بعد حظر 4 سنوات.. تفاصيل قضية اغتصاب ضابط إسرائيلي لفلسطينيات
من بين كل الجرائم تظل جريمة الاغتصاب والابتزاز الجنسي هي الأبشع؛ فالاغتصاب لا يقتصر فقط على الجسد بل يقتل الضحية بالإذلال والألم والعار فبعد رفع الحظر عن ضابط التصاريح المتهم بابتزاز الفلسطينيات جنسيًّا تظهر مئات قضايا الاغتصاب والابتزاز الجنسي بحق الشعب الفلسطيني نساء ورجال وأطفال.
اغتصاب سيدة فلسطينية
بعد منع دام 4 سنوات ظهرت قضية اغتصاب سيدة فلسطينية على يد ضابط إسرائيلي إلى العالم.
وبدأت القصة الدنيئة بإنهاء الجيش الإسرائيلي منع النشر في قضية تتعلق بضابط مسجون منذ عام 2017، أدين باغتصاب امرأة فلسطينية والاعتداء الجنسي على نساء فلسطينيات وابتزازهن جنسيًّا، من بين جرائم أخرى.
تصاريح الدخول لإسرائيل
والضابط، الذي لا يزال اسمه ممنوعًا من النشر، خدم في الإدارة المدنية بوزارة الدفاع، المكلفة بالإشراف على الإدارة اليومية للضفة الغربية، وكان الضابط، وهو برتبة رائد، مسؤولًا عن إصدار تصاريح للفلسطينيين للدخول إلى إسرائيل والعمل فيها، وهو موقع قوة استغله مرارا لابتزاز فلسطينيين جنسيًّا.
تم توجيه التهم له لأول مرة في عام 2016، لكن القضية خضعت لحظر نشر صارم، وسمح لوسائل الإعلام في ذلك الوقت فقط بالكشف عن أن الضابط متهم بارتكاب "جرائم جنسية خطيرة وجرائم أخرى مخلة بالشرف".
وأدين الضابط بعد عام من ذلك، في ديسمبر 2016، وحكم عليه بعد شهرين من إدانته بالسجن لمدة 11 عامًا؛ كما تم تجريد الرائد من رتبته وفصلة من الخدمة العسكرية بإجراءات موجزة.
بالإضافة إلى ذلك، أمرته المحكمة بدفع تعويضات بقيمة 18،000 شيكل (5600 دولار) للنساء اللواتي اغتصبهن ومبلغ 9000 شيكل (2800 دولار) للنساء اللواتي استغلهن جنسيًّا.
جيش الاحتلال الإسرائيلي
وبعد حوالي أربع سنوات ونصف، قضت محكمة الاستئناف التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإمكانية نشر تفاصيل إضافية حول القضية، بما في ذلك الجرائم المحددة التي أدين الضابط بارتكابها.
وتبين أن الضابط اغتصب امرأة فلسطينية جاءت إليه للحصول على تصريح للعمل في إسرائيل، في مناسبتين على الأقل. كما أنه تحرش بها جنسيا بشكل متكرر، محاولا حملها على ممارسة الجنس مع أشخاص آخرين أيضا.
وقررت المحكمة العسكرية، استنادًا بشكل جزئي إلى التسجيلات الصوتية التي سجلتها المرأة، أنه في أول حالة اغتصاب، أجبرها الضابط على ممارسة الجنس وبعد ذلك جعلها تنظف الأرضية، قبل منحها تصريح العمل وبعد أيام قليلة، اتصل بها وأخبرها أنه ألغى التصريح وأجبرها مرة أخرى على ممارسة الجنس معه لاستعادته.
إجبار فلسطينية على ممارسة الجنس
كما أدين بتلقي رشوة من خلال إجبار فلسطينية أخرى على ممارسة الجنس معه عدة مرات مقابل تصريح عمل؛ على الرغم من الاختلال الواضح في توازن القوى، لم يعتبر هذا اغتصابا لأن الضحية لم ترفض صراحة مطالبته بممارسة الجنس.
بالإضافة إلى ذلك، أدين الضابط بارتكاب عدة تهم بالتحرش الجنسي لأنه طلب مرارًا من رجل فلسطيني وأحد معارفه ممارسة الجنس.
تاريخ الاعتداءات الجنسية
بعد سنوات من الواقعة.. سيدة فلسطينية تحكي شهادة اغتصابها “قاومته لكنه كان أقوى مني، عمل اللي بده إياه، اغتصبني، ضليت أضربه وأصرخ ما في حد سمعني هكذا تروي سيدة فلسطينية تفاصيل قصتها الحزينة”.
في نهاية أكتوبر 2017 منع جنود من شرطة الاحتلال الإسرائيلية السيدة من دخولها إلى القدس، واقتادوها إلى أحد المقار الأمنية، حيث تحرش بها أحد الجنود، واستمرت محاولاته ساعات دون أن يتمكن من اغتصابها، قبل أن يأتي آخر ليغتصبها بعد عراك.
وعلى عكس ما يميل إليه كثيرون، لجأت تلك السيدة إلى الإبلاغ رسميًّا بعدما أقنعها أحد أقاربها بذلك، لكنّ وحدة التحقيق الإسرائيلية أغلقت الملف أكثر من مرة «دون استكمال التحقيق»، بحجة أن الجاني غير معروف، في الوقت الذي أفاد فيه محامي الضحية بأن جهات التحقيق لم تمكنه من الحصول على أشرطة تسجيلات الفيديو لكاميرات المراقبة الموجودة في مركز الشرطة، ولم تعرض على الضحية صور رجال الشرطة الذين كانوا موجودين أثناء ارتكاب الجريمة، لتحديد الجاني.
من أرشيف النيابة العسكرية الإسرائيلية
قدّس الجيش الإسرائيلي منذ إقامته قيمًا مهمة، من بينها: احترام الإنسان، والحفاظ على طهارة السلاح، وهذه القيم تستند إلى موروث يهودي يمتد إلى سنوات طويلة مضت.
قال هذه الكلمات، جادي إيزنكوت، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، في رسالةٍ عمَّمها على المجندين في إسرائيل نهاية مارس 2016، ليأتي رد لم يكن عربيًّا، وإنما من مواطنه الإسرائيلي أمير أورين، أحد كبار المراسلين، وكاتب عمود في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذي استفزته كلمات إيزنكوت وبالأخص طهارة السلاح معتبرًا أن بكلماته خطأً كبيرًا، ولفت إلى ما وصفه بـ"تاريخ من الفساد والعفن يقف وراء موروث المعارك".
وأفرد أورين مقالًا، يعود إلى 3 أبريل 2016، يُفنِّد فيه كلمات إيزنكوت، مُستعينًا بأرشيف النيابة العسكرية الإسرائيلية، الذي تضمَّن كثيرًا من جرائم الحرب التي شملت تصفية للأسرى، وحالات اغتصاب، تجاوزتها إسرائيل، دون عقاب الجناة.
قوانين العفو العام
وقال أورين: إنّ "إسرائيل في غالبية العمليات والجرائم لم تطلق سراح أحد لأنها ببساطة لم تعتقلهم ولم تحاكمهم وبدلًا من سياسة الباب الدوار شرعت إسرائيل الباب عبر قوانين العفو العام"، موضحًا: "حين انتهت الحروب الكبرى (1948- 1967) بمشاعر من النصر، نُصّب جميع من شاركوا فيها في مرتبة الأبطال، وتم إسكات جرائم الحرب تحت شعار في الحرب نُقاتل وفي الداخل نعفو ونسامح".
واستشهد أورين بعدد من وقائع الاغتصاب، في ملفات النيابة العسكرية الإسرائيلية، والتي انتهت بغلق الملفات دون معاقبة الجناة، من بينها عمليات اغتصاب وقعت في عكا ليلة 29 مايو 1948، وواقعة أخرى قدم مواطن فلسطيني دعوة قال فيها: إن "أربعة جنود إسرائيلين اقتحموا منزله وأخرجوه منه، واغتصبوا زوجته"، وأمر قائد مدينة الرملة بالتحقيق في تلك الواقعة، لكن التحقيق أغلق أيضًا.
فيما وقعت جريمة اغتصاب أخرى، في نوفمبر 1948، في مقر كتيبة 11 الإسرائيلية، حينما التقى أربعة جنود إسرائيليين قافلة عربية، كانت تسير بالقرب من بلدة ترشيحًا، واستوقفوا فتاتين اغتصب أحدهم الأولى، وحاول البقية اغتصاب الثانية، وادعى الجنود في التحقيق أن "الفتاتين قاومتا بداية الأمر عملية الاغتصاب لكنهما بعد ذلك وافقتا عليه بل ساعدتا في تنفيذ الاغتصاب"؛ مما دفع النائب العام إلى محاكمة الجنود، ولكن ما هي إلا أيام قليلة حتى دخل قرار العفو العام حيز التنفيذ ليُطلق سراح الأربعة جنود.
اغتصاب فتيات صغيرات
وتضمنت وقائع الاغتصاب تلك اغتصاب فتيات صغيرات السن لم يتعدين سن 18 عامًا، من بينها اغتصاب جنود لفتاة عمرها 16 سنة، أمام والديها في قرية "عراق سويدان"، في نوفمبر 1948، وأمرت النيابة العسكرية بالتحقيق في الواقعة لكن قائد المنطقة الجنوبية رفض تقديم سيارة للمحققين، ولم يُجرَ التحقيق من الأساس.
ويروي أورين واقعة اغتصاب أخرى: "يوم إقامة إسرائيل اغتصب ثلاثة من رجال الشرطة العسكرية الإسرائيلية طفلة في الثانية عشرة من العمر في مدينة يافا، وجرت محاكمتهم بعد 10 أيام من الجريمة، أُدينوا بارتكاب عمل مشين وحُكم عليهم بالسجن ثلاثة أشهر فقط لا غير، لكن رئيس الأركان أمر بعدم تنفيذ العقوبة".
الحاخام الأكبر لجيش الاحتلال: (يجوز لجنود إسرائيل اغتصاب الفلسطينيات وغير اليهوديات في حالة الحرب).
فتوى إيال كريم الحاخام الأكبر لجيش الاحتلال
هكذا أفتى إيال كريم، الحاخام الأكبر لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في سلسلة من الفتاوى المثيرة التي أدلى بها الرجل، والتي أجازت أيضًا تعذيب المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع الاعترافات، وقتل الفلسطينيين المصابين، وهي فتاوى تُرسخ أيضًا لما لفت إليه مقال أروين حول جرائم الحرب ووقائع الاغتصاب التي مرتّ في النهاية مرور الكرام، دون معاقبة الجناة.
وقد أثارت تصريحات كريم الجدل، وقال عنها إيزنكوت إنّها غير منسجمة مع قيم الجيش الإسرائيلي، ولكن ذلك لم يمنع كريم من الاحتفاظ بمنصبه، بعدما قال في يوليو 2016 إن تصريحاته كانت تقتصر فقط على العصور القديمة وهو ما يؤكد أيضًا جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 والتي ذكرها أورين نقلًا عن أرشيف النيابة العسكرية الإسرائيلية.
ويبدو أن المسؤولين في إسرائيل دائمًا ما يتذمرون إعلاميًّا على الأقل من حقيقة اغتصاب جيش الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيات، وهو ما ظهر جليًا أيضًا، على عدد من المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من عرض جمعية الأفلام الإسرائيلية لفيلم يحمل اسم "ليبيستيكا" في عدد من دول العالم من بينها أمريكا وألمانيا.
وما أزعج نتنياهو، هو مضمون الفيلم كونه مأخوذًا من قصة حقيقية، لفتاتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب عام 1994، أثناء الانتفاضة على يد جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي، لتحكيا ما تعرضتا له من مآسٍ، تضمنت أيضًا العار الاجتماعي الذي قد يصيب الضحايا الفلسطينين، ولذلك اعتبر نتنياهو، في تصريحات في فبراير 2011، أن عرض الفيلم بمثابة استفزاز له ولجيش الاحتلال الإسرائيلي، مُطالبًا بوقف عرضه.
شهادات التعرية والتحرش الجنسي والاغتصاب
لدينا شهادات عدة موثقة ومروعة لأسرى فلسطينيات معتقلات في السجون الإسرائيلية أو محررات، جميعهن يؤكدن أن المحققين الإسرائيليين يتحرشون بالأسرى ويهددونهن بالاغتصاب، إذا لم يدلين باعترافات مطلوبة منهن.
هكذا يقول عبد الناصر فراونة، الباحث المختص بشؤون الأسرى، مدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية، في تصريحات تعود إلى عام 2012، فبالإضافة إلى حالات الاغتصاب، تروي الفلسطينيات المحررات من الأسر، ما تعرضن له من اعتداءات جنسية، وتعرية قسرية، وتحرش جنسي، وتهديد بالاغتصاب من جنود الاحتلال الإسرائيلي في سجون إسرائيل.
التعذيب الجنسي ممنهج في سجون الاحتلال.. ولم يسلم منه 40% من الأطفال المعتقلين
هكذا خلص تحقيق للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، وأجرى التحقيق دانيل واشيت، العضو باللجنة، وخرج التحقيق للنور، في نوفمبر 2015، وجاء تحت عنوان التعذيب الجنسي من السلطات الإسرائيلية ضد الرجال الفلسطينيين، واستقصى التحقيق شهادات الاعتداءات الجنسية في الفترة من عام 2012 وحتى عام 2015، ورأى منفذه أن هذا التحقيق هو الأول من نوعه.
الرجال الفلسطينيين
وكشف التحقيق أن الرجال الفلسطينيين، عرضة أيضًا للاعتداءات الجنسية من قوات الاحتلال وليس النساء فقط، وتمكن واشيت من توثيق 60 شهادة حول الاعتداءات الجنسية والتعذيب الجنسي الذي تعرض له الفلسطينيون، تضمنت 77 حالة اعتداء جنسي، تنوعت بين التحرش الجنسي اللفظي 36 حالة، والتعرية القسرية 35، والاعتداء الجنسي البدني 6 حالات.
ولم يسلم الأطفال الفلسطينيون أيضًا، من الاعتداءات الجنسية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ففي نوفمبر 2014، أصدرت مجموعة نادي السجناء الفلسطينين تقريرًا أفاد بأنه من بين 600 طفل الذين اعتقلوا في القدس منذ يونيو 2014، هناك 40% منهم تعرضوا لاعتداءات جنسية من قوات الاحتلال، وهو ما يوازي 240 طفلًا.