رئيس التحرير
عصام كامل

«ليس بالديمقراطية وحدها تحيا مصر».. «بلير» يهاجم تعصب الإخوان.. «السيسي» اختار ما بين الفوضى أو التدخل.. الجماعة عجزت عن التحول من المعارضة للحكومة.. المجلس العسكري في اخ

رئيس الوزراء البريطاني
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير

نشرت صحيفة "الأوبزرفر" مقالا لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير تناول فيه مستجدات الأوضاع في مصر والشرق الأوسط ، قال فيه " كون الحكومات ديمقراطية لا يعني بالضرورة أنها ناجحة".


وأكد - في مقاله الذي بثته الصحيفة على موقعها الإلكتروني مساء السبت - تأييده للديمقراطية بقوة ، ولكن قال أيضا: إن إثبات الكفاءة بات يمثل اليوم تحديا أمام الحكومات، فعندما لا تلبي الحكومات مطالب شعوبها، لا تستمر حتى موعد إجراء انتخابات جديدة.

وأشار إلى أنه حتى في ظل حكومات أحرزت تقدما ملحوظا على صعيد الاقتصاد، قد تتظاهر الشعوب بناء على أي أساس موضوعي ، وليس أدل على ذلك من مثالي تركيا والبرازيل، وعندما تكون الدول بصدد الانتقال من مستوى الدخول المنخفضة إلى المتوسطة ، يكون سقف طموحات الشعوب أعلى، فهم يطمحون إلى لمس جودة في الخدمات ، وإلى مساكن أفضل وبنية تحتية جيدة لاسيما النقل.

وفي مصر، قال بلير: إن مشكلات الحكومة اقترنت بالاستياء من أيديولوجية وتعصب "الإخوان المسلمين" الحاكمة، إذ شعر الشعب المصري بأن الإخوان يسعون بخطوات ثابتة إلى فرض أفكارهم الخاصة على ملامح الحياة اليومية.

ورأى أن الأحداث التي قادت إلى قيام الجيش المصري بعزل الرئيس محمد مرسي - حسب الصحيفة - واجهت الجيش بضرورة الاختيار بين التدخل أو الفوضى، وقال "إن خروج 17 مليون مصري إلى الشارع إن لم يكن مماثلا للانتخاب، فإنه دليل قوي على سلطة الشعب".

وأضاف "أن التجمع المعادل له في بريطانيا قد يقدر بنحو 13 مليونا، ولكن لو فرضنا وقوع مثل هذا في بريطانيا فإن الجيش لن يتدخل.. نعم لن يتدخل، ولكن الحكومة القائمة أيضا لن تستمر".

واتهم بلير جماعة الإخوان المسلمين بالعجز عن التحول من حركة معارضة إلى حكومة ، قائلا "إن الحكومات قد تؤدي أداء سيئا أو جيدا أو متوسطا، لكن الوضع في مصر في ظل الإخوان كان مختلفا، فالاقتصاد يتهاوى والقانون العادي والنظام كادا أن ينعدما ، والخدمات لم تكن كما ينبغي".

ورأى بلير أن الوزراء كأفراد بذلوا قصارى جهدهم، قائلا " لقد التقيت وزير السياحة قبل أسابيع قليلة وأظنه كان وزيرا ممتازا لديه خطة معقولة لإنعاش قطاع السياحة في مصر، لكني علمت قبل أيام قليلة باستقالته ردا على خطوة محيرة للعقل أقدم عليها رئيس الجمهورية بتعيين محافظ جديد للأقصر، محطة الجذب السياحي الرئيسية، كان منتميا إلى الجماعة المسئولة عن أسوأ هجوم إرهابي على السياحة شهدته مصر على الإطلاق في الأقصر عام 1997 والذي أودى بحياة أكثر من 60 سائحا".

واستعرض بلير الوضع الراهن قائلا "الآن يواجه الجيش المصري مهمة حساسة وشاقة هي قيادة الدولة مرة أخرى إلى مسار الانتخابات والعودة السريعة إلى حكم ديمقراطي، ونحن نأمل أن يتمكن من ذلك دونما مزيد من الدماء".

"لكن في غضون ذلك"، يقول بلير، "سيتعين على أحدهم إدارة أمور الحكم، وهو ما سيعني اتخاذ بعض القرارات بالغة الصعوبة أو حتى غير الشعبية.. لن يكون الأمر سهلا".

واعتبر بلير أن ما حدث في مصر هو أحدث أمثلة التفاعل التي شهدها العالم بين الديمقراطية والتظاهر وكفاءة الحكومة، وقال إن "الديمقراطية هي إحدى الطرق التي يتبعها متخذو القرار في صنع قراراتهم، ولكنها ليست بديلا عن صنع القرار".

وأضاف "أذكر حديثا لي في وقت سابق مع بعض الشبان المصريين بعد سقوط نظام حسني مبارك بفترة وجيزة ، وقد اعتقدوا أنه بالديمقراطية، سوف يتم حل المشاكل، وعندما تطرقت إلى الحديث عن سياسة اقتصادية مناسبة لمصر، قال الشبان ببساطة إن كل شيء سيكون على ما يرام في ظل الديمقراطية".

ورأى بلير أن هناك تطورا إيجابيا تشهده منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى ، وهو مناقشة الدور الذي يمكن أن يضطلع به الدين في السياسة ، قائلا "إنه بغض النظر عن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين فإن التوجه الغالب على ما يبدو لدى حكومات المنطقة هو التوجه العلماني".

واختتم بلير حديثه عن مصر قائلا "إذن.. ماذا على الغرب أن يفعل؟.. ها هي مصر آخر شاهد يذكرنا باضطراب منطقة الشرق الأوسط.. إن أي قرار بالتزام الصمت هو في حد ذاته قرار ذو تبعات كبيرة..إننا لا نستطيع تحمل فكرة انهيار مصر.. لذا علينا التعاطي مع الواقع الجديد ومساعدة الحكومة الجديدة في عمل التغيرات الضرورية، لا سيما على الصعيد الاقتصادي حتى تستطيع تلبية مطالب الشعب، وبهذا فنحن نساعد في العودة إلى صناديق الانتخاب التي تصممها أيادٍ مصرية من أجل مصر".
الجريدة الرسمية