فرحات المنجي: فلتكن لنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة
تحل علينا خلال الأيام المقبلة الذكرى العطرة بمولد أشرف الخلق سيدنا محمد ﷺ، والذي يحتفي به العالم الإسلامي في شتى بقاع الأرض، وبمناسبة تلك الذكرى المباركة نُعيد تقديم مقال كتبه الشيخ فرحات السعيد المنجي الواعظ السابق وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا، حول الواجب على المسلمين فى الذكرى العطرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاهتداء بهديه واعتباره القدوة الحسنة في كل معاملاتنا.
وجاء المقال كالتالي:
اننا نرى في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الانسان الحانى الرحيم الذى لا تفلت من قلبه الذكى شاردة من آلام الناس وآمالهم إلا لباها ورعاها واعطاها كل الاهتمام والتأييد، فهو الذى كتب الى كل ملوك الأرض أن ينبذوا غرورهم الباطل ثم يصغى في حفاوة ورضا الى اعرابى حافى القدمين يقول في جهالة "أعدل يامحمد فليس المال مالك ولا مال أبيك "
نرى فيه عليه السلام العابد الاواب الذى يقف في صلاته يتلو سورة طويلة من القران في انتشاء وغبطة لايقايض عليها بملء الأرض تيجانا وذهبا، ثم لا يلبث ان يسمع بكاء طفل رضيع كانت امه تصلى خلفه فيضحى بغبطته الكبرى وينهى صلاته على عجل رحمة بالطفل الرضيع.
نرى فيه عليه السلام الإنسان الذى وقف أمامه جميع الذين شنوا عليه الحرب والبغضاء ومثلوا بجثمان عمه الشهيد حمزة ومضغوا كبده في وحشية، وقفوا أمامه صاغرين فيقول لهم وهو قادر اذهبوا فأنتم الطلقاء.
نرى فيه الانسان الذى يجمع الحطب لأصحابه في بعض اسفارهم ليستوقدوه نارا تنضج لهم الطعام ويرفض ان يتميز عنهم، كان يحلب شاته ويخصف نعله ويخيط ثيابه.
الرحمة المهداة
ومن ومضات رحمته صلى الله عليه وسلم انه قال عن نفسه إنما أنا رحمة مهداة ونعمة مجزأة وقد روى عن ربه في الحديث القدسى ( اذا اردتم رحمتى فارحموا خلقى ) وبين عليه السلام ان الراحمين يرحمهم الرحمن، وارشد المؤمنون الى التزام الرحمة فقال لهم " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
الإفراط في العبادة
وبين عليه السلام أيضا ان الرحمة خير من الافراط في العبادة فقد خرج عليه السلام عام الفتح الى مكة في رمضان حتى بلغ موضعا يسمى كراع الغيم فصام وصام من معه، ولما رأى بعض الناس يشق عليهم الصيام بسبب وعثاء السفر دعا بقدح من الماء فرفعه حتى نظر الناس اليه ثم شربه، ولما قيل له ان بعض الناس مازالوا صائمين، قال أولئك هم العصاة.
القدوة الحسنة
ورجل يسرع الخطا الى رسول الله يغشاه الفرح الكبير تغمره الفرحة العارمة ليبايع رسول الله على الهجرة معه وعلى الجهاد في سبيل الله تحت رايته، يقول له: يارسول الله جئت أبايعك على الهجرة والجهاد وتركت أبوى يبكيان، فيقول له عليه الصلاة والسلام: ارجع اليهما فأضحكهما كما أبكيتهما.
هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، القدوة الحسنة الذى نحتفل هذه الأيام بيوم مولده فلتكن فرصة للاقتداء به في تواضعه وبساطته وتبسمه.