انهيار سد النهضة.. القاهرة تستعد بتحديث البنية التحتية.. ودراسة حديثة ترصد: هبوط عند الأطراف الرئيسية
«تحديث البنية التحتية بمحيط السد العالى لمواجهة أي كميات زائدة من المياه لاحتمالية انهيار سد النهضة».. تصريح واضح أطلقه الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، خلال مشاركته فى الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة للمياه، ليعود سيناريو «انهيار السد» الإثيوبى مجددًا إلى الواجهة.
تصريحات «عبد العاطي» لم تكن الوحيدة التى نبهت من احتمالات انهيار السد الإثيوبى، فقد سبقتها دراسة حديثة أعدها الدكتور هشام العسكرى أستاذ بحوث الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة شامبين بالولايات المتحدة، حول المخاطر المحيطة بسد النهضة الإثيوبى، نتيجة تباين هبوط القشرة الأرضية أسفل جسم السد، واحتمالية انهيار السد.
وكشف «العسكري» أنه خلال الدراسة راقب الفريق العلمى حركة سد النهضة باستخدام الأشعة الرادارية المخلقة «سار»، والتى تعتمد على إرسال نوع معين من الأشعة تجاه جسم السد، تعكس لاحقا صورة عن المنشأ والموقع بشكل عام.
هبوط الأطراف
وأضاف أن «الدراسة التى شارك فى إعدادها باستخدام هذه التقنية أظهرت هبوطا غير متسق فى جانبى السدين -الرئيسى والمساعد- مع عدم تطابق سلوك المياه عند حافة السد، حيث ظهرت أمواج فى المياه المخزنة أمام السد وعند منطقة الحافة خاصة وهى ما يدلل على عدم اتساق جسد السد مع ميول الأرض فى تلك المنطقة، ولفت إلى أنه تم رصد حالة الهبوط عند طرفى السد الرئيسى، إلى جانب رصد مناطق ضعيفة جيولوجيا فى موقع البناء، رغم عدم وصول المياه حتى الآن إلى السد المكمل، والذى عكست صور الأقمار الاصطناعية هبوطا فى محيطه».
بدوره.. أكد الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس هيئة الاستشعار عن بعد، أن احتمالات انهيار سد النهضة قائمة هندسيا وجيولوجيا، حيث تقع منطقة بناء السد على الفالق الأفريقى العظيم وهى منطقة نشطة زلزاليا، وبالتالى يزيد فيها احتمالات الهزات الأرضية التى قد تؤدى إلى انهيار السد.
وأضاف أن «السبب الهندسى الذى قد يؤدى إلى مشكلات تتسبب فى انهيار السد، متعلق بعدم توافق البناء الهندسى لسد النهضة مع المنطقة الصخرية التى تم بناءه داخلها، وهو ما دفع الإثيوبيين إلى احداث بعض التعديلات الهندسية ودعم الخرسانة فى طرفى جسم السد، لكن يظل الخطر قائم طالما كانت الدراسات من البداية غير دقيقة».
كما كشف «النهري» أن سد النهضة لن يتحمل إتمام الملء الثالث والرابع كما تخطط لهما إثيوبيا؛ لأن جسم السد لا يتحمل حجزا أكثر من 20: 30 مليار متر مكعب فقط، وأكثر من ذلك يكون جسم السد عرضة للانهيار، خاصة أن منطقة التخزين أو بحيرة السد بها ارتفاعات وانخاضات حادة وهو ما يحدث عملية ضغط كبيرة على الجسد الخرسانى للسد، وحتى على سد السرج المكمل، وهو على عكس بحيرة السد العالى التى تخزن فعليا ضعف السعة التخزينية النظرية لسد النهضة البالغة 74 مليار متر مكعب، ولكنها لا تمثل ضغطا غير طبيعي على جسد السد العالى نظرا لأن منطقة بحيرة ناصر مستوية، ولا يوجد بها الارتفاعات والانخفاضات فى بحيرة سد النهضة.
تهديد وجودي
ومن جانبه أكد الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن «تقرير لجنة الخبراء الدوليين هو أقوى وثيقة فى يد مصر والسودان لإدانة إثيوبيا بعد إقدامها على بناء مشروع يهدد وجود السودان ويسبب إصرار بالغة لمصر»، لافتًا إلى أن «إثيوبيا رفضت الاعتراف بتقرير لجنة الخبراء الدوليين الصادر عام 2013 رغم موافقتها على تشكيل اللجنة ومباشرة عملها، وأنها أصبحت لديها حساسية كبيرة تجاه تشكيل أي لجنة دولية يمكنها أن تصدر تقارير محايدة تدينها».
«شراقي» شدد أيضا على أن إثيوبيا لن تتمكن من بدء عملية الاستعداد للملء الثالث إلا فى فبراير المقبل لتجفيف الممر الأوسط، حيث ما زالت منطقة هضبة الحبشة تشهد أمطارا ما بين غزيرة ومتوسطة، مشيرًا إلى أن إثيوبيا فشلت فعليا فى تحقيق أهدافها فى عمليات الملء المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة، وبالتالى فشلت فى عملية توليد الكهرباء من السد.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الأحاديث عن احتمالية انهيار سد النهضة، أعادت إلى الأذهان تقرير لجنة الخبراء الدوليين التى تشكلت بموافقة مصر والسودان وإثيوبيا فى منتصف عام 2012، وانتهت من تقريرها الفنى حول تأثير سد النهضة فى مايو 2013، والتى أكدت فى تقريرها عدم توفير إثيوبيا عدد من الدراسات الأساسية حول مشروع سد النهضة، والتى لا يمكن تجاهلها، وفى مقدمتها تأتي دراسة تأثير انهيار السد، التى يجب إتمامها قبل الشروع فى إنشاء أي سد.
نقلًا عن العدد الورقي…،