فريد زهران: البرلمان الحالي امتداد لـ"مجلس عبد العال".. و"الشيوخ" بلا صلاحيات (حوار)
إلغاء "الطوارئ" لا يكفي.. ونأمل أن يتبعه قوانين أخرى
لدينا أزمة بترتيب الأولويات.. ووزير التعليم فشل ويجب تغييره
عهد السيسى شهد تغييرات إيجابية فى الملفات الإقليمية والعلاقات الخارجية
نفتقد إلى "الوزير السياسى" بمعناه الحقيقى.. و"أهل الثقة" لا يصنعون الفارق
الإنسان والتعليم والصحة وغلاء الأسعار ودور الأحزاب وموجة التضخم وأداء مجلس النواب وغيرها.. ملفات شائكة تطرح العديد من التساؤلات فى الشارع المصرى وداخل الأحزاب. "فيتو" التقت المهندس فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى باعتباره واحدًا من أصحاب الأصوات المستقلة والآراء القاطعة، وفتحت معه هذه الملفات وغيرها.
"زهران" شدد على أن إلغاء قانون الطوارئ خطوة إيجابية فاجأ بها الرئيس الرأى العام الداخلى والخارجى، وهى رسالة واضحة بأن مصر تسير على الطريق الصحيح فى مجال حقوق الإنسان، كما أكد أن الحكومات الأخيرة تعاني أزمة فى اختيار الأولويات، ويجب اختيار وزراء سياسيين، وليس أهل الثقة الذين لا يصنعون الفارق.
كما تطرق إلى ضرورة اختيار وزير تعليم جديد بمقومات حقيقية بعد أن فشل طارق شوقى فى إدارة الملف.. المزيد في نص الحوار التالي:
**فى البداية ما رأيك فى الخطوة التى اتخذها الرئيس السيسى بإلغاء حالة الطوارئ؟
*يجب أن نشير إلى أننا طول الوقت - كحزب - نطالب بإلغاء حالة الطوارئ، خاصة أن البرلمان الحالى مد حالة الطوارئ مرتين، وبالتالى نحن الحزب الوحيد الذى رفض المد وتعرضنا بسبب ذلك لاتهامات من جانب البعض بأننا عدو لا يستهان به، وأننا لا نحب مصر ولا نقدر خطورة الوضع الأمني، وأننا نتحرك وفق أجندات خارجية وغيرها من الاتهامات، حتى فاجأ الرئيس السيسى الجميع والرأى العام بإلغاء مد حالة الطوارئ، وهنا نفس الأصوات التى هاجمتنا أيدت قرار الرئيس، ووصفته بالرائع، وبالتالى نحن موقفنا ثابت لأننا كنا نرى أن محاكمة الفرد أمام القضاء العادى أمر يكفى لمكافحة الإرهاب وتداعياته، وبالتالى خطوة الرئيس جيدة.
**وهل إلغاء الطوارئ يعنى إلغاءها على أرض الواقع بشكل فعلى؟
*خطوة الرئيس السيسى إيجابية؛ لأنه من الأفضل أن تأتي متأخرة على ألا تأتي، ولذلك فنحن مع إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، والرئيس اتخذ خطوات فى هذا الاتجاه من خلال الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبعدها إلغاء حالة الطوارئ، ونأمل أن تتبعها قوانين أخرى كالحبس الاحتياطى والاعتصام السلمى، خاصة أن هناك ترسانة من القوانين المقيدة لحقوق الإنسان منذ قرن من الزمان، وبعضها منذ أيام الحماية البريطانية، فضلا عن وجود بعض مواد الطوارئ داخل بعض القوانين العادية، وهذا لا يعطى الأثر المطلوب من إلغاء الطوارئ.
**وهل الأجهزة الأمنية والجهات ذات الصلة فى رأيك قادرة على أن تعمل بعيدًا عن الطوارئ؟
*نعم، هى قادرة على أن تعمل وتؤدى دورها بعيدًا عن الطوارئ من خلال العمل وفقًا للأساليب العلمية، ووفقًا لتقاليد البحث الجنائى والأدوات القانونية المختلفة.
وفى النهاية تؤدى قوانين الحبس المفتوح إلى نتائج غير جيدة، وفى نفس الوقت تتنافى مع الحقوق القانونية والإنسانية والدستورية للمواطن، وهو ما يستلزم الابتعاد عن جميع القوانين والممارسات التى تنتهك حقوق الإنسان وتطوير آليات الأجهزة الأمنية فى مواجهة الجريمة.
**فى اعتقادك الشخصى هل خطوة إلغاء الطوارئ كان مقصودًا بها الشعب أم توجيه رسالة مغلفة للخارج؟
*الاثنتان معا، فهذه الخطوة مقصود بها المجتمع المحلى والمجتمع الدولى أيضا، لأنه لا يخفى على أحد أن مصر تعرضت لبعض الانتقادات فى مجال حقوق الإنسان الفترات الماضية كان أبرزها: بيان الدول الأوروبية المعروف عنها صداقتها مع مصر فى جميع المجالات وتضمن بيانها رصدا لظواهر ومطالب محددة، وللأسف الدوائر التى تحرص على إعلان الموالاة تعاملت مع البيان بشكل عدائى دون أن تسعى للتحاور فيما يخص بنود التقرير. ونحن كحزب دعونا للتفاعل الإيجابى مع البيان، وليس بطريقة «شعبى وأنا حر فيه»، خاصة أن هذه الدول صديقة، وباختصار إلغاء قانون الطوارئ جزء من أهدافه إرسال رسالة للرأى العام العالمى أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح للحفاظ على حقوق الإنسان بإطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ثم إلغاء الطوارئ، وفى نفس الوقت هى رسالة للداخل، والتى بها قوى معارضة ومجتمع مدنى تنتقد أوضاع حقوق الإنسان واستمرار الطوارئ، وبالتالى قرار إلغاء الطوارئ سيؤدى إلى تخفيف هذه الانتقادات.
**وما رأيك فيما تم الإعلان عنه مؤخرًا بشأن بناء سجون فندقية والحملة المصاحبة لها؟
*الإعلان عن بناء سجون فندقية أو وفقًا للمعايير الدولية فكرة غير جيدة، وهنا يجب ألا ننسى منظر الرئيس السادات عندما قدم نفسه للرأى العام بهدم سجن طرة وحرق شرائط التسجيلات، وبالتالى هو أعطى رسالة رمزية على المستوى الدولى والمحلى بفتح صفحة جديدة بهدم السجون، وهذا المشهد هو ما يجب تصديره للحفاظ على الصورة، لكن هنا لا بد أن نشير إلى أن من أوصى الرئيس بافتتاح السجون بدعوى أنها تتطابق مع المعايير الدولية سينقل للخارج بشكل غير مباشر أن مصر بها أعداد كبيرة من المساجين، بدليل بناء سجون جديدة، وهو ما يستخدم ضدنا خارجيًّا، وبالتالى هذه الخطوة لم تؤد الغرض المستهدف منها.
**هل الأزمة تكمن فى طبيعة السجن أم في الأسباب التى تقود إليه؟
*يجب أن ندرك أولًا أن السجن ليس للسياسيين فقط، ولكن لكل مَن يمارس عملًا خارجًا على القانون سواء جرائم قتل أو سرقة أو نصب أو تزوير أو إرهاب، ولكن المشكلة الحقيقية هى بناء سجن وكثرة الأعداد فى السجون، وما يتردد من أنها تتعلق بالسياسيين وما يروج من شائعات عن معاملة غير طيبة فى السجون وفى ظل رغبة الرأى العام المصرى والعالمى للإفراج عن المحبوسين احتياطيا، وبالتالى فتح سجن جديد سيفهم خطأ على أنه استمرار للنهج السابق.
**وهل تعتقد أن مصر السيسى شهدت فى السنوات الأخيرة تغييرات جذرية؟
*بالفعل نعم، فهناك العديد من التغييرات الإيجابية التى حدثت فى عهد الرئيس السيسى، ونحن كحزب كان لدينا اختلاف مع بعض التوجهات إلا أن الإيجابيات التى حدثت كثيرة، خاصة فى معالجة بعض الملفات الإقليمية والدولية، مثل دور مصر من الاعتداء الإسرائيلى على غزة والإدارة الحكيمة لأزمة سد النهضة بغض النظر عن الأخطاء السابقة، بالإضافة إلى ذلك النجاح فى إدارة ملف العلاقات الدولية بشكل إيجابى، ولكننا نختلف فى ملف السياسة الداخلية رغم الخطوات الداخلية التى اتخذت، إلا أننا كانت مطالبتنا بإصلاح سياسى وانفراجة فى المناخ العام.
ولعل الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وإلغاء الطوارئ بداية جيدة لتحقيق المزيد، خاصة ونحن رفضنا الموازنة العامة للدولة؛ لأنها لا تفي بالنسب التى حددها الدستور فيما يتعلق بالتعليم والصحة، بالإضافة إلى أن الموازنة سيتم استدراجها لتوريط مصر فى الديون، أضف إلى ذلك أننا عارضنا كثيرا من المشروعات الكبرى رغم أهميتها بسبب التوقيت رغم تقديرنا لكل الخطوات التى اتخذها الرئيس وأهميتها لكننا كنا نطالب بوضع أولوية للإنفاق والاعتمادات المالية ومركز الثقل، بدليل تأييدنا لمبادرة حياة كريمة وإستراتيجية حقوق الإنسان وإلغاء الطوارئ، وهذه الأمور كان يجب إعطاؤها الأولوية.
**هل هذا يعنى فى رأيك أن الحكومة تعانى من أزمة فى ترتيب الأولويات وكيف يتم تجاوزها؟
*هذه حقيقة مؤكدة؛ فالحكومة يغيب عنها اختيار الأولويات فى الإنفاق، وعلى سبيل المثال: هناك تقرير حكومى رصد 10 مليارات جنيه لتطوير مرفق السكك الحديدية، وبعد عدة سنوات اعتمد 27 مليار دولار أي ما يوازى 450 مليار جنيه، علما بأنه سيخدم 5% فقط من المواطنين، وبالتالى فعلا لدينا مشكلة فى ترتيب الأولويات، بالإضافة إلى الإنفاق على مشروعات جيدة لكن مردودها الاقتصادى بعيد، وهذا ما نختلف مع الحكومة فيه، لكننا أيدنا مبادرة حياة كريمة التى كان يجب أن يكون لها الأولوية للتخفيف عن المواطن.
**وهل ترى أن الشعب راضٍ عن السياسات الحكومية؟
*هذا أمر صعب تحديده، فزيادة الأسعار وزيادة الأعباء المالية الملقاة على عاتق المواطن ستجعله غير راضٍ، لكن المشكلة تكمن في أن المواطن عندما يكون غير راض عن وضع ديمقراطى يعبر عن نفسه من خلال مفاوضات، على سبيل المثال بين النقابات والحكومة وأصحاب الأعمال بشأن زيادة الأجور، أو مثلا الأحزاب تحتج على السياسات المالية والنقدية، وعلى زيادة الأسعار، فيتم تعديل هذه السياسات، بمعنى أن استخدام آليات التفاوض الاجتماعى ستجعل المواطن راضيا عن السياسات؛ لأن الأمر سيكون واضحًا أمامه أولا بأول بدلا من تراكم حالة عدم الرضا، والتى تزيد من الضغوط وتؤدى إلى عدم القدرة على السيطرة عليها.
**هناك أزمة كبيرة فى ملفات شائكة مثل التعليم.. هل فشلت الحكومة فى التعامل معها؟
*بالتأكيد هناك فشل يبدأ من عدم تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة للتعليم، وفقا لما نص عليه الدستور، فنحن لدينا الوزير طارق شوقى وزير التربية والتعليم يردد دائما أنه عالم وأستاذ مرموق بجامعات كبرى، لكن للأسف تقديرى الشخصى أن كل هذه المبررات لا تعطى انطباعا أنه وزير جيد، خاصة أنه غاب عن مصر عشرات السنين، وبالتالى هو وزير يفتقد لمعرفة الواقع التعليمى فى مصر، ولا يملك خبرات داخل المؤسسة التعليمية حتى يلمس طبيعة المشكلات ويضع حلولا لها، والنقطة الثانية أن وزير التربية والتعليم كان يمكنه معالجة نقص الخبرة بتبنى مجموعة من المستشارين والعاملين بالحقل التعليمى من أصحاب الخبرة، وأن يتحملوا معه المسئولية.
لكن المشكلة أننا لا نرى معه كوادر من هذا النوع، والوزير يتعامل مع التعليم وكأنه سر من أسرار الدولة العليا، وبالتالى لدينا مشكلتان كبيرتان فى ملف التعليم، أولهما الاعتمادات المالية، والثانية شخص الوزير نتيجة غياب السياسات التعليمية، وهو ما يتسبب فى حالة من الارتباك لدى المواطنين، وبالتالى نحتاج إلى رفع الاعتمادات المالية، وإجراء حوار مجتمعى واسع حول السياسات التعليمية، وهذه تعد خطوة أولى للحل، ونحن بالإضافة إلى ذلك نحتاج إلى وزير جديد وطاقم مساعدين معلن عنهم وسياسات تعليمية يتم بلورتها عبر الحوار بين الخبراء والقوى السياسية.
**هل النواب الذين يضمهم المجلس يعبِّرون بالفعل عن الشعب أم مهمتهم تمرير القوانين؟
*الحقيقة الثابتة أن مجلس النواب الحالى ليس أفضل أو أسوأ من المجلس السابق؛ ففى البرلمان السابق كانت هناك معارضة من جانب كتلة 25-30 وبعض المستقلين، والمجلس الحالى به كتلة معارضة أيضا عارضت مد الطوارئ والموازنة العامة للدولة وإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، وعارضت قانون الشهر العقارى، وقدمت مشروعات قوانين لشهداء الجيش والأطباء من حزبنا، وهناك نواب مثل النائب محمد عبد العليم داود، وبالتالى وجود معارضة فى مجلس النواب أمر جيد، خاصة إذا كانت المعارضة تنجح فى إقناع الأغلبية بإدخال تعديلات على مشروعات القوانين مثلما حدث فى قانون الخدمة المدنية، وقانون الشهر العقارى.
لكن فى نفس الوقت كلا البرلمانين الحالى والسابق، كان يمرر كل القوانين التى تطلبها الحكومة، بدليل الموافقة على قوانين انتخاب لا تساعد على تمثيل الناس بشكل متوازن وعادل، ونحن فى حاجة لقانون عادل يعتمد على القائمة النسبية لإتاحة الفرصة لكل القوى السياسية فى التمثيل، وبالتالى المجلس الحالى والسابق لا يعبر عن كل القوى السياسية.
**هل كانت هناك ضرورة لعودة مجلس الشورى بمسماه الجديد «الشيوخ»، وهل حقق المطلوب منه؟
*نعم كانت هناك ضرورة لعودته ونحن أيدنا عودته، ونرى ضرورة توسيع صلاحياته، فهو أقرب الآن إلى مجلس استشارى من كونه مجلسا تشريعيا، وبالتالى نطالب أن تكون له اختصاصات تشريعية واضحة؛ لأن وجوده مفيد، وموجود فى العالم كله مجلسان، وكلاهما له دوره التشريعى.
**حالة الغلاء التى يعانيها الشعب المصرى فى جميع الخدمات، كيف سيكون صداها؟
*من الضرورى خلق آليات للتفاوض الاجتماعى وإيجاد حلول مناسبة للغلاء، بحيث يضم وضع حلول عملية تخدم المواطن وتخفف عنه وبالتالى غلاء الأسعار يحتاج إلى تفاوض اجتماعى حتى يشعر الناس بوجود حلول عملية، ومشكلة الأسعار أنها تحتاج لتفاوض اجتماعى، أما فرض الأمر بحجة زيادة الأسعار العالمية فهذا أمر مرفوض، ولا بد أن تكون هناك خيارات للتفاوض.
** ما رأيك فى تعامل الحكومة مع أزمة وزارة الصحة؟
* الأزمة الحقيقية هو عدم وجود بيانات واضحة أمام الرأى العام عن حقيقة وأبعاد الأزمة، وهذا فتح المجال للشائعات ولحدوث انقسام مجتمعى إلى فريقين، الأول يرى براءة الوزيرة، والفريق الآخر يرى أنها متورطة، وفى كلتا الحالتين لا توجد معلومات تثبت صحة هذا الرأى أو ذاك لعدم وجود المعلومات والشفافية.
**وهل فعلا نعانى أزمة فى اختيار الوزراء؟ وهل لا نزال نعتمد على أهل الثقة دون الكفاءة؟
*هذا صحيح، لكن يجب أن نعرف مدى احتياجنا هل لوزير سياسى أم وزير ينفذ فقط، فنحن حتى الآن ليس لدينا وزراء بالمعنى السياسى، أو هكذا تبدو الأمور، فالمفروض أن الحكم لحزب سياسى ينفذ رؤية سياسية، وليس «تكنوقراط» ليس لديهم رؤية سوى تنفيذ الأوامر أقرب للسكرتارية، وبالتالى الوزراء يكونون دائما من أهل الثقة، لكن الكفاءة مطلوبة أيضا.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…