ارتفاع الأسعار والحكومة العاجزة.. خبراء: نصدر بترولا أكثر مما نستورد.. والتدابير الحكومية غير منصفة للفقراء
حمَّل أكاديميون وخبراء اقتصاديون حكومة الدكتور مصطفى مدبولي مسئولية عدم الاستعداد الكافي لمواجة أية متغيرات اقتصادية طارئة، وأرجعوا ذلك إلى ما وصفوه بالسياسات الاقتصادية الهشة والضعيفة التي تصل إلى حد العجز، واقترحوا حزمة من التدابير الضرورية والعاجلة لمواجهة موجة الغلاء المحتملة؛ بهدف تخفيف حدتها وقسوتها على الفقراء ومحدودي الدخل.
الدكتور جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين السابق يقول: إن حدوث موجة غلاء فى الأسعار أمر وارد وهو الأمر له مصادر داخلية وأخرى خارجية، وبالنسبة للمصادر الداخلية فهى نتاج السياسات النقدية إلى جانب أن لدينا اقتصادًا تم تسخينه بدرجة كبيرة خاصة أن هناك عددًا كبيرًا من المشروعات التى تتضمن إنفاقًا كبيرًا وليس لها عائد سريع وينتج عن ذلك زيادة فى الطلب الكلى عن المعروض الكلى وهو ما يتسبب فى خلل ينتج عنه ارتفاع فى الأسعار.
مضيفًا: إذا نظرنا إلى الوضع المالى للحكومات نجد أن هناك حكومات تعجز عن النفقات فتلجأ إلى سد العجز بعدة وسائل على رأسها: طبع البنكنوت وإدخال هذه الأموال دورة الجهاز المصرى وهذا الأمر بمنزلة سكب البنزين على النار لأن قيمة النقود تنخفض فحدث التضخم ويؤدى إلى إصدار ضريبة بدون قانون وبالتالى نحتاج إلى مراجعة قائمة المشروعات ووضع أولوية صارمة واختيار محفظة مشروعات تتوافق معنا وهنا لا بد من وضع حدود لزيادة السيولة المحلية حتى لا يتزايد الخلل بين الطلب الكلى والعرض الكلى ويزيد التضخم.
وأشار جودة إلى أنه بالإضافة إلى ما سبق لا بد من مواجهة العناصر الاحتكارية فى الاقتصاد فعندما ارتفع سعر طن الأرز ألف جنيه مرة واحدة كان بسبب العناصر الاحتكارية، قس على ذلك فى كل الأسواق.
متابعًا: هناك مصادر خارجية لارتفاع الأسعار خاصة أن الاقتصاد المصرى شديد الانفتاح على الخارج خاصة فى الاستيراد علاوة على أن هناك موجة من ارتفاع الأسعار فى السلع الأساسية كالقمر والأرز وزيوت الطعام من العام الحالى حتى منتصف العام القادم ٢٠٢٢ ولعل البيان المالى الذى عرضه وزير المالية فى مارس الماضى أمام مجلس الشيوخ تطرق لهذا الأمر بأن سعر القمح سيزيد نحو ٤٠% خلال فترة زمنية أضف إلى ذلك أننا نستورد بترولًا أكثر مما نصدر وهذا يمثل عبئًا على الاقتصاد المصرى.
ويشير جودة إلى أن زيادة معدلات التضخم عالميًّا وارتفاع سعر الفائدة عالميًّا والإغلاق بسبب كورونا كل هذا انعكس تأثيرة على الأسعار فى مصر، أضف إلى ذلك أن السياسة الاقتصادية لدينا تقوم على فتح الباب لجذب رؤوس الأموال من الخارج لإقامة مشروعات وهو الاستثمار المباشر هناك الاستثمار غير المباشر عن طريق دخول الأموال إلى البورصة لشراء أوراق مالية "سندات وأذون خزانة " وتحصل بعد فترة على الفائدة وهنا لا بد من تطبيق قانون الضريبة على أرباح البورصة وبالتالى لا بد من التكاتف بين الوزارات لإيجاد حلول للغلاء خاصة أن الغلاء له تداعيات سلبية على المستوى المعيشى للمواطن.
الاستهلاك العالمي
من جانبها قالت أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية الدكتورة هدى أبو رميلة: يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار مثلما حدث خالل العام الماضى؛ حيث ارتفعت أسعار الغذاء الدولية بنسبة 2.47 % لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2014 خالل شهر مايو 2021.
مضيفة: طبقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة لألمم المتحدة "الفاو" ارتفعت أن أسعار الغذاء عالميًّا بنسبة 33 % فى أغسطس على أساس سنوى، مع ارتفاع أسعار العديد من السلع مثل الزيوت النباتية والحبوب واللحوم، لتسجل أعلى مستوياتها فى 10 سنوات ليشهد بذلك الاقتصاد العالمى ارتفاعًا غير مسبوق فى معدلات التضخم والمصاحبة للآثار السلبية لجائحة كورونا وما أدت إليه من إغلاق كامل فى العديد من دول العالم مما أدى إلى نقص المخزون الإستراتيجى العالمى ونقص فى الإنتاج الكلى والراجع إلى لجوء الصين إلى زيادة المخزون تخوفًا من مخاوف نقص الغذاء بسبب جاءحة كورونا مما أدى إلى انخفاض المعروض وزيادة الطلب العالمى وإلى ارتفاع أسعار الغذاء عالميًّا مما ساهم أيضًا فى انخفاض العرض الكلى من الغذاء أزمة الجفاف العالمى التى اجتاحت العديد من الدول العظمى المنتجة للغذاء مثل الأرجنتين والبرازيل والواليات المتحدة.
وأردفت أبو رميلة: يتفاقم الوضع العالمى حدة مع أزمة نقص الطاقة فى الأسواق العالمية والتى من المتوقع أن تستمر حتى منتصف العام المقبل، وتعثر عمليات الشحن الدولية والتى طالت أسواق أوروبا وأمريكا وبريطانيا والصين؛ حيث ارتفعت أسعار النفط العالمى إلى 80 دولارًا ومن المتوقع أن تصل إلى 100 دولار وقد ساهم فى ارتفاع أسعار الطاقة موجة ارتفاع درجة الحرارة هذا الصيف فى البلاد الأسيوية مما أدى إلى زيادة الطلب العالمى وكذلك موجة البرد القاسى التى بدأت هذا العام فى أوروبا والتى من المتوقع أن تكون أعلى موجة برد فى آخر 140 عامًا كل هذه العوامل المناخية اهمت فى زيادة الطلب على الطاقة والغاز المسيل ويمتد أثر ذلك على ارتفاع أسعار الغذاء عالميًّا؛ حيث يؤدى إلى ارتفاع أسعار الشحن والتى ذادت بالفعل من 700 دولار إلى ما يتراوح بين 5000 و12 ألف دولار وهو ما يؤثر على سلاسل الإمدادات، متوقعة أن تستمر هذه الأزمة حتى نهاية عام 2022.
وعلى المستوى المحلى وطبقًا للبيانات الرسمية -بحسب أستاذ الاقتصاد- فإن معدل التضخم السنوى قفز خلال سبتمبر إلى 8 % مقابل 4.6 % فى أغسطس الماضى، وسط توقعات باستمرار الضغوط التضخمية لنهاية العام كما ارتفع معدل التضخم مقابل معدل 1.0.% الشهرى فى سبتمبر ليسجل 6.1 % الجمالى سالبًا فى أغسطس.
ثبات أسعار الغاز والكهرباء
وتابعت أبو رميلة: فى ضوء تصريحات وزير المالية التي أكد فيها الإبقاء على أسعار الغاز والكهرباء ثابتة وضمان استمرار تحمل الحكومة تكلفة الدعم الحالى للمواطن، أجد أنها إجراءات غير كافية لحماية الفقراء وانتقال من هم على خط الفقر إلى ما دونه بالطبع هذا الوضع العالمى يشكل تحديات سياسية واقتصادية للحكومة الحالية من حيث قدرتها على تصميم سياسات اقتصادية قادرة على تحسين معدالت العدالة االجتماعية وخفض معدلات الفقر، وذلك فى ضوء ارتفاع معدلات الدين العام وخدمة الديون بالنسبة إلى الناتج القومى وما يمثله من ضغط على الميزانية العامة للدولة ومخصصات الإنفاق العام موجة تضخمية قاسية وسياسات ضرورية الستقرار الطبقات الوسطى والدنيا لتفادى الآثار الاجتماعية والاقتصادية على مؤشرات العدالة الاجتماعية ومعدلات الفقر، يصبح رسم سياسات داعمة.
أما الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة القاهرة الدكتور حمدى عبد الرحمن فأكد أن غلاء الأسعار المتوقع أمر مرتبط بالاقتصاد العالمى، وبالتالى هو شعار موجود فى كل الدول وأمر طبيعى خاصة فى ظل التطورات التى حدثت بالبنية التحتية واستصلاح الأراضى الزراعية وهذه النفقات تزيد من معدل التضخم.
مضيفًا: لا توجد حلول للتضخم لكن من الممكن تخفيضها لو تم اتباع سياسة الحد الأقصى للربح بدلًا من حالة عدم وجود ضوابط للأسعار فى الأسواق، وهو ما يعد أحد أسباب الغلاء دون محاسبة.
ويؤكد "عبد الرحمن" أن العالم كله وفقًا لمنظمة التجارة العالمية السوق المصرى مفتوح لكل السلع دون وضع حد أقصى للربح بدليل أن مستوردي السيارات يحصلون على إعفاءات ولا يسددون ضرائب، وهو الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى أجندة الاستيراد فلا بسمح بالاستيراد إلا للسلع الضرورية ووقف استيراد السلع الاستفزازية.
نقلًا عن العدد الورقي…