حضاريًّا إلى موقع لركن الدواب والماشية، بالإضافة إلى انتشار القوارض والذباب بكثافة بسبب الروائح التى تنبعث من القمامة والمخلفات التى يتركها الباعة والمواطنون فى كثير من الأحيان، وتسبب إعاقة مرورية للمواطنين.
خاصة أن ذلك الميدان يضم عددًا من المصالح الحكومية ومكتب بريد بالقرب منه ومقر لأحد فروع البنوك الكبرى التى تشهد إقبالا كثيفا من المترددين عليه فى أوقات صرف الرواتب أو المتعاملين مع البنوك من أهالى المغتربين لصرف الحوالات، ولذا نجد ازدحامًا فى أيام معينة من الشهر حتى فى وقت أزمة كورونا.
نقلًا عن العدد الورقي…