حيثيات إلغاء قرار رئيس جامعة بني سويف بمجازاة أستاذة رياض الأطفال
قضت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة في الطعن رقم 55 لسنة 55 قضائية عليا بقبول الطعن المقام من أستاذة بكلية رياض الأطفال بقسم العلوم الأساسية بجامعة بني سويف شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة بني سويف فيما تضمنه من مجازاتها بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار بعد ثبوت وجود خلل مرفقي ظاهر بالجامعة لا سلطان لها عليه، فجاء القرار على غير سبب من واقع أو قانون.
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الطاعنة هناء فؤاد علي تشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة بني سويف، وكُلِّفَت برئاسة كنترول الدراسات العليا بالفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2019/2020، وصدر قرار رئيس الجامعة بمجازاتها بعقوبة اللوم لما نُسب إليها من إخلالها بواجبات ومقتضيات وظيفتها وخروجها على التقاليد والقيم الجامعية بسبب فقد ورقة إجابة إحدى الطالبات في مادة (قراءات في مجال التخصص باللغة الإنجليزية).
والثابت من الأوراق أن الدكتورة رحاب عبد العال، المدرس بذات الكلية تسلمت كراسات إجابة امتحان الدراسات العليا بالفصل الثاني في مادة (قراءات في مجال التخصص باللغة الإنجليزية)، والمسندة إليها أعمال تصحيحها، وبإتمامها عملية التصحيح، وسلَّمَتها للعامل عبد الحميد رزق عوض حسن لتسليمها إلى الطاعنة بوصفها رئيس الكنترول المختص، إلا أنه قد تبين للطاعنة نقص كراسات الإجابة بواقع كراسة واحدة، فتدوول بينها وبين المصححة المنوه عنها ووكيل الكلية لشئون الدراسات العليا وعميد الكلية أمر فقد تلك الكراسة، وتكرار تداول الأمر بينهم للبحث عنها.
كراسة الإجابة المفقودة
وبتاريخ 20/9/2020 حررت الطاعنة مذكرة مرفوعة إلى رئيس الجامعة لإخطاره بالأمر تفصيلا، أتبعها عميد الكلية بمذكرة بتاريخ 21/9/2020 يسند فيها الاتهام للطاعنة بأنها تعمدت إخفاء كراسة الإجابة المفقودة، وسَرَدَ من الوقائع ما يوحي بأنها أعدت ودبرت لهذا الأمر تدبيرا، وبتأشير رئيس الجامعة على تلك المذكرة بالتحقيق بتاريخ 22/9/2020 فقد أجريت التحقيقات واستُمع فيها لأقوال الطاعنة وعميد الكلية والدكتورة رحاب عبد العال، مصحح المادة المذكورة والعامل الذي كُلِّفَ بنقل كراسات الإجابة من تلك الأخيرة إلى الطاعنة لرصد درجاتها وإعمال شئون الكنترول فيها
وأوضحت المحكمة أن الدكتورة القائمة على أعمال تصحيح كراسات الإجابة قد تسلمتها رسميا وبعدد محدد موضح تفصيلا بجدول التسليم، وهو ما أفادت به بالتحقيقات وأضافت بأنها بعدما أتمت أعمال التصحيح سلمتها دون عدِّها للعامل المذكور لتسليمها إلى الطاعنة، وأفاد هذا العامل بشهادته بأن تلك الكراسات بقيت في حوزته لعدة أيام حتى حضرت الطاعنة لمقر الكلية، وبتوجهه إليها، وقبل أن يدلف إلى مكتبها وبحوزته كراسات الإجابة طلبت منه الانتظار حتى تنتهي من محادثة هاتفية، وبانتهائها طلبت منه دخول المكتب فسلمها الكراسات التي كانت على حالها بحوزته غير محرَّزة وإنما مجمَّعة برباط، فتولت عدّ تلك الكراسات أمامه، فتلاحظ لها نقصها بواقع كراسة واحدة عن هذا العدد المسلم للسيدة الدكتور القائمة على التصحيح، فطلبت منه رد الكراسات جميعها لمصدرها وأن يأتيها بها كامل عددها درأً لمسئولية قد تتعرض لها.
وبتواصل وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا معها وكذلك عميد الكلية، تفاقمت أوجه الخلاف، فضمَّن العميد مذكرته لرئيس الجامعة ما يفيد توجيه أصابع الاتهام جميعها إليها، ساردا من الوقائع ما لم تنطق به أي من عبارات التحقيقات أو ما بين سطورها في هذا الشأن، وهو ما تناقض تمام التناقض مع ما ورد بالتحقيقات كافة، وأخصه ما جاء بشهادة العامل المذكور من أن الطاعنة لم تنفرد بالأوراق، وإنما بقيت بحوزته وتم عدّها أمامه، فتناقضت بالأوراق الادعاءات المعروضة على رئيس الجامعة مع الوقائع التي تضمنتها التحقيقات المجراة بشأنها، فتساندت بها براهين براءة الطاعنة المذكورة من قول بإهمالها في أداء أعمالها، وبالأحرى تجلى بالأوراق أمر عدم تدخلها عمدا أو عَرَضا بما يرتب فقد تلك الكراسة
العملية التعليمية
وشددت المحكمة على أن واقعات الطعن اعتراها ما يُفصح بجلاء بخلل إداري أدى إلى فقد كراسة الإجابة سالفة البيان، مُعَرِّضا الشأن العلمي للطالبة صاحبة الشأن فيها إلى ما غاب عن حسبانها بهيئة علمية، فضلا عما ثبت يقينا بالأوراق من تعليق إعلان نتيجة الامتحان بالكلية حتى تتبين الجامعة أمرها بشأن الواقعة، وهو ما لا يستقيم ولا ينبغي له أن يُعَدّ من طبائع الأمور في العمل الإداري على عمومه وفيما تعلق تخصيصا بالعملية التعليمية على اختلاف مراحلها، فلم يقض منطق بإدارة الشأن محل واقعات الطعن على أسس من خلق وطرح نزاعات بين أعضاء هيئة التدريس والتذرع بها لإسناد تبعاتها المحتومة إلى أي من أطرافها دون تحقق، وغض الطرف عن وجوب صرامة النظام الإداري الحاكم للامتحانات والتعاطي مع كراسات إجابات الطلاب بما يمنع فقدها ويمهد في الحين ذاته سبل بيان من أَهمَل في شأنها على وجه القطع واليقين.
فقد كشفت التحقيقات عن أن ما عُرض على رئيس الجامعة المطعون ضدها في شأن الواقعة محل الطعن بموجب كتاب عميد الكلية لم يصادف أي وجه من أوجه الحقيقة أو الواقع، فوُجِّه الأمر توجيها لا يستقيم وواقع الحال، فغابت الحقيقة عن النظر إذ سُلِكَت إليها غير المسالك الموضوعية القائمة على واقع سليم لا تخالجه النوازع الشخصية فتنال منه، وهو ما أفضى بالضرورة إلى خلو التحقيقات مما يرقى سندا للقول بصحة نسبة اتهام إلى الطاعنة في شأن الواقعات آنفة البيان، ولا تتحمل وحدها تبعات خلل مرفقي ظاهر لا سلطان لها عليه، فبُني القرار المطعون فيه والحال كذلك على غير سبب من واقع أو قانون، خليق بالإلغاء.
ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم (1569) الصادر بتاريخ 23/11/2020 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.