دروس مستفادة
مصر تسلم الصين مؤتمر التنوع البيولوجي (3)
من المعلوم أن اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي هي معاهدة متعددة الأطراف تضم 196 دولة على مستوى العالم، وهي أول اتفاقية عالمية بشأن صون التنوع البيولوجي، وتتمثل أهداف الاتفاقية في: صون التنوع البيولوجي، الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، علاوة على الاقتسام العادل للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية.
أهمية مؤتمر (COP-15)
ويُعد مؤتمر التنوع البيولوجي (COP-15) ثاني أكبر مؤتمر بيئي من حيث مستوى المشاركة بعد مؤتمر تغير المناخ في 2017، وقد عُقد مؤتمر "كونمينغ" في ظل ظروف بالغة الأهمية يمر بها العالم في الوقت الحالي على صعيد أزمة فقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ والتلوث، ولا سيما في ظل تسارع معدلات انقراض النباتات والحيوانات بنسب تنذر بالخطر، حيث كشفت الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي عن أن هناك مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهدّدة بالانقراض، وهو رقم لم يحدث سابقا في تاريخ البشرية.
كما أشار تقرير الإصدار الخامس للتوقعات العالمية للتنوع البيولوجي الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة إلى أن: "الإنسانية تقف عند مفترق طرق فيما يتعلق بالإرث الذي نرغب في تركه للأجيال القادمة، التنوع البيولوجي آخذ في التراجع بمعدل غير مسبوق، والضغوط الدافعة لهذا التدهور تتزايد"، كذلك ما تتعرض له البيئة الطبيعية التي تعتمد عليها البشرية من تدمير مستمر بسبب تأثير الإنتاج والحياة وتغير المناخ، هذا إلي جانب أن فقدان حالة التنوع الأحيائي يؤدي إلى فشل النظام البيئي في العمل بشكل صحيح، وسيتبع ذلك فشل المحاصيل والأمراض والآفات الحشرية وغيرها من المشاكل، مما سيؤدي إلى انخفاض إنتاج الغذاء ونقص المواد الخام.
ومن هنا، فقد ركّز الاجتماع على صياغة الإطار العالمي للتنوع الأحيائي لما بعد 2020، ووضع أهدافَا جديدة لحفظ التنوع الأحيائي العالمي، علاوة على محاولة التوصل إلى أرضية مشتركة حول بناء مستقبل مشترك لجميع أنواع الحياة على الأرض، وتنبع أهميته من كونه مثّل فرصة جيدة للبشرية لخلق مستقبل مستدام، علاوة على كونه أول مؤتمر عالمي تعقده الأمم المتحدة حول الحضارة الإيكولوجية، وهي فلسفة اقترحتها الصين.
إعلان "كونمينغ"
تبنى الجزء رفيع المستوى من الجزء الأول للمؤتمر "إعلان كونمينغ"، والذي يُعد إعلانًا سياسيًا وإنجازًا رئيسيًا للمؤتمر، حيث يلتزم الإعلان بضمان صياغة واعتماد وتنفيذ إطار عمل عالمي فعال للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 لعكس وضع الفقد الحالي للتنوع البيولوجي وضمان سير التنوع البيولوجي على طريق التعافي بحلول عام 2030 على أبعد تقدير، وذلك لتلبية رؤية 2050 للعيش في انسجام مع الطبيعة بشكل كامل، ونصّ الإعلان على أن وضع التنوع البيولوجي على طريق التعافي تحدٍ محدّد لهذا العقد، مما يتطلب زخمًا سياسيًا قويًا لتطوير واعتماد وتنفيذ إطار عمل عالمي طموح وتحولي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 وطرح الالتزامات الـ 17.
واتصالا بالإعلان الصادر عن المؤتمر، فقد طرحت الصين بعض المبادرات المهمة بهذا الصدد، تمثّلت في إعلان مبادرة لإنشاء للتنوع البيولوجي وأخذها زمام المبادرة من خلال استثمار 1.5 مليار يوان (233 مليون دولار أمريكي) لدعم حماية التنوع البيولوجي في البلدان النامية، وإعلان آخر بشأن تحرك الصين بشكل أسرع لإنشاء نظام للمناطق المحمية تمثّل الحدائق الوطنية دعامته الأساسية، وقد عكس خطاب الرئيس شي جين بينغ أمام قمة القادة للاجتماع الـ 15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي عبر وصلة فيديو في بكين، تصميم الصين على الحفاظ على البيئة الإيكولوجية، ومثّلت دعواته بشأن حشد القوى لبناء مجتمع لجميع أنواع الحياة على الأرض، وتوحيد القوى وبدء رحلة جديدة من التنمية عالية الجودة للبشرية، زخما إيجابيا بشأن تعزيز تنمية الحضارة الإيكولوجية العالمية.
فقد أعلن الرئيس الصيني شي في كلمته أن الصين سوف تنفق (230 مليون دولار) لمساعدة الدول النامية في حماية التنوع البيولوجي لديها، وستضع هذه الأموال في صندوق للتنوع البيولوجي، وستدعو دولا أخرى إلى المساهمة فيه، متعهدا بأن تكثّف بلاده جهودها لمنع انقراض بعض الأنواع، بما في ذلك من خلال توسيع محمياتها الطبيعية، علاوة على توسيع قدرات بلاده من الطاقة المتجددة عبر تسريع وتيرة مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.