في ذكرى محاولة اغتيال عبد الناصر.. كيف كان حادث المنشية بداية لمؤامرة كبرى؟
أثار عدم رجوع مجلس قيادة الثورة إلى جماعة الإخوان المسلمين في اتخاذ قراراتهم كما حصلوا على وعود بذلك قبل الثورة، وبدأت القطيعة بين الإخوان والثورة حين خرج القيادي الإخواني حسن دوح عقب صلاة الجمعة من مسجد شريف بمنيل الروضة في مظاهرة تندد بسياسات مجلس قيادة الثورة، ويلقى باللوم على عبد الناصر فسارت الأمور بين الطرفين من سيئ إلى أسوأ.
وبعد أيام وفى مثل هذا اليوم 26 أكتوبر 1954 كانت القطيعة النهائية مع حادث ميدان المنشية بالإسكندرية حيث كان جمال عبد الناصر يخطب في احتفال شعبى بتوقيع اتفاقية الجلاء.
وأثناء إلقاء الخطاب ألقى شاب “محمود عبد اللطيف” ثماني رصاصات وتصور الجميع أن عبد الناصر أصيب وحاول الحرس إخراجه من موقع الحادث إلا أنه رفض وصمم على استكمال خطبته.
قال عبد الناصر: "أيها الرجال، أيها الأحرار حياتى فداء لكم، دمي فداء لمصر، أيها الرجال الأحرار أتكلم إليكم بعد أن حاول المغرضون الاعتداء علي، فدمى فداء لكم وحياة عبد الناصر ملك لكم، أنا لست جبانا، أنا قمت من أجلكم، من أجل عزتكم وكرامتكم وحريتكم، أنا جمال عبد الناصر منكم ولكم، عشت لكم وسأعيش حتى أموت عاملا من أجلكم وأموت من أجل حريتكم وعزتكم وكرامتكم، فليقتلونى، فلأمت من أجل مصر، من أجلكم من أجل أحفادكم أيها الأحرار احملوا الرسالة وأدوا الأمانة من أجل عزتكم وكرامتكم، سيروا على بركة الله، الله معكم ولن يخذلكم فلن تكون حياة مصر معلقة بحياة عبد الناصر، إنها معلقة بكم أنتم وبشجاعتكم وكفاحكم فكافحوا.. وإذا مات جمال عبد الناصر فليكن كل منكم عبد الناصر).
وتعالت هتافات الجماهير "الله معك يا جمال"، ومنذ تلك اللحظة ارتفع رصيد عبد الناصر شعبيا وحقق الزعامة واحتل القلوب.
القبض على السمكري
وفي اليوم التالي أعلن نبأ القبض على القاتل محمود عبد اللطيف الذي كان يعمل "سمكري" في حي إمبابة، وقالت الصحف إن الجانى ومعه ثلاثة ينتمون إلى جماعة الإخوان هم الذين دبروا محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، وأن المحرض الأول على الجريمة هو المحامي هنداوي دوير وأن المرشد العام للجماعة حسن الهضيبي كان على علم بالخطة.
مؤامرة الجهاز السرى
أثبتت التحقيقات انتماء المتهم إلى الجهاز السرى لجماعة الإخوان، وأن محاولة الاغتيال كانت جزءا من مؤامرة كبرى لاغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة و160 من ضباط الجيش للاستيلاء على الحكم وأشارت التحقيقات أنه كانت هناك خطط أخرى لاغتيال عبد الناصر من بينها نسفه بحزام ناسف أو نسف الطائرة التي ستقله إلى إحدى الرحلات.
محكمة الشعب
بعد الحادث بأيام أصدر مجلس قيادة الثورة برئاسة عبد الناصر أمره بتأليف محكمة خاصة لمحاكمة المتهمين بمحاولة اغتياله باسم محكمة الشعب برئاسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام أنور السادات والبكباشي حسين الشافعي لمحاكمة المتهمين بخيانة الوطن، كما تم عزل اللواء محمد نجيب من رئاسة الجمهورية لاتهامه بأنه كان على صلة بجماعة الإخوان.
أحكام بالإعدام
عقدت المحاكمات بمقر الكلية الحربية بشارع الخليفة المأمون وصدرت الأحكام بالإعدام على سبعة من أعضاء الجماعة من بينهم المرشد حسن الهضيبي وخففت عنه الى الاشغال الشاقة ثم أفرج عنه صحيا.