تعرف على سنن وفرائض الوضوء
فَرائِضُ الوضوءِ هِي أركانُهُ؛ وذلكَ وِفقًا لِما اِصطَلَحَ عليهِ الفُقهاءُ الأربعةُ مِن أنّ الفَرض والرّكنَ هما وجْهانِ لعملةٍ واحدة، وهوَ بِهذا المعنى: مُجموعة الأشياءِ الّتي يَكُونُ بِها الشّيءُ، إِذ تَختلِفُ حقيقَتُه بِتَخَلُّفِ أحَدِ هذهِ الأشياء -أي مكوناته-، وهي هنا مَجموعةُ الأفعالِ الّتي إذا تَخَلّف أحدها بَطُلَ الوضوء، وهذهِ الفرائِضُ سِتةٌ، مِنها ما ثَبَتَ بالقرآنِ، ومِنها ما ثَبَتَ بالسّنةِ الشَّريفة، نذكرها فيما يأتي:
الفريضة الأولى: النية؛ وهيَ فريضةٌ ثابتةٌ بالسّنة النّبوية، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)، ويُشتَرَطُ لِصِحَّتِها الإسلامُ والتّمييز، وطَريقَتُها أن يَنوي المُتَوَضِّئُ رَفْعَ الحَدَثِ أو ينوي الطّهارةَ للصلاةِ، ويُستَثنى الأحناف من اعتبارها فرضًا من فرائض الوضوءِ، إذ يجعلونها تَبَعًا لسُنَنِ الوضوءِ، ويصحُّ عندهم الوضوءُ دون نيَّةٍ.
الفريضة الثانية: غسلُ ظاهرِ الوجه؛ قال -عز وجل- في آية الوضوء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)، والوجْهُ ما كانَ طولًا بينَ مَنبَتِ الشَّعرِ إلى أسفلِ الذّقنِ، وعَرْضًا ما بين الأذنين، ويَدْخُلُ فيه ظاهر العينينِ، والشفتينِ، والأنفِ، وشعر الحاجب، والشّارب، وشعر الوجه، والأهداب -رمش العين-، والسوالِف -ما نبت عند الأذنين من جهة الوجه-، وكلُّ ما هو من حدود المنطقة المذكورة.
الفريضة الثالثة: غسل اليدينِ مع المرفقين؛ قال -عز وجل- في آية الوضوء: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، واليدُ ما كانت أصليّةً أو زائدةً، والمِرفَقُ هو مِفْصَلُ ساعِدِ اليد، ويَدخُلُ في حُكمِه ما عليها من شعرٍ كَثُرَ أو قلَّ.
الفريضة الرَّابعة: مسحُ شيءٍ منَ الرّأسِ؛ قال -عز وجل- في آية الوضوء: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)، ويَكفي فِيه إيصالُ البَلَلِ إلى الرَّأس وإن كانَ قليلًا، ولا يَجِبُ فِيهِ استيعابُ الرّأسِ كُلّهِ، إلّا أنّ في ذَلكَ تَفصيلٌ عند الفقهاءِ؛ إذ يَكتفي الأحنافُ فيه بإيصالِ الماءِ إلى رُبْعِ الرّأسِ، بينما يَجِبُ مَسحُهُ كلّه عند المالكيَّةِ والحنابلة، وذلك للرِّجال، أمّا النّساءُ فَيُجَوِّزونَ الاكتفاءَ بمقدّمةِ الرّأسِ، أمّا الشافعية فالواجبُ عندهم مَسحُ بَعْضِ الرّأسِ ولو كانت شعرة واحدة.
الفريضة الخامسة: غسل الرِّجلينِ مع الكعْبين؛ قال -عز وجل- في آية الوضوء: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، ويُذكَرُ فِيها ما يُذكرُ في غسل اليدين، كما يُراعى فِيها ضرورة التّخلُّصِ من شَمْعِ القدمين المُتَجمّع بين الأصابع.
الفريضة السادسة: الترتيب؛ وهو رُكنٌ ثابتٌ بالسُّنة، إذ ثبتَ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُغَيِّر ترتيبَ أفعالِ الوضوءِ قط، ولو لم يكن ذلك فرضًا لغيَّر فيه -صلى الله عليه وسلم-، إلّا أنّ المالكية والحنفيَّة يكتفونَ بِجَعلِ التّرتيبِ سُنَّةً، ولا يَضعونهُ مع أركانِ الوضوءِ، إذ يَصِحُّ الوضوءُ عندهم على خِلافِ الترتيبِ المعهود.