رئيس التحرير
عصام كامل

«الأعلى للآثار» يستكمل مسيرة «شطب التاريخ».. من وكالة العنبريين إلى قصر ميخائيل لوقا

حديقة الأسماك
حديقة الأسماك

«حديقة الأسماك لن تكون الأخيرة».. حقيقة فرضتها الخطوات التى بدأ يتخذها المجلس الأعلى للآثار، فيما يتعلق بالمواقع الأثرية المتنوعة (الإسلامية، القبطية، واليهودية)، فرغم أن «الحفاظ على الأثر» يعتبر المهمة الأولى المنوط بـ«الأعلى للآثار» تنفيذها على أكمل وجه.

إلا أن قيادات المجلس العريق رأت أن «شطب التاريخ» هو المهمة الأسمى لها فى الوقت الحالى، فى ظل أحاديث تدور حول أن الأوراق التى بدأت تتساقط من «شجرة مصر الأثرية»، وراءها أغراض أخرى، وتحديدًا «استثمارات خاصة» من المخطط إقامتها على «أنقاض التاريخ».

 

حديقة الأسماك

حديقة الأسماك.. الورقة الأحدث التى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط، فى ظل الحديث عن استغلال أرضها فى إقامة منطقة مطاعم وكافتيريات وجراح سيارات، غير إن حالة الجدل التى أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام القليلة الماضية، على خلفية إعلان المجلس الأعلى للآثار عن شطب جزء من حديقة الأسماك لإقامة منطقة مطاعم وكافتيريات وجراج سيارات، دفعت وزارة السياحة والآثار للإعلان عن تراجعها فيما يتعلق بتنفيذ خطوة «الشطب»، وذلك تزامنًا مع الزيارة التى أجراها وزير الزراعة واستصلاح الأراضى السيد القصير إلى الحديقة، وتأكيده عدم المساس بالحديقة أو الأشجار الموجودة بها.


«القصير» أوضح أن زيارته هدفها بحث رفع كفاءة الحديقة وتطويرها مع الحفاظ على طابعها الأثرى وجميع الأشجار والنباتات النادرة الموجودة بها ورعايتها، ووجه جميع المعنيين بوزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، خاصة المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية، والهيئة العامة للخدمات البيطرية والإدارة المركزية للتشجير، بالتعاون والتنسيق لرفع كفاءة الحديقة وتطويرها وتجميلها ونظافتها وزيادة وسائل الترفيه فيها من أجل جذب الزائرين وراحتهم.


حديقة الأسماك لم تكن الأولى التى يحاول المجلس الأعلى للآثار شطبها من تَعداد الآثار؛ حيث سبق للجنة الدائمة للآثار والمجلس الأعلى للآثار الموافقة على شطب العديد من المواقع الأثرية على رأسها «وكالة العنبريين» و«الحمام العثماني» فى محافظة قنا، ومنزل عبد الواحد الفاسى بحى الموسكى فى القاهرة، الذى تمت الموافقة على شطبه مع الإبقاء على السبيل والكُتَّاب الموجدين به بعد إنفاق أكثر من 30 مليون جنيه على عمليات تطويره.

 

قصر ميخائيل لوقا

وهناك أيضا قصر ميخائيل لوقا الزق بأسيوط، ومحلج محمد على فى فوه بكفر الشيخ، ومحطة القطار الملكية بكفر الشيخ أيضًا، حيث جاءت جميع تقارير اللجان الأثرية التى تفقدت تلك المناطق برفض الشطب وضرورة البدء فى عمليات التطوير، وجاءت قرارات المجلس الأعلى للآثار مخالفة لها، وتم الموافقة على شكلها ويتبقى فقط صدور القرار الرسمى بالجريدة الرسمية لإعلان شطبها من تعداد الآثار، وفقا لما أكدته مصادر بوزارة الآثار.


وفى هذا السياق قال الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار، الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للآثار: إن «تسجيل الأثر فى تَعداد الآثار يتطلب عدة شروط، أهمها أن يكون مر عليه أكثر من 100 عام، ويتميز بوجود مواصفات فنية ومعمارية وزخرفية ذات طابع خاص، وليس معنى أن كل مبنى مر عليه 100 عام يستحق أن يطلق عليه أثر، فهناك العديد من المواقع لن ترقى لتعد من الآثار على الرغم من مرور فترات زمنية طويلة عليها».


«حواس» أشار إلى أن ما جرى تداوله عن شطب جزء من حديقة الأسماك ليس له أساس من الصحة، قائلًا: «كله كلام كذب»، مؤكدًا أنه هو مَن سجَّل كلًّا من حديقة الحيوان بالجيزة، وحديقة الأسماك خلال فترة رئاسته لقطاع السياحة، ولم يشطب أي مَعلم أثرى خلال فترة وجوده على رأس الوزارة.


بدوره، أوضح محمد عبد المقصود، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق، أن تسجيل أو شطب أي معلم أثرى يتطلب موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية برئاسة أمين عام المجلس الأعلى للآثار، وهى لجنة متخصصة من الأثريين، وتعرض عليها جميع التقارير الواردة من لجان الآثار بكافة المناطق على مستوى الجمهورية، كما أنها تختص بالضم والإخضاع والتسجيل للآثار، وإصدار قرار الإخضاع يتطلب موافقة وزير السياحة والآثار، أما قرار الملكية أو المنافع العامة للآثار فيصدره رئيس مجلس الوزراء.

وذلك فى حال كون الأرض الموجود عليها الأثر تابعة للدولة، وفى حال تبعيتها لمواطن يصدر قرار نزع ملكية من مجلس الوزراء أيضا، وكل القرارات تعتبر اللجنة الدائمة للآثار هى الأساس فيها.
 

«عبد المقصود» أضاف: اللجنة الدائمة للآثار تتكون من 40 عضوًا على الأقل، ولا يمكن إلغاء قرارها إلا من خلالها أو بحكم قضائى، ولا يستطيع وزير الآثار إلغاء قرارها بحكم القانون، وهي صاحبة القرار الأول والأخير فى قرارات الإزالة أو الشطب، كما أن تسجيل الآثار له درجات، منها: الإخضاع أو الإشراف مثل المساجد التابعة لوزارة الأوقاف وحديقة الأسماك.

وفيها لا يجوز تغيير أي من معالمها أو إجراء عمليات ترميم بدون موافقة وزارة السياحة والآثار، وفى حال وجود ضرورة ملحة لإجراء عمليات الترميم أو التغيير لا بد أن تخرج أولًا من تعداد الآثار، وهو ما كان السبب الأساسى فى أزمة حديقة الأسماك.

 

قانون حماية الآثار

وينص قانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ وتعديلاته بالقانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٠ على مجموعة ضوابط لشطب أي أثر عقارى من قائمة تسجيل الآثار، حيث تنص المادة 36 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار رقم 3 لسنة 2010 على أن «يشطب الأثر العقارى إذا ما فقد خصائصه الأثرية بالكامل وفقًا لما تقرره اللجان الفنية المختصة، ويكون شطب تسجيل الأثر الثابت أو جزء منه بقرار من الوزير بناءً على اقتراح مجلس الإدارة ويتعين فى جميع الأحوال أخذ رأى اللجنة الدائمة المختصة».

كما تنص المادة (37) على أن: «ينشر قرار شطب الأثر بالوقائع المصرية، ويبلغ إلى الأفراد أو الجهات التى سبق أن أبلغت بتسجيله أثرًا، ويثبت ذلك الإخطار على هامش تسجيل الأثر بالمجلس أيضًا، وعلى هامش تسجيل العقار فى مصلحة الشهر العقارى، ويتولى القطاع المختص هذا الإجراء بالتنسيق مع إدارة الشئون القانونية.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية