تساهم في دعم الأنظمة البيئية.. الفيروسات سبب بقاء البشرية على كوكب الأرض
تتسبب الفيروسات في أمراض وأوبئة عديدة، وعلى مر التاريخ حصدت أرواح قدرت بالملايين، ففي القرن العشرين وحده أودت الإنفلونزا الاسبانية عام 1918 بحياة ما يقرب من 100 مليون شخص، وقتل وباء الجدري ما يقرب بنحو 200 مليون مريض، وليس الجائحة الحالية من كورونا الإ فيروس من الفيروسات الفتاكة التي لا تنتهي.
فتاريخ الفيروسات أسود، ورصد الأمراض التي تسببها تلك الكائنات صعب ومن المستحيل، ولا يفهم أسلوب أو طريقة تأثيرها على نشاط الخلايا الحية إلا بعد دراسات وأبحاث معملية وتجارب سريرية ومختبرات دقيقة على نشاط كائن يقدر حجمه بحوالي 1 على مليون من البورصة (17:300 نانو متر).
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور حسن حسني الباحث بالمركز القومي للبحوث: إنه رغم ما عرف عن خطورة تلك الكائنات التي لا ترى إلا بالميكروسكوب، فإن الغالبية العظمى منهم نعمة وليس نقمة، فالكثير لا يسبب أمراض للبشر بل على العكس يساهم بعضهم في دعم الأنظمة البيئية، ويحافظ البعض الآخر على صحة الكائنات الحية من الفطريات والنباتات والحشرات والبشر، وهذا لا يعرفه بعض الناس، ويجهلون الدور الذي تلعب الفيروسات لدعم الحياة على وجه الأرض، فنحن نركز دائما علي تلك الفيروسات الضارة التي تسبب أمراض ووفيات للبشر.
الجديد أن بعض الباحثين شرعوا مؤخرا في دراسة الفيروسات التي تعزز فرص بقاء البشرية، حيث أكدت الأبحاث ودراسات العلماء أننا لو استطعنا محو جميع الفيروسات من على وجه الأرض نكون قد ارتكبنا خطرا قاتلا للبشرية كلها، لأننا بعد 36 ساعة فقط من قتل جميع الفيروسات سيفنا العالم كله.
سوزنا لوبيز شاريتون عالمة فيروسات بجامعة المكسيك الوطنية المستقلة، قالت: نحن نعيش في توازن بيئي محكم وتمثل الفيروسات جزء من هذا التوازن، وتري شاريتون أنه لو اختفت الفيروسات سيكون مصيرنا هو الفناء لا محالة، ويقول كورتيس ساتل عالم فيروسات بيئى بجامعة بريتيش كولومبيا: إن جميع الفيروسات باستثناء قليل منها لا تسبب أمراض للكائنات الحية التي نهتم بها، فعلى سبيل المثال تؤدي الفيروسات "الملتهمة" التي تصيب البكتريا دور فائقة الأهمية حيث تلتهم البكتريا الضارة، ولولاها لوجهنا مشاكل عديدة، حيث تنظم الخلايا الملتهمة المجتمعات البكتيرية في جميع الأنظمة البيئية على كوكب الأرض، وإذا اختفت هذه الفيروسات قد تتضاعف أعداد البكتريا الضارة، وقد تتوقف جماعات حيوية عن النمو، بسبب هيمنة جماعات أخرى فنفقد التوازن البيئي وهو من أهم مقومات الحياة لكل الكائنات.
الفيروسات تنتج الأكسجين
علاوة على ذلك، تنتج الجراثيم نحو نصف الأكسجين الذي تتنفسه الكائنات الموجودة على كوكب الأرض بمساعدة الفيروسات، كذلك تقتل الفيروسات نحو 50% من البكتريا الضارة في المحيطات يوميا، ونحو 20% من جميع الجراثيم عموما، وبذلك تضمن أن العوالق المنتجة للأكسجين لديها ما يكفي من مغذيات لإنتاج كميات الاكسجين عبر التمثيل الضوئي، وبذلك تدعم الحياة على وجه الأرض، ومع ذلك يقول "ساتل" لولا الموت لما كان هناك حياة، لأن الحياة تعتمد على إعادة تدوير المواد، وتؤدي الفيروسات دورا مهما في إعادة التدوير.
كما يؤكد أيضا الدكتور ألكسندر الميدأ من معهد سنجر، أنه من المهم أن نعلم أنه ليست جميع الفيروسات ضارة، وهي جزء لا يتجزأ من مكونات النظام البيئي للأمعاء، ومن المثير أن نشاهد هذا العدد الكبير من الأنواع غير المعروفة تعيش في أمعائنا، ومن المهم معرفة العلاقة بينها وبين صحة الإنسان.
الحمض النووي
ويشير الباحثون إلى أن غالبية هذه الفيروسات ليست خطرة على البشر، لأن لها حمضا نوويا، يختلف عن الحمض النووية للفيروسات الخطيرة مثل سارس وكوفيد 19، وفيروس حمى زيكا، وإن ما يؤكد هذا أن جميع هذه العينات أخذت من أشخاص أصحاء لا يعانون من أي مرض.
فيروس في الأمعاء يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ويطلق عليه Cr Assphage أن يقتل البيكتريا الضارة ولكنه لا يؤثر على الجسم بالطريقة نفسها، ويمكن القول أنه فيروس نافع وأصبح جزء لا يتجزأ من الأمعاء، لأنه تطور مع البشر ليصبح مفيدا، والجديد أننا يمكن أن نستخدم الفيروسات مثل Cr Assphage لعلاج بعض الامراض المعروفة كبديل للمضادات الحيوية ولكن التجارب مازالت في المراحل المبكرة.