لماذا حرم علماء الإسلام إيذاء الأطفال بدنيا مهما كانت الأسباب؟
في سيرة الإسلام الكثير من المعاني والعبر.. إرث كبير في كيفية بناء الإنسان أخلاقيا منذ الطفولة، والحفاظ عليه سليما معاف، بلا ندوب أو انكسارات تبقى في حياته، وتتحكم في موازين رؤية للناس والأشياء، ولهذا حرم الفقهاء وعلماء الإسلام ضرب الأطفال وإيذائهم بدنيا منذ قديم الزمان.
العقاب الجسدي
ويقول الدكتور محمد غالي، أستاذ الدراسات الإسلامية، إن العقاب الجسدي بشكل عام كان محل قبول في معظم الأوساط العالمية بوصفه إحدى أدوات التربية الأخلاقية في الأزمان الماضية، واستمر هذا الموقف حتى القرن الثامن عشر تقريبا، لكن جل علماء الإسلام اتفقوا على أنه لا يجوز استخدام العقوبة البدنية إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى الممكنة وفي ظل شروط صارمة.
وأضاف: حظروا جميع أشكال العقوبات القاسية التي تهدف إلى إذلال الأطفال وتقويض كرامتهم لأنها تتعارض في النهاية مع أهداف التربية الأخلاقية ذاتها، وأوضح العلماء أن العقوبة الجسدية لا تمثل أداة فعالة لتربية بعض الأطفال، بل ويمكن أن تأتي بنتائج عكسية، ولذلك رأوا منع العقوبة الجسدية عند التعامل مع الأطفال.
وأشار غالي إلى أن علماء الإسلام تحدثوا كثيرًا عن مسألة الأخلاق في مرحلة الطفولة، وهي المرحلة العمرية الواقعة بين الولادة والبلوغ، وانطلقت جل كتاباتهم من دراسة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة للتعامل مع مفاهيم مركزية مثل "الذرية الطيبة" و"صلاح الأولاد".
الحضارة الإسلامية
وتابع: استفاد العلماء المسلمون من الإرث المعرفي الموجود داخل الحضارة الإسلامية، وأنتجوا نوعًا متميزًا من المؤلفات المتخصصة في التربية الأخلاقية للأطفال، ومن أبرز هؤلاء العلماء ابن سحنون وأبو الحسن القبيسي وابن خلدون كما ساهم الأطباء أيضًا في هذا النوع من المؤلفات، ومن بينهم ابن الجزار الذي خصص فصلًا كاملًا للتربية الأخلاقية للأطفال في مؤلفه عن طب الأطفال.
واختتم حديثه بالقول: تناول علماء الإسلام مجموعة كبيرة من القضايا الأخلاقية المتعلقة بالأطفال في الأعمال التي ألفوها ضمن معارف وعلوم محددة مثل الفقه وأصول الفقه والعقيدة والفلسفة، بالإضافة إلى ذلك، تناولت المؤلفات المتعلقة بالآداب العامة مهنة تعليم الأطفال وما يجب على ممارسي هذه المهنة من الالتزام بقواعد أخلاقية معينة، على حد قوله.