رئيس التحرير
عصام كامل

هل الصوفية ترفض العقل والحياة وتركز على الغيبيات دون غيرها؟ ‏

أحد منتسبي الصوفية
أحد منتسبي الصوفية

تصلح الصوفية ما تخطئ فيه  التيارات التنويرية والعلمانية حين تتبنى خطابا خاليا من الروحانيات، فتظهر أفكارها مرهقة للنفس يرفضها ‏المواطن المصري والعربي، الذي يحتل الدين الجزء الأكبر من هويته، سواء كان مسلما أم مسيحيا، فإحياء الفكر العقلاني لايعني ‏مخاصمة الدين أو الروح.‏


وتبدو الصوفية من الحلول التي تحمل لواء الروح والعقل معا دون تضارب أو تناقض، وخاصة الصوفية البعيدة عن الخرافات والأعمال ‏الغريبة التي شوهت صورتها، وتحتاج العقل في تربية النفس والقلب على الفضائل ومكارم الأخلاق وحسن تقبل ‏الآخر.‏


ما هي الصوفية ‏

 

الصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد مراتب الدين الثلاثة ـ الإسلام، ‏الإيمان، الإحسان ـ فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، اهتم بتحقيق مقام الإحسان، ‏والتربية والسلوك، وتربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل، الذي هو الركن الثالث من أركان الدين ‏الإسلامي الكامل بعد ركني الإسلام والإيمان.‏


وقد جمعها حديث جبريل، وذكرها ابن عاشر في منظومته المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، وحث أكثر على مقام ‏الإحسان، لما له من عظيم القدر والشأن في الإسلام.‏

وقال أحمد بن عجيبة: «مقام الإسلام يُعبّر عنه بالشريعة، ومقام الإيمان بالطريقة، ومقام الإحسان بالحقيقة. فالشريعة: تكليف الظواهر. والطريقة: تصفية الضمائر. والحقيقة: شهود الحق في تجليات المظاهر. فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده». 

وقال أيضًا: «مذهب الصوفية: أن العمل إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى مقام الإسلام، وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة يُسمى مقام الإيمان، وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يُسمى مقام الإحسان».

 

الصوفية والمشاعر والعقل 


يقول أسامة يماني، الكاتب والباحث، أن إعمال العقل لا يعني إغفال الروح والمشاعر الإنسانية والأحاسيس؛ لهذا فالصوفية في ‏جوهرها البعيد عن الشوائب مدرسة مهمة جدا في تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل.‏

أضاف: الصوفية ليست الدروشة والخروج عن المألوف والمظاهر المنفرة التي يقوم بها الجهلاء وأدت إلى ضياع جوهر وحقيقة ‏التصوف ومفهومه الأخلاقي والروحي والنفسي والفني، لافتا إلى أن أهل التصوف على مدار التاريخ تفردوا بين أهل الأدب ‏والأخلاق بالتجويد في الموسيقى والغناء بالفلسفة.‏
اختتم: الصوفي ليست غائبا عن مجريات الواقع، أو درويش يقطع التواصل مع الحياة، فابن عربي القطب الصوفي الكبير الذي ‏عاش في حدود القرن الرابع الهجري، كان منفتحا على الكون وعلومه وفلسفاته، مردفا: الصوفي الحقيقي يربط بين الفكر والحياة ‏المادية بالإرادة والإصرار والهمة العالية.‏
 

الجريدة الرسمية