إبراهيم عبد المجيد.. صائد الجوائز.. يعتلي قوائم كُتاب الرواية والقصة القصيرة ورواياته في الصدارة دائمًا
على مدار أكثر من نصف قرن «50 عامًا» استطاع الأديب والروائي القدير إبراهيم عبد المجيد أن يضع بصمته الخاصة حتى أصبح رقمًا مهمًا في الحياة الثقافية المصرية وضلع وزاوية أساسية فيها.. فكتاباته القصصية القصيرة ورواياته الفكرية الطويلة استطاع أديبنا أن يعتلي قوائم كُتاب الرواية والقصة القصيرة، لا يزال أديبنا هو الأكثر عشقًا لشخصيات روايات والأكثر حرصًا على نقل الإبداع الأدبي في صورته الكاملة دون توجهه سياسي أو اجتماعي أو طبقي.. فقد علمته الحياة منذ دخول العالم الأدبي أن المبدع لا يسعه سوي أن يتفرغ لإبداعاته فقط.. وأن الوعي والكتابة الموجهة تفسد وتشوه الإبداع.. هو الأمر الذي جعله في برج ثقافي وأدبي عال للغاية على الرغم من تواجده الأصيل داخل وجدان الشارع العربي وليس المصري فقط.
لا يزال إبراهيم عبد المجيد يبتهج ويبكي من فرط التوحد مع أبطال رواياته.. فكما يقول «روائي المكان» الذي يعتبر الواقع «منفى» يكتب نوعًا خاصًا من الواقعية السحرية عبر سرديات تمتزج فيها الفانتازيا بواقع الوجدان الجمعي.. فتسبح سرديات عبدالمجيد بين الماضي والحاضر والمستقبل، فتارة يُحيلنا منجزه الأدبي إلى تأسيس جيل الستينات الذي ينتمي إليه زمنيًا؛ عبر نزوعه إلى تغليب الهم الجمعي على الذاتي، لكن لغته الشابة التي لم تفقد وهجها تحمل روح الألفية الجديدة وأفكارها كأنهُ ممتلىء بالأعمار؛ فرغم تجاوزه سن الـ74 لًا يزال يفاجئ قراءهُ بالمزيد من المغامرات الإبداعية، «العابرة» للزمن عبر طرح سرديات غير مطروقة تسعى لبلوغ مستقبل تقدمي يخلو من التابوهات السياسية والاجتماعية.
عاشق للسينما من بعيد!
ورغم كونه أحد أكثر الأدباء شغفًا وعشقًا لشاشات السينما، ورغم أن سطوره تُحيل خيال القارئ لتأمُل صورً استحضرها من عوالم «ما وراء الكتابة» ورغم كونه يحمل إرثا أدبيا من طراز خاص بإجمالي 20 رواية، فضلًا عن مجموعاته القصصية، حيث تقترب عدد مؤلفاته من الأربعين.. إلا أن القليل للغاية من ذلك الإرث العظيم تحول إلى أعمال فنية على شاشات التليفزيون والسينما والسبب وراء ذلك هو أديبنا نفسه الذي يري أن شخصيات رواياته هي من تتحدث له ليسردها وليس هو من يتفنن في كتابتها ويجعلها من لحم ودم.. وكما يقول دائمًا “أكتب لأنها تكون رغبة ملحة من شخصيات رواياتي وليس لي يد في ذلك.. ولا أستطيع أن أسرد قصة ما وأن أفكر في كيفية تحويلها لعمل فني.. وهنا أقصد كيف أُبدع وأنا بكامل وعيي.. فالوعي يفسد الإبداع”.
أديب بدرجة فيلسوف
صدقًا متعة القراءة لا تنتهي.. فمع كل كتاب نجد أنفسنا داخل عوالم فريدة جديدة ومختلفة تنقلنا عبر العصور والأماكن والأحداث والشخصيات.. وهذا ما استطاع أديبنا “إبراهيم عبد المجيد” أن يجعلنا نملا به ونملا من خلال عالم الخاص به وبرواياته إلى أفق جديد بطريقة خاصة.. فمثلًا نجد في كتابه «أنا والسينما» رؤية فريدة بفن السيرة السيرة الذاتية الممزوجة بالتاريخ، وهو الأمر الذي يُجيده باقتدار، فبعدما كانت حياة ابن الإسكندرية النازح إلى العاصمة في سبعينيات القرن العشرين تتناثر في رواياته العديدة.. كما يمزج عبد المجيد بين التاريخ الشعبى لسينمات الإسكندرية وحكايات الأفلام، حاكيًا باقتضاب أحيانًا وبإسهاب في أحيان أخرى مقاطع من الطفولة والمراهقة التي اكتشف فيها ما يحدث عند إظلام المكان وظهور خيوط النور من جديد ونجد في روايات أخرى كـ "البلدة الأخرى، لا أحد ينام في الإسكندرية، بيت الياسمين، طيور العنبر، اﻹسكندرية في غيمة،إغلاق النوافذ، العابرة، وفي كل أسبوع يوم جمعة" وغيرها.. استحق من خلاله حصد عدد كبير من الجوائز الأدبية المتميزة داخل وخارج مصر منها جائزة نجيب محفوظ للرواية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1996، وجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب، كما حصل على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2004، واختتمت بحصوله على جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2007، وجائزة الشيخ زايد للكتاب ثم جائزة كاتارا للرواية العربية 2016.
نقلًا عن العدد الورقي..