عظام فك ذئب قبل 12 الف عام تكشف تاريخ البشر
يسعى العلماء إلى الغوص عميقًا في تاريخ الأرض لمعرفة دروس الماضي السحيق والتعلم منها مسلحين بأحث تكنولوجيا القرن الـ21 لمعرفة الحياة م قبل التاريخ.
ومن ضمن البحوث العديدة التي اجريت على الحياة ما قبل التاريخ اكتشاف عظم فك قبل أكثر من 30 عامًا دلت على أن الكلاب كانت تعيش في أمريكا الوسطى قبل 12 ألف عام.
وهذا ما من شأنه أن يوفر معطيات جديدة تغيّر ما هو معروف راهنًا عن الحضور البشري في هذه المنطقة من العالم، بحسب باحثين كوستاريكيين ومكسيكيين، إذ إن وجود هذه الحيوانات متصل بالوجود البشري.
ورغم توافر أدلّة على هجرة بشرية إلى المكسيك وتشيلي والأرجنتين في تلك الحقبة، لم يُعثَر إلى اليوم على أي أثر مماثل مؤكد رسميًا في أمريكا الوسطى.
وكان هذا الفك ضمن بقايا عظام أخرى عُثر عليها في مطلع تسعينيات القرن العشرين، أبرزها تلك العائدة إلى نوع أحصنة "أكوس" العملاقة، وإلى الحيوانات الأخدودية الأسنان، في موقع يعود تاريخه إلى العصر الجليدي العلوي (الممتد من 12 ألف عام إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد).
ذئب مزيف
وكان هذا الموقع اكتُشف قبل 12 عامًا في ناكاوميه (كوستاريكا). إلا أن بطاقة كتب عليها "ذئب" وضعت على عظم الفك هذا، قبل أن يطويه النسيان.
وقال الباحث الكوستاريكي جييرمو فارجاس: "بدا غريبًا جدًا بالنسبة لنا وجود ذئب في العصر الجليدي. وعندما أجرينا تحليلًا لهذه العظام، تبيّن لنا أن للفكّ خصائص تحمل على الاعتقاد بأنه لكلب".
أما عالم الأحياء المكسيكي وعالم آثار الحيوان راوول فالاديس أزوا من معهد البحوث الأنثروبولوجية التابع للجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، فاستنتج هو الآخر بعدما تمعن بصور الفك أنه قد يكون عائدًا "لأفضل صديق للإنسان".
القارة الأمريكية
وقال فارجاس: "يمكن أن يكون أقدم كلب في القارة الأمريكية". وكانت أقدم متحجرة لكلب في القارة الأمريكية تعود إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد، وعُثر عليها في ألاسكا.
وأشار إلى أن الاكتشاف الجديد "سيكون أول دليل لوجود بشري في كوستاريكا يعود إلى فترة أقدم بكثير، مما يؤكد نظرية الهجرات البشرية التي أدت إلى استيطان القارة".
وفقًا لنظرية الاستيطان في القارة الأمريكية، هاجر البشر من آسيا عبر مضيق بيرينج، الواقع بين سيبيريا وألاسكا، عندما انخفضت مستويات سطح البحر خلال العصر الجليدي الأخير.
ويحتفظ المتحف الوطني في كوستاريكا حاليًا بعظم الفك وقد تلقى الباحثون عرضًا من جامعة أكسفورد لإجراء دراسات على الحمض النووي للميتوكوندريا (المتقدرة) وبواسطة تقنية الكربون 14. ومن شأن ذلك أن يتيح الحصول على المزيد من المعلومات الجينية وتحديد عمر هذا الفك الأثري بدقة.
ويرغب المتحف أيضًا في أن يتولى التحقق من صحة النتائج أحد المنشورات العلمية المتخصصة.