خبراء يوضحون وظيفة المتحدث الرسمي.. لا يجب أن يقحم نفسه في مشكلات.. و"الجبان" لا يصلح في هذه المهمة

«الناطق الرسمى أو المتحدث الرسمى».. هى وظيفة يشغلها الشخص المكلف بإذاعة ما يراه مناسبًا من أخبار ومعلومات واتجاهات وقرارات تتعلق بالمؤسسة التى يعمل بها وتعبر عن سياساتها ومواقفها المختلفة إزاء القضايا المختلفة التى تهم الرأى العام ووسائل الإعلام، لكن أثارت تلك الوظيفة الجدل مؤخرًا بعد خروج بعض المتحدثين الرسميين عن المعايير والضوابط المنظمة لعملهم وتسببهم فى مشكلات عديدة للمؤسسات التى يعملون بها بدلا من أن يكون سببا فى حلها.

ضوابط المتحدث الرسمي 

يقول الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن وظيفة المتحدث الرسمى بالوزارات والجهات الحكومية يجب أن تخضع لمجموعة من الضوابط المهمة، أولها أن يكون مدركًا لنوعية القضايا التى ترتبط بوزارته، وأن يكون لديه حس جماهيرى للقضايا التى تهم الرأى العام، ويكون منغمسًا فى كل مشكلات وزارته، بالإضافة إلى أن يكون لديه وعى بالمشكلات المعيشية للمواطنين، مضيفًا: المتحدث الرسمى يجب أن يكون ذا علاقة زمنية وآنية بالإعلام، وتكون ردوده فى نفس الوقت متأنية، بحيث لا يدخل فى مشكلات شائكة.

وإذا لم يكن لديه معلومات كافية فالأفضل التأنى حتى التأكد من المعلومات بدلا من التسرع فى الإدلاء بها؛ لأنها يمكن أن تتسبب فى مشكلات لوزارته، يجب كذلك أن يكون المتحدث الرسمى ذا علاقة طيبة بالصحفيين والإعلاميين، ويدرك أنه واحد منهم، والمصالح بينهم مشتركة وليست متضادة، ويكون مدركًا لاتجاهات الصحفيين؛ لأنه إذا لم يدرك ذلك يمكن أن يورطه أحدهم فى مشكلة.

وأشار أستاذ الإعلام إلى أهمية أن يدرك المتحدث الرسمى مدلول الكلمات، ويعى جيدًا أن كلمته تزن طنا، وأن يتريث فى القضايا الجدلية، وبالنسبة لاكتفاء المتحدث الرسمى واعتماده على البيانات الرسمية فقط فهو يمثل مشكلة كبيرة، ويتم الاعتماد على تلك الطريقة فى النظم التسلطية فقط، فهناك بعض الموضوعات تحتاج إلى رد على تساؤلات أكثر من مجرد إعطاء معلومات فى صورة أولية تحتاج إلى تفسير وتوضيح.

وعن الخبرة الأكاديمية للمتحدث الرسمى، أكد الدكتور صفوت العالم أنه ليس شرطًا أن يكون المتحدث الرسمى خريج كلية الإعلام، لكن الأسهل أن يكون متخصصا فى مجال الوزارة أو المؤسسة التى يعمل بها ويأخذ دورة تدريبية فى مهارات الاتصال والإعلام.

أهل الخبرة 

ويقول الدكتور حسن علي، أستاذ الإعلام بجامعة السويس: إن مشكلة المتحدث الرسمى فى الوزارات والجهات الحكومية تتمثل فى تجنب اختيار ذوى الخبرة والكفاءة واستبدالهم بـ"حد من حبايب السيد الوزير أو المحافظ" أو شخص من الدائرة المحيطة به التى يثق بها، فيضر أكثر مما ينفع. 

متابعًا: يجب على الوزارات والهيئات الحكومية أن تعيِّن متحدثًا رسميًّا مسئولًا عن كل ما يخص الإعلام ليقوم بصياغة البيانات أولًا بأول، وتكذيب الأخبار المغلوطة، وإمداد وسائل الإعلام بأخبار الجهة باستمرار، ومنوهًا إلى أن أغلب المتحدثين الرسميين اليوم غير مؤهلين لشغل الوظيفة ولا يمتلكون خبرة، وأغلبهم يتم وضعه فى منصبه تحت إطار المجاملة.

وأضاف أن وظيفة المتحدث الرسمى تجبر شاغلها على عدة أدوات اتصالية، وأولها أن يكون شخصا اجتماعيا حتى يستطيع أن يأتلف مع المصادر الأخرى التى يحتك بها أو يستعين بها، ويجب أيضا أن تكون لديه قدرة على التواصل ونقل المعلومات بأمانة، ويكون لديه رؤية عن المعلومات التى تصلح للنشر والتى لا تصلح للنشر، لأنه بحد ذاته "حارس بوابة" بلغة الإعلام، وهذا لا يعنى تقييد حرية تداول المعلومات لأن هناك معلومات لا يجب نشرها.

لفت أستاذ الإعلام أيضًا إلى أن المتحدث الرسمى يجب أن يكون واعيًا لمقتضيات الأمن القومى؛ لأن منهم من يضر الأمن القومى ضررا بليغا، مضيفا أن التهوين أو النفى لكارثة كبرى تحدث يعتبر "مصيبة"، فهو يعتقد أنه يخدم الوزير أو المحافظ بفعلته هذه، لكنها تؤدى لكارثة فى النهاية وتسبب انتشار الشائعات، مشيرًا إلى أن الزمن عنصر مهم جدا فى القضاء على الشائعة أو محاصرتها من خلال التوضيح السريع والفورى للمشكلة التى تحدث والاعتراف بها، لكن التأخير ساعتين وثلاثة حتى يخرج ببيان رسمى يعد مصيبة كبرى.

مفهوم الإعلام

وأكد الدكتور حسن على أن المتحدث الرسمى ليست وظيفة وجاهة، لكنها يجب أن تكون لأشخاص يفهمون الإعلام جيدًا، ومن المهم أن يكون موضع ثقة فى خبرته وكفاءته ويكون قادرًا على ضبط الأمور فى المؤسسة التى يعمل بها وفى نفس الوقت لا يخفى شيئًا على المجتمع، لافتًا إلى أن دور المتحدثين الرسميين للوزارات هو تشكيل الرأى العام وكشف الحقائق ودحض الشائعات والتواصل المستمر والفعال مع وسائل الإعلام ولا بد أن يكون ملما بكل المعلومات التى تخص وزارته حتى يستطيع الإجابة عن أي أسئلة أو قضايا تطرح فى وسائل الإعلام وتخص وزارته.

واختتم أستاذ الإعلام حديثه بأن المتحدث الذى لا يرد ولا يتواصل مع وسائل الإعلام ليس لديه ثقة فى نفسه ويعتبر "جبانًا"؛ لأنه يخشى من مواجهة الصحفيين أو الرأى العام، وهو بهذا يمهد لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة. 

ومن المفترض أنه هو همزة الوصل بين المؤسسة والإعلام، فإن قوة أدائه وتمكنه من عرض أفكاره بفاعلية وامتلاكه أدوات التأثير والإقناع اللازمة، ومهاراته فى التعامل مع وسائل الإعلام وأسئلة الصحفيين كلها ترسم صورته وصورة مؤسسته لدى جماهيرها، وهذا يسهم فى بناء سمعة قوية لمؤسساتهم وتبنى جدار من الثقة بين الصحفيين والمتحدث.

نقلًا عن العدد الورقي…