قصة أول أبناء النبي من الذكور
يعدّ القاسم أكبر أبناء النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الذكور، وأُمّه السيدة خديجة -رضي الله عنها-، ويجدُر بالذّكر أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى صحابته عن التسمّي باسمه والتكنّي بكُنيته في نفس الوقت؛ بأن يكون أحدهم يحمل اسم محمد ويُكنَّى بأبي القاسم، وهذا النهي مخصّصٌ بعهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كما ذهب إلى ذلك الكثير من العلماء، وقد وُلد القاسم قبل بعثة النبيّ، ومات في حياته وهو في سنٍ صغيرة، فكان أوّل أولاده ولادةً وأوّلهم وفاةً.
أبناء الرسول وبناته
إن الأبناء من النّعم التي يُنعم الله -تعالى- بها على عباده، وقد رزق الله -تعالى- النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أربع بناتٍ وثلاثة أولاد، والبنات هُنَّ: زينب، ورقية، وفاطمة، وأم كلثوم، وقد كانت السيدة زينب أكبر بنات النبيّ سنًا، وقيل إنها أكبر أولاده أيضًا، وكانت فاطمة -رضي الله عنها- أصغرهنَّ سنًا، فقد ولدتها السيدة خديجة -رضي الله عنها- قبل بعثة النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بخمس سنين، وتزَوّجت من ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلَّم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، وقد كانت أول آل البيت وفاةً بعد وفاة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، أمَّا السيدة رقيّة فقد وُلدت بعد السيدة زينب -رضي الله عنهما-، وخطبها عتبة بن أبي لهب، كما تمَّت خطبة السيدة أُم كلثوم كذلك لابن أبي لهب الآخر، فلمَّا نزل قول الله -تعالى-: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)، طلّق أبناء أبي لهب بنات النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأبدلهما الله بخيرٍ منهما، فتزوَّجت رقية من عثمان بن عفان، ولمَّا توَّفاها الله -تعالى- تزِّوج ذو النّوريْن عثمان بن عفَّان من أُم كلثوم، وكان ذلك بعد وفاة أُختها بثلاث سنوات.
ثلاثة أبناء
أمَّا أبناء النبيّ -صلى الله عليه وسلَّم- من الذكور فهم؛ القاسم، وهو أول أولاد النبي -صلَّى الله عليه وسلّم- موتًا في حياته، أمَّا ابنه عبد الله فقد كان يُلَقَّب بالطّاهر والطيّب؛ لأنه وُلد بعد بعثة النبيّ، وقد مات وهو في عُمرٍ صغير، وكل من سبق ذكرهم كانوا من أبناء السيدة خديجة -رضي الله عنها-، وقد كان للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من السيدة ماريَّا القبطية ولدٌ واحد اسمه إبراهيم.
موت أبناء الرسول من الذكور
توفّي أبناء النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته موتًا طبيعيًّا، حيث توفّي القاسم أوّلًا، ثم عبد الله بعده، وكان ذلك في مكة المُكرَّمة قبل أن يُبعث النبيّ -صلَّى الله عليه وسلّم- برسالة الإسلام، أما ابنه إبراهيم فتوفّي في المدينة، وتزامنت وفاته مع حدوث كسوف الشّمس، فظنَّ بعض الناس أنَّ هذا الكسوف حدث نتيجة موت إبراهيم، فقال لهم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِن آيَاتِ اللهِ، وإنَّهُما لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُما فَكَبِّرُوا، وَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا)
وقد رزق النبيّ -صلّى الله عليّه وسلّم- الأبناء والبنات، ثمَّ ابتلاه بموت أولاده في طفولتهم، ولا شكَّ أنَّ ابتلاء فقْد الأبناء شديدٌ على النّفس الإنسانية، وقد اجتمع على النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد والديه في صغره، وفقد أولاده في كبره، وفي موت أبنائه الذكور في صغرهم الكثير من الحكم؛ منها حفظ الأُمّة الإسلامية من الفتنة التي قد تحدُث بادّعاء النبوّة لأبنائه من بعده، وتسليةً لقلوب الذين لم يرزقهم الله بالأبناء، أو الذين مات أبناؤهم، فهذا مما ابتلى الله -تعالى- به نبيّه الكريم، فقد سأل الصحابي سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- النبيّ عن أشد الناس بلاءً، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ، حتى يُبتلى العبدُ على قدرِ دِينِه ذاك، فإنْ كان صُلْبَ الدِّينِ ابتُلِيَ على قدرِ ذاك وقال مرةً: أشدُّ بلاءً، وإنْ كان في دِينِهِ رِقَّةٌ ابتُلِيَ على قَدْرِ ذاك).