هل تصح الصلاة بدون دعاء استفتاح؟
دعاء استفتاح الصلاة.. الدعاء هو أحد العبادات التي تقوم على سؤال العبد ربّه؛ حيث يطلب العبد منه سبحانه ما يمتلكه من خير، وهي من أفضل العبادات التي يحبّها الله، ويجب أن تكون خالصةً له دون أن يصرفها العبد إلى غيره، ومن الأدعية التي يرددها المسلم كثيرًا هو دعاء الاستفتاح.
وقت الدعاء
السنّة في دعاء الاستفتاح هو أن يُقال بعد تكبيرة الإحرام وليس قبلها، وهذا رأي جمهور أهل العلم القائلين باستحباب دعاء الاستفتاح، وهناك بعض العلماء الذين أشاروا إلى أنّ دعاء الاستفتاح يكون قبل تكبيرة الإحرام، وهذا ما سار عليه مذهب المالكية، حيث جاء في الموسوعة الفقهية إنّ جمهور الفقهاء عدا المالكية قالوا بالاستفتاح في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وقبل التعوّذ والبدء في القراءة. وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم وجود أي دعاء قبل تكبيرة الإحرام، وقراءة دعاء الاستفتاح سنّة مستحبّة، ولو صلّى المسلم ولم يستفتح كانت صلاته صحيحة عند جميع العلماء.
عدد مرّات ترديد دعاء الاستفتاح
إذا كان المسلم يصلّي فروضًا؛ فإنّه يستفتح في أول ركعة من كلّ صلاة يؤديها، فإذا كان يصلّي أربع ركعات بتسليمة واحدة فإنّه يستفتح مرّة واحدة بعد تكبيرة الإحرام، وإن كان يصلّي أربع ركعات بتسليمتين فإنّه يستفتح في الصلاة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وفي الصلاة الثانية بعد تكبيرة الإحرام.
إذا كان المسلم يصلّي نافلة؛ فإنّه يستفتح في الركعة الأولى فقط. صيغة دعاء الاستفتاح ورد دعاء الاستفتاح بعدّة صيغ، منها: (اللهمَّ بَاعِدْ بيني وبينَ خطايَايَ، كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ، اللهمَّ نَقِّنِي من الخطايَا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ، اللهمَّ اغْسِلْ خطايَايَ بالماءِ والثلجِ والبَرَدِ) [صحيح البخاري]. (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ).
آداب الدعاء
أن يكون الداعي مؤمنٌ بربوبية الله، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
الإخلاص في الدعاء؛ فالدعاء عبادة، والإخلاص شرط لقبول العبادات.
أن يُسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى.
عدم التكلّف بالدعاء؛ ويكون ذلك بالابتعاد عن السجع والمحسّنات البديعية.
الثناء على الله تعالى قبل البدء بالدعاء، وذلك بحمده سبحانه، ثمّ الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
استقبال القبلة، ورفع اليدينن حيث يكون باطن الكفّ تجاه السماء على صفّة العبد الفقير المنتظر عطاء الله. ا
الثقة بالله واليقين بالإجابة؛ فالله سبحانه قادرٌ على كلّ شيء.
استشعار وجود الله، عن طريق الخشوع، واستحضار مشاعر الحبّ لله والخشية من عقابه.
الإلحاح في الدعاء وعدم استعجال الإجابة. الجزم والعزم في الدعاء دون قول استثناءات، فلا يجوز القول اللهم ارحمني إن شئت؛ فالله لا مُكرِه له.
عدم الجهر بالدعاء؛ إنّما يكون بين المخافتة والجهر.
عدم الاعتداء في الدعاء، وعدم الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم.
صيغ دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح ليس له صيغة معينة للالتزام بها، فقد وردت العديد من الصيغ التي يتم قرائتها، وفي ما يلي بعض منها:
سبحانك اللّهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك.
اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللهم نَقِّنِي من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.
وجّهت وجهي للّذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهمّ أنت الملك لا إله إلّا أنت، أنت ربّي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، اعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلّا أنت، واصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيئها إلّا أنت، لبّيك وسعديك والخير بين يديك، والشرّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك.
اللهمّ لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت ربّ السموات والأرض ومن فيهن أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدّمت وأخّرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي، لا إله إلّا أنت.
الصلاة بدون دعاء استفتاح
ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنّ دعاء الاستفتاح سنّة في الصلاة سواءٌ كانت صلاة فريضة أم نافلة، وذهب المالكية إلى عدم مشروعية دعاء الاستفتاح لورود حديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول فيه إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير، ولأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما أرشد المسيئ إلى كيفية الصلاة الصحيحة أمره بالتكبير ثمّ الشروع بالقراءة ولم يذكر دعاء الاستفتاح.
وعلى هذا فإنّ الصلاة تصحّ دون الإتيان بدعاء الاستفتاح في أوّلها، وقد سُئل ابن باز -رحمه الله- عن حكم الصلاة بدون دعاء الاستفتاح، فقال إنّ دعاء الاستفتاح هو سنّة مستحبّة ولو صلّى بدونه فصلاته صحيحة بإجماع العلماء.