وعلي منهج الإمام أبي حنيفة !
باعتباره الإمام الأعظم و"إمام الأئمة" فقد شغل منهج أبي حنيفة في الاستنباط والوصول إلى الأحكام الفقهية الكثيرين.. لذا نقل الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ونقل الصيمري في كتابه "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" الكثير من هذا المنهج.. ونشرت عدة إصدارات لوزارات أوقاف عربية (المغربية مثلا) هذه الخلاصة لهذا المنهج حتي خلصوا ومعهم آخرين إلي المصادر الثلاثة التي اعتمد عليها الإمام الأعظم في ذلك..
أولها المصادر النقلية: وفيها القرآن والسنة الصحيحة والإجماع وأقوال الصحابة فكان أبو حنيفة يأخذ بهذه المصادر ولا يتعداها إلى المصادر الاجتهادية إذا ثبتت لديه واتضحت دلالتها عنده..
المصادر الاجتهادية: كان أبو حنيفة يعتمد القياس عند عدم وجود نص في القرآن أو السنة أو عند عدم ورود رأي عن الصحابة.. وأحيانا كان يعتمد الاستحسان وهو الخروج عن مقتضى القواعد القياسية لحكم آخر مخالف له لعدم صلاحية القياس في هذا الموطن لمخالفته لنص من النصوص القرآنية أو لمخالفته للإجماع
الأعراف: كان أبو حنيفة يحترم الأعراف التي لا تخالف نصا من النصوص ويعتبرها ويوجب العمل بها !
نلاحظ في المصادر النقلية تأكيده علي تعبير "السنة الصحيحة" وكذلك قوله "إذا ثبتت لديه" و"اتضحت مقاصدها" وهي شروط لازمة للاعتماد علي هذه المصادر.. وبالطبع فنصوص القرآن ثابتة ويقينية.. ونصوص السنة عدا المتواتر منها وهو قليل ظنية.. أما ثبوت الدلالة فهنا الجهد كله !
وفي المصادر الاجتهادية التي يعتمد عليها أبي حنيفة القياس.. وصولا إلي المصدر الثالث وهو العرف.. حيث يوجب العمل بالأعراف ما لم تخالف نصا صريحا.. والأعراف هي ما تعارف عليه الناس وقبلوه وارتضوا التعامل به.. وهو بالمناسبة أحد أهم مصادر القانون الوضعي.. لكن السؤال: كم تغيرت وتبدلت وتراكمت أعراف الأمم منذ أبي حنيفة إلي اليوم؟ وكم اجتهاد جديد نحتاجه ليتعامل الفقه مع أسئلة (مسائل) المجتمع؟
مجتمعاتنا تحتاج منهج أبي حنيفة.. حتي لو لم يكن أبي حنيفة نفسه بيننا !