«القبة الحديدية» الإسرائيلية.. خطة أمريكا لإنعاش «مبيعات السلاح» للعرب.. وتحذيرات داخل «تل أبيب»
«الوجوه تتغير ودعم إسرائيل ثابت».. حقيقة لم تستطع أي من الإدارات الأمريكية المتعاقبة على إدارة «البيت الأبيض» إحداث ولو تعديل بسيط عليها، فمع انتخاب كل رئيس جديد بانتخابات ديموقراطية هناك من يتفاءل بأنه سيكون الأصلح وأنه سيركز على مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية قبل إسرائيل وسيتعامل بالعدل مع القضية الفلسطينية غير أن الحقائق الأرض تكون مغايرة وخير مثال على ذلك الخلافات الأخيرة التي جرت بالكونجرس بشأن المساعدات الأمريكية لإسرائيل.
القبة الحديدية
بعد خروج تقارير تتحدث حول «سحب مساعدات أمريكية لإسرائيل بقيمة مليار دولار» لم تمر سوى 48 ساعة فقط حتى يتم العدول عن الخطوة الأمريكية ليتم الإقرار بمنح إسرائيل مليار دولار لصالح تطوير منظومة «القبة الحديدية»، ليثبت الرئيس الأمريكي جو بايدن أن سياسته لا تختلف كثيرًا كونه ديموقراطيًا عن سلفه الجمهوري دونالد ترامب.
لكن في الوقت نفسه لا يعني هذا الإقرار أن وضع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أفضل حال ليس بسبب «بايدن» وإنما بسبب الرأي العام الأمريكي الرافض لسياسة بلاده تجاه إسرائيل، في ظل ما تقوم به الأخيرة من انتهاكات جسيمة بحق الفلسطينيين ما ينذر باشتعال حلبة الصراع ضد دولة الاحتلال من داخل الولايات المتحدة.
إنقلاب بايدن
«تحركات بايدن» وصفتها تقارير إسرائيلية بأنها «حدث غير عادي» رغم كونها خطوة ليست نهائية لكنها تدعو إسرائيل للقلق بل يحثها على الاستيقاظ، لأن الاتجاه السياسي في أمريكا أصبح مقلقًا وخاصة أن تل أبيب تشعر بتراجع نفوذها بين صفوف الديموقراطيين، وبأغلبية كبيرة وافق مجلس النواب الأمريكي على تمويل بطاريات القبة الحديدية والصواريخ الاعتراضية لإسرائيل وصوّت 420 ديموقراطيًا وجمهوريًا لصالح المساعدة الأمنية لإسرائيل - مقابل 9 فقط عارضوا ذلك ثمانية منهم ينتمون لـ الديمقراطيين معروفون بمعارضتهم للمساعدة الأمريكية لإسرائيل - وجمهوري واحد.
«القبة الحديدية تمثل إحدى الشراكات بين بلدينا العظيمين».. هكذا قال عضو الكونجرس الجمهوري، ستيف سكاليس بعد التوقيع، مضيفًا: «هذا التحالف الكبير يسمح لإسرائيل بالدفاع عن نفسها ضد الهجمات من غزة، ضد أولئك الذين يريدون تدمير إسرائيل كدولة يهودية».
«سكاليس» أيده كثيرون في هذه التصريحات، لكن في الوقت نفسه لم ترض إسرائيل بمجرد وجود بعض المعارضين فأطلقت محلليها للنيل منهم، بل أثار المذيع الصهيوني أفري جلعاد الجدل خلال برنامجه الصباحي الجدل بعد أن تمنى الموت للنائبة الأمريكية ألكساندريا كورتيز، التي بكت بمرارة خلال اعتراضها على مشروع القانون، ووثقت الكاميرات النائبة الأمريكية وهي تبكي بعد أن أقر المجلس التمويل، بل وسبها بأنها بنت حرام وقال: «هكذا يبكي أعداءنا لا حدود لمعاداة السامية إن شاء الله ستموت».
تحذيرات تل أبيب
وفي هذا السياق يؤكد المراقبون أن «اللوبي الصهيوني يتحكم في أمريكا وسياساتها خاصة حقيبة الخارجية، وذلك بواسطة جماعات الضغط لتوجيه السياسات الأمريكية بما يخدم الصالح الإسرائيلي حيث يمول هذا اللوبي، وخاصة منظمة الـ(إيباك)، كثير من حملات النواب المترشحين للكونجرس شريطة التوصيت على قرارات تخدم الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يؤكد أن مهما كان توجه أي رئيس أمريكي حتى وإن كان يرفض انتهاكات الاحتلال فسيجبر على التماشي معها ولا يمكنه أن يخالفها.
ويتجلى ذلك في التصريحات التي أدلاها بعضهم بعد انتهاء فترة ولايته، وهى تصريحات لم يكن ممكنًا أن تصدر عنه خلال وجوده في الحكم أبرز هؤلاء الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان، وهو من دعا إلى إنشاء وطن في فلسطين، واللافت أن «ترومان» سجل في مذكراته التي لم تنشر إلا بعد عشرات السنين من وفاته أن اليهود أنانيون ويتفوقون على هتلر وستالين، علمًا أن الرئيس الأمريكي الحالي «بايدن» الذي عول عليه البعض لتحسن معاملة أمريكا للفلسطنيين لا يختلف عن سابقيه بل يسعى بكل جهده لتحسن العلاقات مع إسرائيل ليرفع أسهمه لدى اللوبي الصهيوني المتحكم في أمريكا أملًا بالفوز بفترة رئاسية ثانية
وخلال العام الجاري وفي عهد «بايدن» منحت أمريكا إسرائيل مساعدات مالية قدرت بـ 3.8 مليار دولار ساهمت تلك المساعدات في تطوير قدرات الجيش الإسرائيلي، حيث اشترت تل أبيب 50 طائرة مقاتلة من طراز إف 35 ثمن الواحدة 100 مليون دولار هذا بالإضافة إلى شراء 8 طائرات من طراز كي سي 46 (بيجاسوس).
يشار هنا إلى أنه يوجد ما يتجاوز الـ 100 منظمة عاملة بأمريكا تطالب بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل في ضوء الجرائم التي يرتكبها الكيان، الأمر الذي جعل النقابات ومنها نقابات عمال التفريغ والشحن بالموانئ الأمريكية ترفض تحميل السفن المسافرة لإسرائيل والتي تحمل الأسلحة بهدف منع نقل الأسلحة الأمريكية إلى دولة الاحتلال.
وتعقيبًا على هذه التحركات، قال اللواء أركان حرب عادل العمدة: تمرير هذا القرار يعود إلى أن إسرائيل تعتبر الابنة البكر لأمريكا وهى العامل الرئيسي لتمرير مصالحها داخل المنطقة، أي أن وجود إسرائيل ضمانة لتحقيق المصالح الأمريكية، فبالتالي مهما أعلنت أمريكا من سياسات ضد إسرائيل لا تُفعل لسبب بسيط لأن الأم تهدد بعقاب ابنها لكنها لا تقتله، وهذا من منطلق أن إسرائيل.
كما سبق وأشرت هي الابنة البكر لأمريكا، وبناء عليه تتخذ بعض القرارات الشفوية، لكن عند التفعيل تعمل ما لا يضر ولو بذرة واحدة من إسرائيل، نظرًا لأن من وجهة نظر أمريكا والساسة الأمريكيين فإن إسرائيل هي ضمانة تنفيذ المصالح الأمريكية، وذلك من وجهة نظر أيضًا اللوبي الصهيوني الذي يعي جيدًا حجم وقيمة إسرائيل بالنسبة لأمريكا، وبناء عليه يعرف متى يتدخل لصالح إسرائيل.
فمهما كان من فرض عقوبات أو ما شابه ضد إسرائيل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فهذا لا يطبق على أرض الواقع ودلالة ذلك التأثير الأمريكي الواضح في مجلس الأمن على العقوبات التي تفرض على إسرائيل بسبب ما تقوم به من انتهاكات لحقوق الإنسان.
وتابع: مصلحة أمريكا في وجود إسرائيل لأن الأخيرة هي التي تجبر العرب على شراء السلاح من الولايات المتحدة، وهو ما يخدم الخزانة الأمريكية، ووجود إسرائيل يجعل المنطقة في حالة صراع دائم ينعش تجارة السلاح وهذا في مصلحة أمريكا، الخلاصة هي أن إسرائيل وإيران وتركيا وإثيوبيا هم أسلحة تتيح لأمريكا تحقيق مصالحها في المنطقة فمثلًا لولا وجود إيران ما كان دول الخليج اشتروا من أمريكا الأسلحة ولا حتى وقعوا اتفاقات تطبيع مع إسرائيل.
وبشأن القبة الحديدية ومدى تعرضها للتهديد أوضح «العمدة» أن القبة الحديدية الإسرائيلية فزاعة والدليل اختراق صواريخ بدائية الصنع لجدارها ما يعني أنها ليست مؤمنة التأمين الكافي.
وفى هذا السياق أكدت مصادر لـ «فيتو» أنه بخصوص تمويل أمريكا لـ«القبة الحديدية» فإنه عندما تم الحديث عنه لأول مرة كان في إطارة الميزانية الكبيرة للولايات المتحدة ككل، فكانت هناك اختلافات على كثير من النقاط بشأنها وبالتالي كان الرفض ككل للميزانية بكل بنودها الكثيرة بما في ذلك هذا البند الخاص بإسرائيل لذا أخرجوه من الموازنة وقدم على كونه مشروع منفرد وتمت الموافقة عليه كقانون قائم بذاته.
هذا هو الأمر بمنتهى البساطة، علمًا أنه في الأول كان يوجد مجموعة معارضة للموضوع داخل الحزب الديموقراطي، فأحد أساليب الضغط كانت إخراجه من الموازنة وتحويله إلى مشروع قانون قائم بمفرده، وحين قدم بشكل منفرد أصبحت المعارضة له قليلة لكن القصة كلها مسألة فنية ليس أكثر تتعلق بسقف عجز الميزانية الأمريكية.
نقلًا عن العدد الورقي…،