فتنة «قانون أبو العلا».. «الأطباء» تهاجم مشروع «المسئولية الطبية» وترسل البديل لـ«حاتم»
«التشريع المضاد».. عنوان أزمة من المتوقع أن تنفجر خلال الأيام القليلة المقبلة، بين نقابة الأطباء من جهة، ومجلس النواب من جهة أخرى، وذلك في ظل حالة الترقب التي تحكم المشهد الحالي، على خلفية تقدم النائب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، بمجلس النواب، بمشروع قانون «المسئولية الطبية»، والذي سبق وأن تقدم به خلال الفصل التشريعي السابق، لكنه لم ينل حظه من المناقشة والإقرار.
فتنة أبو العلا
رفض قانون «أبو العلا»، أولى الخطوات التصعيدية التي اتخذتها نقابة الأطباء، والتي سارعت هي الأخرى، للإعلان – على لسان نقيبها الدكتور حسين خيري، الذي أرسل إلى الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، بنسخة كاملة من مشروع القانون الذي أعدته النقابة، وهي خطوة عقب عليها «أبو العلا» باتهامه نقابة الأطباء بأنها لم تقرأ القانون من الأساس، وأنها اتخذت موقفا هجوميا على مشروع القانون.
وبالعودة إلى خطاب «قانون الأطباء» فقد استندت النقابة في خطابها الموجه للجنة الصحة بالبرلمان، بتاريخ 20 أكتوبر الجاري، إلى الضرورة الملحة لصدور هذا القانون، حتى تستقيم المنظومة الصحية، ويتم ضبط آليات تقديم الخدمة الصحية.
كما ألمحت النقابة في خطابها الموجه لمجلس النواب، إلى أن المشروع المقدم منها، تدارك الملاحظات الدستورية والقانونية التي أبداها قسم التشريع بوزارة العدل على مشروعات القانون التي سبق أن تقدم بها أعضاء مجلس النواب في الدورة البرلمانية السابقة.
«أبو العلا» من جهته أعلن عن رفضه ما اتجهت إليه نقابة الأطباء، بتقديم تشريع جديد في هذا الشأن إذ إن هذا الأمر ليس من اختصاص النقابة، خصوصا أن التشريع سلطة مجلس النواب وفقا لما ورد في نص الدستور المصري، حيث تنص المادة 101 من الدستور على أن «يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين في الدستور».
كما حددت اللائحة الداخلية لمجلس النواب في فصلها الثاني بشأن مشروعات القوانين من يحق لهم تقديم مشروعات قوانين على النحو الوارد في المادة 158 من اللائحة الداخلية والتي تنص على: يعرض الرئيس رئيس مجلس النواب على المجلس مشروعاتِ القوانين المقدمة من رئيس الجمهورية أو الحكومة أو عُشر أعضاء مجلس النواب في أول جلسة تالية لورودها أو تقديمها بحسب الأحوال، ليقرر المجلس إحالتها إلى اللجان النوعية المختصة، وللرئيس أن يحيلها إلى اللجان النوعية المختصة مباشرة ويخطر المجلس بذلك في أول جلسة.
ويجوز للمجلس، بناء على طلب رئيسه أو بناء على طلب الحكومة، أن يقرر تلاوة المشروع على المجلس عند إحالته إلى اللجنة، كما يجوز لرئيس المجلس أن يقرر إتاحة المشروع ومذكرته الإيضاحية لأعضاء المجلس جميع، ويتم أخذ رأى الجهات والهيئات التي أوجب الدستورُ أخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لها أو التي تتعلق بمجال عملها، وذلك قبل المداولة فيها بالمجلس.
وفي هذه المادة اللائحة تحدد من يحق لهم تقديم مشروعات القوانين وهم رئيس الجمهورية، الحكومة، أعضاء مجلس النواب، بينما أوجب الدستور أخذ رأي الجهات التي يتعلق بمجال عملها مشروع القانون.
هذه المواد الدستورية واللائحية استند إليها النائب أيمن أبو العلا في رده على نقابة الأطباء، مؤكدا أنه حريص على إجراء حوار مجتمعي بشأن مشروع القانون بمشاركة النقابة وجميع الجهات المعنية.
وانتقد النائب ما وصفه بـ«الموقف الهجومي» من جانب نقابة الأطباء على مشروع قانون المسئولية الطبية، قائلا: ليس من حق النقابة تقديم مشروع قانون إلى البرلمان، ولكن لها أن تبدي رأيها في المشروع المقدم من الحكومة أو نواب الشعب.
تفاصيل القانون
ولفت «أبو العلا» إلى أن ما جاء من تصريحات منسوبة لنقابة الأطباء، تؤكد أنهم لم يطلعوا على مشروع القانون من الأساس، وأنه من بين الانتقادات الموجهة من النقابة تتمثل في تشكيل اللجنة العليا للمسئولية الطبية المنصوص عليها في مشروع القانون، قائلا: وفقا لنص هذه المادة فإنها تضم في عضويتها نقيب الأطباء، مشيرًا إلى أنها تتشكل من 5 أعضاء هم (وزير الصحة - أحد رؤساء الجامعات الحكومية - أحد عمداء كلية الطب - رئيس الطب الشرعي - نقيب الأطباء)، إضافة إلى أن المادة القانونية منحت الحق للجنة في أن تستعين بمن تراه مناسبا من المتخصصين حسب الحالات المعروضة عليها لبحثها وكتابة التقرير بشأنها.
ومن بين الاعتراضات من جانب نقابة الأطباء كذلك وهو وجود رئيس الطب الشرعي في تشكيل اللجنة العليا، ليرد «أبو العلا»، مؤكدا أن دور تلك اللجنة من صميم تخصصه ودراسته حول تحديد سبب الإصابة أو الوفاة، لافتا إلى أن مسئولي الطب الشرعي هم في الأساس أعضاء بنقابة الأطباء.
وانتقد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، اعتراض نقابة الأطباء على الدخول في تفاصيل التزامات الطبيب تجاه المريض وجعلها التزامات قانونية، مثل التوثيق والمصارحة والشفافية مع المريض وبذل كل الجهد للتشخيص قبل الإجراء، مشددًا على أن هذه الالتزامات متعارف عليها عالميا، ومضيفًا: «من مسئولية الطبيب مصارحة المريض بالحالة الطبية بالكامل ومضاعفاتها مكتوبة وبيان التعامل العلاجي ومن بينها التدخلات الجراحية، وهناك دول تعاقب الطبيب في حال عدم مصارحة المريض».
في المقابل.. تضمنت اعتراضات نقابة الأطباء على «قانون أبو العلا»، أن «مشروع القانون لم يتضمن طريقة تقديم الشكوى»، وهو ما نفاه صاحب مشروع القانون، حيث أوضح أنه «هناك باب كامل، وهو الباب الثالث يتحدث عن كل تفاصيل وخطوات التقدم بالشكوى وآلية بحثها والتظلم من القرار الصادر بشأنها».
كما شملت اعتراضات نقابة الأطباء، أن مشروع القانون لم يتعرض للتأمين ضد المسئولية الطبية لتعويض المريض في حالات الخطأ الطبي، وهو ما رد عليه «أبو العلا» بالإشارة إلى أن «مشروع القانون تضمن جميع تفاصيل التأمين في الباب الرابع، وهو أمر مطبق في جميع دول العالم لتعويض المريض».
ويمثل الحبس الاحتياطي أحد أبرز المواد الخلافية بمشروع القانون، لاسيما في ظل اعتراض نقابة الأطباء على الحبس الاحتياطي للطبيب، ليؤكد مقدم مشروع القانون أنه لم يتم النص على الحبس الاحتياطى للأطباء، حيث إن مشروع القانون يحظر حبس الأطباء احتياطيا إلا بقرار من النائب العام في الدعاوى الجنائية "وهذا أمر طبيعي"، مشيرا إلى أنه يمثل ضمانة للأطباء لعدم تعرضهم للحبس الاحتياطي في حالات الخطأ الطبي.
كما أوضح «أبو العلا»، أن قرير اللجنة العليا المنصوص عليها في مشروع القانون، عبارة عن رأى فني بشأن الحالة، وغير ملزم للنيابة العامة، حيث إن الجهات القضائية تتمتع بالاستقلالية التامة، ولها أن تأخذ برأي اللجنة من عدمه، ولكن ذلك التقرير يساعد المريض في تقديم الدعوى القضائية أو صرف التعويض من التأمين في حالة الخطأ.
وأكد أن «مشروع القانون مطروح للنقاش بين جميع الجهات المعنية في ضوء ما أقره الدستور ولائحة البرلمان، خصوصا فيما يتعلق بمن لهم الحق في التشريع، و«نرحب بأي رأي أو اقتراح أو إضافة، ولكن وفقا لاختصاصات كل جهة وبما يضمن مصلحة كل من الطبيب والمريض».
جدير بالذكر أن المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أحال مشروع القانون المقدم من النائب أيمن أبو العلا، بشأن المسئولية الطبية إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان، كما أن النائبة إيناس عبد الحليم، عضو لجنة الصحة تقدمت أيضا بمشروع قانون في ذات الشأن.
نقلًا عن العدد الورقي…