حرب المستهلك والتاجر.. وخبراء: لا بد من توفير مخزون كاف من السلع الاستراتيجية
أكد خبراء الاقتصاد، أن مصر والعالم مقبلان على موجة تضخمية كبيرة تستدعى التدخل بإجراءات أكثر حزما مع زيادة الرقابة على الأسواق لمنع استغلال الظروف والضغط على المواطن الذى يعانى وسيعانى خلال عام 2022 على الأقل من تداعيات هذه الأزمة العالمية.
وتباينت آراء الخبراء حول آليات التغلب على مخاطر المرحلة الحالية ما بين التوسع فى طباعة المزيد من النقود، ولو على حساب بعض التضخم، خصوصا إذا كان هذا الدعم سيكون لمدة أشهر قليلة، وضرورة التوقف عن طباعة نقود خاصة أن ذلك يتنافى مع شروط صندوق النقد الدولى والبنك الدولى حيث يدعمان السياسات الاقتصادية للحكومة ويشيدان بإجراءاتها فى مواجهة أزمة كورونا.
السلع الاستراتيجية
وحدد الخبراء روشة الخروج من أزمة الموجة التضخمية بأقل الخسائر، حيث قال هانى توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر والخبير الاقتصادى، إن مصر والعالم مقبلان على موجة تضخمية كبيرة تستدعى التدخل بإجراءات أكثر حزما مع زيادة الرقابة على الأسواق لمنع استغلال الظروف والضغط على المواطن الذى يعانى وسيعانى خلال عام 2022 على الأقل من تداعيات هذه الأزمة العالمية، مؤكدا أنه حذر منذ أكثر من ٦ شهور من موجه تضخمية حادة نتيجة فرق الزمن بين تباطؤ سلاسل الإمدادات (جانب العرض).
وتعافى الطلب بعد الخروج مؤخرًا من تداعيات جائحة الكورونا وإغلاق المجتمع فى معظم دول العالم خلال عام 2020، مشيرا إلى أن هذه الموجة التضخمية مؤقتة وقد تتلاشى مع نهاية النصف الأول من العام القادم 2022، وهو الوقت المناسب للسماح للسوق بتصحيح أوضاعه والعودة لوضع التوازن.
ودعا "توفيق" الحكومة ومسئوليها إلى اتخاذ عدة إجراءات للحد من الآثار السلبية لهذه الموجة التضخمية من خلال سرعة تكوين مخزون كاف من السلع الإستراتيجية حتى يمكن الاعتماد عليه خلال الأشهر القادمة للحد من فاتورة الاستيراد المرتفعة، ولحين انتهاء هذه الموجة، كذلك لا بد من وقوف الدولة بجانب شعبها والتخلى مؤقتًا عن سياساتها الاقتصادية المتشددة، على أن تتحمل الدولة فروق الدعم من ميزانياتها وبطباعة المزيد من النقود، ولو على حساب بعض التضخم، خصوصا إذا كان هذا الدعم سيكون لمدة أشهر قليلة، موضحا أن طباعة النقود ورغم آثارها السلبية إلا أنها ستكون أخف ضررا من الموجة التضخمية القادمة حيث إنه يمكن أن يتم إيصال الأموال للمواطنين من خلال الدعم على بطاقات التموين على سبيل المثال.
سعر الفائدة
وأكد على البنك المركزى ضرورة عدم تحريك سعر الفائدة سلبًا أو إيجابا، لأن الفائدة الحقيقية مرتفعة بما فيه اللازم. وإن لزم الأمر واستمر التضخم لفترة أطول، فلا مانع من رفع الفائدة، ولكن تدريجيًا.
وشدد على ضرورة الرقابة على الأسواق لمنع التجار الجشعين والمنتجين من رفع أسعارهم، خصوصا فى ظل مخزون مشترى بالسعر القديم، والضرب على أيديهم بشدة فى حالة مخالفة ذلك، وهو ما يتطلب تفعيل كل الأجهزة والإجراءات الرقابية خلال الشهور القادمة، وعلى المدى الطويل فلا بد لنا من بناء قدراتنا الإنتاجية، وعدم اعتمادنا على تصدير المواد الأولية.
وحول قرار الحكومة رفع أسعار الغاز الطبيعى على الحديد والأسمنت والأسمدة، أكد توفيق أن القرار إيجابى رغم ما به من رفع للسعر على المصانع سيدفعها المستهلك موضحا أن أسعار الغاز ارتفعت عالميا وستواصل ارتفاعها حتى منتصف العام القادم 2022، ولذلك لا بد من رفع الأسعار محليا حتى لا نخلق فسادا آخر من خلال سعرين فى السوق.
وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، إن موجة التضخم المقبلة تحتاج إلى فكر اقتصادى يدير المرحلة دون الضغط على المواطن المصرى بزيادة الأعباء وتحميله جميع تداعيات الأزمة العالمية، لافتا إلى أن هناك إجراءات يجب اتباعها لتخطى هذه المرحلة بأقل الخسائر أهمها عدم اللجوء لطباعة المزيد من العملة المحلية، وأن طباعة النقود ستزيد من الأعباء ولن تخفف منها، فزيادة الأموال بيد المواطنين بالتوازى مع ارتفاع أسعارها سيزيد الطلب على السلع، وبالتالى مزيد من الارتفاع، لافتا إلى أنه من بين شروط الإصلاح الاقتصادى والتعاون مع صندوق النقد الدولى والبنك الدولى حيث يدعمان السياسات الاقتصادية للحكومة ويشيدان بإجراءاتها فى مواجهة أزمة كورونا، ولذلك لا بد من عدم طباعة عملة دون غطاء نقدى مناسب، ولذلك فلن تصلح هذه الخطة لمواجهة الأزمة العالمية.
وأضاف بدرة، أن الدولة مطالبة بزيادة الرقابة على الأسواق ومواجهة جشع التجار وحماية المواطنين، أما المستهلكون فعليهم الحد من شراء السلع غير المهمة فى هذه المرحلة والاكتفاء بالأساسيات فقط وعدم الضغط على الأسواق بشراء الكماليات التى تستنزف أموالهم دون فائدة وتزيد الأعباء على الدولة، مشددا على ضرورة استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى والهيكلى واتباع سياسة الأولويات وتأجيل الكماليات لما بعد انتهاء الأزمة العالمية.
نقلًا عن العدد الورقي…،