ألف «مدرسة مؤجرة» تهدد مليون طالب بـــ«الطرد».. و«ألاعيب الموظفين» تحبط جهود «تملك الأراضي»
تمتلك وزارة التربية والتعليم نحو 50 ألف مدرسة حكومية، من بينها ألف مدرسة تقع في خانة «الإيجار»، وكانت الإحصائيات تشير إلى وجود 1400 مدرسة مؤجرة على مستوى الجمهورية؛ لكن مؤخرًا أغلقت نحو 300 مدرسة من «المدارس المؤجرة» بعد ثبوت حاجتها إلى صيانات شاملة، هذا فضلًا عن أن بعضها عبارة عن مبانٍ صغيرة تحتاج إلى توسعات لاستيعاب الكثافات التي فرضت نفسها على العملية التعليمية خلال السنوات الماضية.
ومما لا شك فيه أن العام الدراسي 2021-2022 يعد الأكثر خصوصية، نظرًا لرغبة الوزارة في انتظام الدراسة، رغم الظروف التي خلفتها جائحة كورونا على مستوى العالم، والتي سبق أن تسببت في تعطيل الدراسة النظامية في المدارس على مدار العامين الماضيين، والاعتماد على التعليم عن بُعد، والدراسة «أون لاين» عبر منصات تعليمية إلكترونية؛ لكن الواقع العملي أثبت أنه لا غنى عن المدارس، وأن الانتظام في الدراسة أمر حتمي، غير أنه مع انطلاق العام الدراسي الأكثر خصوصية، هناك نحو مليون طالب وطالبة في مختلف المراحل الدراسية أصبحوا في مواجهة أزمة الحرمان من مدارسهم، كونها مباني تعليمية مؤجرة من الغير.
المدارس الأكثر ضررًا
وتعد محافظات الصعيد بجانب محافظة الإسكندرية الأكثر تضررًا من ملف المدارس المؤجرة، فتمثل محافظة أسيوط ذروة الأزمة في المباني التعليمية المؤجرة بنحو 170 مدرسة مؤجرة والتي تحتل صدارة المحافظات، وتليها قنا وسوهاج، ثم الإسكندرية، أما في كل من محافظتي شمال سيناء وبورسعيد فالوضع أقل خطورة لوجود مدرسة واحدة مؤجرة في كل محافظة من المحافظتين، في المقابل هناك محافظات التي لا توجد بها مباني تعليمية مؤجرة، وهي محافظات (البحر الأحمر، الوادي الجديد، وجنوب سيناء).
خطورة ملف المباني التعليمية المؤجرة تكمن في تحركات البعض لانتزاع تلك المباني من الإدارات والمديريات التعليمية التابعة لها عن طريق تحريك دعاوى قضائية للحصول على ملكية المباني، والتي يصل سعر بعضها إلى ملايين الجنيهات، نظرًا لوقوع غالبية تلك المدارس في عواصم المحافظات التي توجد بها مباني تعليمية مؤجرة، ولجأت بعض المديريات التعليمية بالمحافظات لإجراء محاولات تسويات مع ورثة ملاك تلك المدارس من أجل تسديد مبالغ مالية نظير الحصول على ملكية الأراضي التي عليها المدارس، في حين تسعى بعض الإدارات إلى نزع ملكية تلك المدارس للمنفعة العامة.
مقابل تحركات «الإدارات التعليمية» استطاع عدد كبير من ورثة ملاك تلك المباني إنهاء علاقات الإيجار مع التربية والتعليم، وذلك بمعاونة بعض الموظفين في الإدارات والمديريات التعليمية التابع لها تلك المؤسسات، وفطنت بعد المديريات لهذه الألاعيب مؤخرًا، ولذلك تم تجميد مواقف تلك المدارس حتى لا يتم خسارتها.
وإلى جانب الأهمية التي تمثلها «المدارس المؤجرة» فيما يخص العملية التعليمية، معظم تلك المدارس أصبح لها طابع أثري؛ لأن بعضها منشأ قبل نحو 100 عام، فقد تم تأجير أغلبها منذ عام 1905 وحتى منتصف القرن العشرين، وبأجور رمزية حسب وقت التعاقد، فهناك مدارس كانت مؤجرة بمبالغ تصل إلى 240 قرشا، ويصل إيجار بعضها إلى 4 جنيهات، وارتفعت تلك المبالغ حتى وصلت إلى نحو 100 جنيه في الشهر، ورغم هذا تعتبر أرقاما زهيدة للغاية قياسًا بالقيمة الفعلية للأرض الموجودة عليها المدارس، مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة الإيجار تسلم في شكل شيك شهري إلى صاحب المدرسة الأصلي عن طريق المحكمة المختصة في الغالب؛ لأن غالبية ملاك تلك المدارس يرفضون الحصول على القيمة الإيجارية من أجل السعي لإنهاء التعاقدات بينهم وبين التربية والتعليم.
ومع ندرة وجود قطع أراض صالحة للبناء في المدن الكبرى مثل مدينة الإسكندرية، فإن الحاجة إلى تلك المدارس تصبح أكبر، لأنه لا يمكن الاستغناء عنها، لعدم توفر قطع أراضي صالحة لبناء مدارس جديدة عليها تستوعب هؤلاء الطلاب، خاصة في الأحياء الأكثر كثافة داخل الإسكندرية، وغيرها من المدن التي تعتمد في جزء كبير من مدارسها على المباني التعليمية المؤجرة، وقد توقفت وزارة التربية والتعليم عن استئجار المباني من الأهالي وتحويلها إلى مدارس منذ إنشاء هيئة الأبنية التعليمية في عام 1992.
نقلًا عن العدد الورقي…،