رئيس التحرير
عصام كامل

اشتعال حرب الاختصاصات بين «هيئة الدواء» و«إدارة الصيدلة».. «الخطابات التحذيرية» كشفت أبعاد الأزمة

هيئة الدواء
هيئة الدواء

فى إطار اتجاه الدولة لـ«توطين صناعة الدواء» فى مصر، أنشئت هيئة الدواء المصرية، فى شكل هيئة عامة خدمية تتبع رئيس الوزراء، وذلك طبقًا للقانون رقم 151 لسنة 2019، وشمل القرار ضم كل ما يتعلق بملف الدواء، وذلك على خلفية مطالبات عديدة من قبل صناع الدواء والمختصين بسوق الدواء بإنشاء الهيئة على غرار هيئات دولية مثل هيئة الدواء الأمريكية وهيئة الدواء السعودية وغيرها لتطوير صناعة الدواء والتقدم بها.


يشار هنا إلى أن وزارة الصحة، ممثلة فى إدارة «الصيدلة»، كانت هى المسئولة عن إدارة ملف الدواء قبل إنشاء الهيئة، والتى انقسمت حاليًا إلى قسمين، أحدهما أصبح «هيئة الدواء»، والقسم الثانى لا يزال يعمل تحت مسمى إدارة «شئون الصيدلة»، وتتبعه إدارات الصيدلة فى مديريات الصحة بالمحافظات والتفتيش الصيدلى.


المثير فى الأمر هنا أن الأشهر التى تلت إنشاء هيئة الدواء لم تشهد أية خلافات بينها وبين إدارة الصيدلة، غير أن الأيام القليلة الماضية طفت على سطح الأحداث أزمة «تضارب الاختصاصات» بين الكيانين، فهيئة الدواء تتعامل مع الملف باعتبارها المسئول الأولى عنه وتصدر خطابات إلى مديريات الصحة بشأن التفتيش والمتابعة والرقابة على الصيدليات والأسواق والوحدات الحكومية، وهو ما اعتبرته إدارة الصيدلة التابعة لوزارة الصحة تعديا على اختصاصاتها وعلى العاملين لديها، وإعطاء أوامر لإدارات الصيدلة وهم غير تابعين لها وليس لها صفة توجيه الأوامر لهم.

 

تفاصيل الأزمة


بحسب خطاب صادر من رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، حصلت «فيتو» على نسخة منه، موجه إلى إدارة العمليات المركزية بهيئة الدواء المصرية توضح فيه أن إدارات الصيدلة فى كل المحافظات تابعة لوزارة الصحة وأذرع الأمن الصحى، وليست تابعة لهيئة الدواء، وأن الرقابة والتفتيش على الصيدليات هى اختصاصات نقلت إلى هيئة الدواء وفقا للائحة التنفيذية لها ٧٧٧ لسنة ٢٠٢٠.


ونص الخطاب على أن «إدارات الصيدلة من الجهات ذات الصلة يتم التنسيق معها فى سحب ووقف التداول للمستحضرات، وفقا للمنشورات الموجهة إلى مديريات الصحة بالمحافظات، بينما إجراءات الرقابة والتفتيش ولمتابعة واتخاذ الإجراءات القانونية من مهام هيئة الدواء دون غيرها ولا يجوز للإدارة المركزية للعمليات إصدار أي تعليمات لإدارات الصيدلة».


«تحذيرات تجاوز الاختصاصات» حملها خطاب ثانٍ صادر من رئيس قطاع مكتب وزيرة الصحة، وموجه إلى مديريات الصحة بالمحافظات للتنبيه عليهم بأنه «لا يجوز لأى إدارات تابعة لهيئة الدواء المصرية، مخاطبة إدارات الصيدلة بمديريات الصحة بشأن أي معلومات عن التفتيش والرقابة ومهام العمل»، ومؤكدا أن «إدارات الصيدلة بالمحافظات تتبع وزارة الصحة هيكليًا وإشرافيًا وفنيا»، وطالب الخطاب بعدم الاعتداد بأى مخاطبات من هيئة الدواء.


وتعقيبًا على هذه الأزمة، قال الدكتور حاتم البدوى، سكرتير شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية: منذ إنشاء الهيئة العليا للدواء هناك تضارب وتداخل بين اختصاصات وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية، مع الأخذ فى الاعتبار أن الغرض من إنشاء هيئة الدواء المصرية نقل ملف الدواء بكل اختصاصه ومهامه لهيئة الدواء ويترأس الهيئة مسئول بدرجة وزير.


وأضاف: ملف الدواء يشمل تصنيع الدواء ومواد خام ومخزون إستراتيجى وتفتيش على المصانع والسوق والصيدليات والمخازن والرقابة على سوق الدواء وجودة الدواء وضبط المخالفات به، وكذلك التطعيمات ومدى أمانها وفعاليتها، والهيئة هى من تحدد أمان وفاعلية التطعيم والدواء، غير أن وزارة الصحة لم تتنازل عن الملف بأكمله، وهناك خطابات متبادلة بين الجهتين وبيانات تحدد لكل منهم اختصاص الجهة الأخرى.

 

ثغرات قانونية 


«البدوى» شدد على أنه «بعد إنشاء هيئة الدواء كان يجب أن تئول إدارات التفتيش إلى هيئة الدواء، غير أنها وفقا للجهاز الإدارى للدولة تتبع وزارة الصحة، وهذا التضارب يمكن أن يكون سببًا فى وجود ثغرات قانونية تخرج كل المخالفين براءة، فعلى سبيل المثال لو مفتش صيدلى يتبع وزارة الصحة قام بالتفتيش على الصيدلية وحرر محاضر مخالفات وعرضها على النيابة يمكن أن يطعن الصيدلى ويقول إن المفتش غير ذى صفة؛ لأن من له الحق فى التفتيش هو الهيئة العليا للدواء».


وحذر سكرتير شعبة الصيدليات، من استمرار أزمة «الاختصاصات» لأن الخاسر فى الحرب الطاحنة بين الوزارة والهيئة هو المواطن والصيدلى، لافتا إلى أنه بدلا من تطوير الأداء والنهوض بصناعة الدواء وتطهير سوق الدواء وتطبيق منظومة التتبع الدوائى والرقابة على السوق والبحث فى آلاف الأدوية المسجلة فى السوق ومدى جدواها وضبط سعر الدواء فى السوق، يضيع الوقت فى الاختلاف على الاختصاصات.


وتابع: كذلك حل مشكلات الصيدليات من استمرار الأدوية منتهية الصلاحية التى تعتبر كارثة فى الصيدليات لا يتم حلها، وتصدر وزارة الصحة وهيئة الدواء منشورات بسحب عشرات الأصناف من مصانع الأدوية، وبالتالى الأصناف الموجودة فى الصيدلية يتحمل خسارتها الصيدلى، ولا تمنع الاحتكار، وتضمن عدالة التوزيع فى الدواء، ولا تراقب شركات التوزيع التى امتصت دم الصيدليات بعدما أصبحت تجبر الصيدليات على الدفع وتسديد ثمن الأدوية دون تأجيل كما كان يحدث من قبل بأن تسمح بالسداد بعد شهرين أو ثلاثة، بجانب التلاعب بهامش الربح وخفضه للصيدليات.

 

حقيقة التضارب


على الجانب الآخر، نفى الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، وجود تضارب فى الاختصاصات بين هيئة الدواء وإدارة الصيدلة، موضحا أن «الرقابة على الأسواق الخاصة بالمصانع تراقب عليها هيئة الدواء، وكذلك الرقابة على مخازن الدواء والمستودعات وشركات التوزيع هى مسئولية هيئة الدواء، بينما الرقابة على الصيدليات من اختصاص إدارة الصيدلة فى مديريات الشئون الصحية فى المحافظات وهم يتبعون وزارة الصحة، وإدارة الصيدلة لها صلاحيات التفتيش المركزى والمفاجئ على الأسواق».


وأكمل: «كل إدارة من إدارات الشئون الصحية بها تفتيش صيدلى يتابع الصيدليات ومراجعة أي منشور بسحب دواء، وينتظم فى التفتيش على الصيدليات، وكانت إدارة الصيدلة قبل إنشاء هيئة الدواء هى من تخاطب المديريات، وعندما أنشئت هيئة الدواء أصبحت تخاطب المديريات مباشرة دون الرجوع إلى إدارة الصيدلة بوزارة الصحة، وهو ما طالبت به إدارة الصيدلة بأن يكون مخاطبة المديريات من خلالها، وما يحدث عملية تنظيمية لا أكثر.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية