رئيس التحرير
عصام كامل

السودان على وشك الانفجار.. صراعات سياسية تهدد بحرب أهلية

حمدوك والبرهان
حمدوك والبرهان

يشهد السودان أزمة سياسية طاحنة بين جميع المكونات بطريقة تهدد غرق الدولة فى دوامة حرب أهلية، وشهدت البلاد أمس السبت، تظاهرات كشفت لحد كبير مدى الأوضاع الخطيرة التى تمر بها الخرطوم، بطريقة تعكس حالة الانقسام وتهدد بفشل المرحلة الانتقالية.

وبحسب مراقبين، أن تظاهرات السبت التي تمكن خلالها آلاف السودانيين، من الوصول إلى محيط القصر الجمهوري، الجناح الجديد من قوى الحرية والتغيير، الذي بات يعرف بمجموعة "ميثاق التوافق الوطني"، وهي مجموعة منشقة عن التيار الرئيسي، تمثل برأي مراقبين، رؤية الجانب العسكري، في إطار سعيه المعلن لحل الحكومة الحالية، وضم أطراف أخرى جديدة لها ربما تدين له بالولاء، ويعتبر بعض النشطاء السودانيين، أن الحكومة التي يسعى لها المكون العسكري، ستكون في الغالب أكثر ولاء له، فيما يصنفونه في خانة "الانقلاب على ثورة كانون ديسمبر 2018".

ميثاق التوافق الوطني

وفي غضون ذلك شهدت قاعة الصداقة توافد قيادات تحالف الحرية والتغيير حيث جرى التوقيع على ميثاق التوافق الوطني.

وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو رصدت مشاركة أطفال في المسيرة، مما دعا مفوضية حقوق الإنسان إلى إصدار بيان يحذر من استغلال الأطفال في المظاهرات وتأكيد أن ذلك يخالف القوانين السودانية والمعاهدات الدولية.

ومن جهة أخرى، مع استشعار رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك، أن سيناريو الإطاحة به بات وشيكا، ظهر في خطاب متلفز، الجمعة الماضية، معلنا أنه وضع خريطة طريق مع الأطراف السياسية، لإنهاء الأزمة في البلاد، ومشددًا على أن "خفض التصعيد والحوار، هما الطريق الوحيد للخروج من الأزمة"، التي وصفها بأنها أخطر أزمة تهدد الانتقال المدني الديمقراطي، بل وتهدد بلاده كلها وتنذر "بشر مستطير".

 

وحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي"، ربما لا يمكن التنبؤ بالطريق الذي ستسلكه الأحداث في قادم الأيام، لكن الجميع يدرك أن الشراكة في السلطة الانتقالية، بين المكونين العسكري والمدني في السودان، لم يتبق منها سوى الجانب الشكلي، وأن الشرخ بات يتسع بصورة كبيرة، على مدار الأيام الماضية في ظل حديث جنرالات السودان، عن ضرورة حل الحكومة الحالية، ودعمهم الانشقاق الحاصل في ائتلاف قوى الحرية والتغيير.

حل الحكومة السودانية 

وفى هذا الصدد توقعت الدكتورة أمانى الطويل، مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إنهاء أعمال الحكومة السودانية الحالية في انقلاب على المكون المدني شريك المعادلة السياسية، حيث يتم تعيين حكومة خارج المنظومة الحزبية وتحالف "الحرية والتغيير"، غالبًا ستكون موالية بدرجة مريحة للمكون العسكري في المجلس الانتقالي.

 

وأشارت فى مقال تحليلى لها حول الأوضاع المتصاعدة، إن تحالف “الحرية والتغيير” قد أخطأ أخطاءً كبيرة، منها الاعتماد المطلق على الشارع العفوي غير المنظم ولا المؤطَّر، والذي غالبًا ما يعاني من الإرهاق السريع تحت وقع أزمات اقتصادية، وقد تم الاعتماد على هذا الشارع في مواجهة كيان منظم وله أدوات متعددة وفكر استراتيجي كالمكون العسكري.

 

ومع استشعار أمريكا الخطر من انفلات الأوضاع وعودة الدولة للمربع صفر، سارع وزير الخارجية الأمريكي، بالترحيب بخطوة حمدوك لوضع خارطة طريق للمبادئ للحفاظ على التحول الديمقراطي في السودان، وحث جميع أصحاب المصلحة على اتخاذ خطوات فورية وملموسة للوفاء بالمعايير الرئيسية للإعلان الدستوري.

مظاهرات 21 أكتوبر

داخليا قال أكد رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أن مسار الفترة الانتقالية يجب أن يكون التحول المدني الديمقراطي، وشدد على أن قوى الثورة لن تقبل أبدًا بعودة الاستبداد ولن تتصالح مع أية دعوات انقلابية وستتصدى لها بأدوات مقاومتها السلمية المجربة، وستكون تظاهراتها المرتقبة في 21 أكتوبر الجاري رسالة واضحة ومؤكدة على التمسك بتحقيق أهداف الثورة وصولًا للتحول المدني الديمقراطي وتحقيق شروط الحياة الكريمة التي نادت بها الثورة لكل السودانيين.

 

وخلاصة الرصد للمشهد المعقد تشير إلى استحالة التوافق وفشل تجربة الشراكة بين المدنيين والعسكر، ولا شك أن الصراع على إدارة الدولة فى الخرطوم، ريما يفتح المجال لانشقاقات حركات مسلحة عن الوفاق الوطنى واستئناف نشاطها المسلح ضد الدولة، كما تمنح الفرصة لقوى إقليمية ودولية لاختراق البلاد وتجنيد حركات تعمل على تنفيذ أجندات خارجية بقوة السلاح.

الجريدة الرسمية