نصر أكتوبر بعيون سورية.. حقيقة اقتحام خط آلون في الجولان
تحل اليوم ذكرى انتصارات أكتوبر المجيد والتي تحاول دولة الاحتلال القفز عليه لتخفي هزيمتها النكراء أمام القوات المسلحة المصرية والسورية بمختلف الطرق.
ولعل الهجوم الاسرائيلي على الجبهة السورية وتراجع الجيش السوري بعدما تكبد خسائر فادحة ما تعول عليه إسرائيل من إدعائاتها حول انتصارها في حرب أكتوبر أو ما يعرف بحرب يوم الغفران.
فالجبهة السورية نجحت بالتزامن مع الجبهة المصرية في عبور خط آلون الإسرائيلي المنيع في نقطتين رئيسيتين والذي امتد نحو 70 كيلو متر بين الحدود السورية والاسرائيلية.
وللجبهة السورية ورئيسها الراحل حافظ الاسد تاريخ طويل من الثأر مع قوات الاحتلال الاسرائيلي حيث احتلت القوات الإسرائيلية الغاشمة الأراضي العربية المصرية والسورية في 1967 وكان الأسد وزير الدفاع في سوريا.
ومع التخطيط لحرب اكتوبر من قبل الرئيس الراحل محمد انور السادات شعر الاسد انها اللحظة المناسبة لأخذ الثائر من العدو الصهيوني الغاشم بعد احتلال هضبة الجولان في حرب 1967.
ضربة القوات السورية
في الساعة 2 بعد ظهر يوم 6 أكتوبر شنت القوات الجوية العربية السورية غارات جوية على مواقع الجيش الإسرائيلي في الجولان، اندفعت بعدها الموجات الأولى من الدبابات السورية وناقلات الجنود المدرعة نحو خط آلون تحت ستر القصف المدفعي للمواقع والتحصينات الإسرائيلية، وكان خط آلوان الخط الإسرائيلي الدفاعي في الجولان الذي يماثل خط برليف على الجبهة المصرية ويمتد خط آلون على طول الجبهة السورية (نحو 70 كم)، وقد قررت القوات السورية أختراق الخط من نقطتين هما جباتا الخشب والرفيد.
وفي الساعة 3 ظهرا يوم السادس من أكتوبر 1973، عبرت الدبابات السورية وناقلات الجنود الخندق المضاد للدبابات، في نقطتَي اختراق رئيسيتين: الأولى كانت بالقرب من مدينة القنيطرة، والثانية عند بلدة الرفيد بالرغم الخسائر في الدبابات إلى أن القوات السورية واصلت تقدمها في عمق الجولان مكبدة القوات الإسرائيلية المتراجعة خسائر كبيرة أمام التقدم السوري نحو الحدود وبحيرة طبرية.
احتلال مرصد جبل الشيخ
ونفذت وحدات من القوات الخاصة السورية عملية عسكرية لاحتلال مرصد جبل الشيخ الذي تسيطر عليه إسرائيل ونجحت القوة السورية في احتلال المرصد وقتلت وأسرت كافة افراد الجيش الإسرائيلي في الموقع، وسجلت هذه المعركة التي كانت بالسلاح الأبيض بطولات نادرة للجندي السوري وسيطرت على المرصد الإسرائيلي في جبل الشيخ بالرغم من قيام لواء الجولاني بمحاولة إنزال لاسترجاع المرصد إلا أن القوات السورية ألحقت به هزيمة وخسائر كبيرة.
وتمكنت القوات السورية من اختراق خط الدفاع الإسرائيلي إلى عمق نحو 20 كم داخل هضبة الجولان وهو العمق للمنطقة المحتلة حتى أصبحت الوحدات السورية على مشارف بحيرة طبرية.
وبحلول مساء اليوم الثاني للقتال (7 أكتوبر) كانت القيادة الإسرائيلية قد استكملت تعبئة وحدات الاحتياطي وإرسالها إلى هضبة الجولان، وقد استطاعت هذه القوات المدعومة بسلاح الجو الإسرائيلي أن تصد الزحف السوري، كما أتخذت القيادة الإسرائيلية قرارا بالتركيز على الجبهة السورية وإعطائها الأولوية كون الجبهة السورية، كانت تمثل الخطر الأكبر على إسرائيل.
الطيران الإسرائيلي
واستمر الطيران الإسرائيلي في هجومه المركز على المدرعات والقوات السورية، في خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب وعلى الرغم من فداحة الخسائر التي تحملها الجيش الإسرائيلي نتيجة لقوة الدفاع الجوي السوري وإسقاط عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية.
وقد أدى اشتراك سلاح الجو الإسرائيلي في القتال إلى تدمير عدد ى من المدرعات السورية، وهو ما ساعد القوات البرية الإسرائيلية على صد الهجوم السوري.
وابتداء من اليوم الثالث للقتال شن الطيران الإسرائيلي هجماته في العمق السوري فتم قصف أهداف عسكرية ومدنية على السواء في دمشق، كما هوجمت محطة الكهرباء ومصفاة النفط في حمص، وخزانات النفط في طرطوس واللاذقية.
ومع تقدم القوات السورية وصباح يوم 8 أكتوبر وأمام الزحف والتقدم للقوات السورية قررت القيادة الإسرائيلية شن هجوم مضاد في القطاع الجنوبي وتقدمت القوات الإسرائيلية في منطقة "العال" متجهة شمالًا، حتى بلغت خط الجوخدار ـ الرفيد.
وعلى المحور الأوسط، تقدمت القوات الإسرائيلية حتى أوشكت أن تغلق الطرف الشمالي للكماشة المطبقة على الخشنية من قبل الجيش السوري، التي جرت حولها معارك عنيفة، حتى اضطرت القوات السورية إلى الانسحاب من الخشنية يوم 10 أكتوبر خشية تعرضها لعملية التفاف.
هجوم القنيطرة
أما في القطاع الشمالي فقد انطلقت القوات السورية بقوة في الهجوم في المنطقة الواقعة إلى الشمال من مدينة القنيطرة واستمر الهجوم في أثناء الليل؛ وبعد قتال استمر طوال يومي 7 و8 والحقت المزيد من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وبدأ الهجوم الإسرائيلي المضاد في يوم 11 أكتوبر، بقيادة الفرقة المدرعة 240 بقيادة الجنرال دان لانر وبإمرتها كل من اللواء المدرع 79 بقيادة العقيد أوري أور واللواء المدرع 17 بقيادة العقيد ران ساريك على أن تكون فرقة ايتان في المقدمة لتتولى قيادة العناصر الأمامية وتم دفع أيضا فرقة موسى بيليد للجبهة، خلال الهجوم المضاد الإسرائيلي ما بين 11 إلى 14 أكتوبر استطاعت القوات الإسرائيلية ايقاف القوات السورية.
وكثف سلاح الطيران السوري هجومه واسقطت المضادات والصواريخ السورية أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية في أثناء الهجوم الإسرائيلي المضاد، في نفس الوقت وصل اللواء الآلي الثامن أولى طلائع الفرقة المدرعة الثالثة العراقية إلى سورية في 10 أكتوبر وتبع ذلك وصول اللواء المدرع 12 من نفس الفرقة في صبيحة يوم 11 أكتوبر واتخذ مقر قيادته في أنخل وضم اللواء 12 كتيبتي دبابات فيما تركت الكتيبة الثالثة للواء في العراق لعدم وجود الناقلات.
اللواء السوري المدرع 12
تحركت قوات اللواء المدرع 12 لمهاجمة الجيش الإسرائيلي في ظهيرة يوم 12 أكتوبر قرب تل شمس وكفر ناسج واحتشد في منطقة الشيخ مسكين، على الطريق المؤدي إلى القنيطرة؛ وقد باشرت القوات العراقية عملياتها بهجمات مضادة على القوات الإسرائيلية كما أرسلت السعودية 14 أكتوبر جسرًا جويًا للواء مشاة يضم 2.000 جندي وشاركت مع القوات السورية وقيامها بهجمات مضادة، فقد ساعد ذلك على ثبات الجبهة وصمودها.
وبعد تجمد الموقف بدأت القوات السورية باعادة التخطيط والتحضير لشن هجوم مضاد شامل على القوات الإسرائيلية؛ وكانت القيادة العسكرية السورية، قد خططت للقيام بهذا الهجوم، والبدء به في أسرع وقت ممكن، لمنع العدو من تحصين وضعه الدفاعي، ولكن قرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار وضغوط الدول العظمى والجسر الأمريكي الممتد حال دون تحقيق هزيمة ساحقة ونهائية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وتلعب دولة الاحتلال الإسرائيلي على العثرات في حرب أكتوبر لتقلب النصر إلى هزيمة في أعين الأجيال الجديد.
حيث نشرت الحكومة الإسرائيلية عن مجموعة من المستندات الخطيرة بمناسبة الذكرى الـ48 ليوم نصر أكتوبر العظيم.
وكشف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأربعاء، مستندات عن لقاءات حكومية، عُقدت خلال حرب أكتوبر 1973.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في تصريح مكتوب "بمناسبة مرور 48 عاما على اندلاع حرب الغفران 1973، ينشر أرشيف الدولة التابع لمكتب رئيس الوزراء مستندات جديدة تتعلق بالحرب".
جلسات إدارة الحرب
وأضاف إن من بين المستندات "14 ملخصا من جلسات الحكومة التي تناولت إدارة الحرب و21 ملخصا تتعلق بمشاورات دبلوماسية وأمنية حساسة و26 ملخصا تم جمعها في ديوان رئيس الوزراء".
وتابع: "تحتوي هذه المجموعة من الأوراق على 61 مستندا تشمل 1292 صفحة".
وتم نشر الوثائق على الأرشيف الإسرائيلي الرسمي.
ومن جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية: "بموجب أحد البروتوكولات، فإنه قبل اندلاع الحرب بحوالي عشرة أشهر عقدت جلسة خاصة بحضور القادة الإسرائيليين السياسيين والأمنيين بعد أن حصلت إسرائيل على معلومات حول نية مصر شن حرب ضدها بحسب أحد عملاء الموساد".
رئيس الموساد تسفي زامير
وأضافت: "في الجلسة برزت اختلافات بين المسؤولين حول إمكانية اندلاع الحرب، واعتقدَ رئيس الموساد تسفي زامير أن الرئيس السادات يخضع لضغوطات كبيرة، وبالتالي من الصعب معرفة خططه؛ إلا أن وزير الدفاع موشيه دايان رجّح ألا تشن مصر حربا شاملة، بل معارك استنزافية فقط".
وحرب 1973 أو حرب "العاشر من رمضان" كما تُعرف في مصر، وحرب "الغفران" كما تُعرف في إسرائيل هي حرب شنتها مصر وسوريا على إسرائيل بشكل مباغت، وتمكن الجيش المصري خلالها من اجتياز قناة السويس التي كانت تخضع للسيطرة الإسرائيلية.