كارثة تآكل الشواطىء.. 15% من أراضي الدلتا معرضة للاختفاء.. والري: إنشاء أنظمة حماية
بسبب التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، ونتيجة للعديد من الأنشطة البشرية أصبحت الحياة في المناطق الساحلية محفوفةً بكثير من المخاطر، بما تؤويه من عدد كبير من السكان، وبما تحويه من نظم بيئية بحرية فريدة.
دراسة حديثة
وخلصت دراسة حديثة نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس" Scientific Reports إلى أن مستوى هشاشة سواحل دلتا الأنهار والشواطئ الرملية في جنوب البحر المتوسط يثير القلق أكثر مما كان متوقعًا، وحددت الدراسة ثلاثة مواقع لتقييم مستوى هشاشة المناطق الساحلية في شمال أفريقيا، تشمل الساحل الغربي لخليج تونس، وسواحل طرابلس في ليبيا، ودلتا نهر النيل في مصر".
وتُظهر الدراسة، على وجه الخصوص، أن المناطق الساحلية للدلتا المكتظة بالسكان في كلٍّ من مصر وتونس أكثر تعرُّضًا للهشاشة، بنسبة تصل إلى 70%، من أي منطقة ساحلية أخرى في شرق حوض البحر المتوسط.
وتشدد نتائج الدراسة على أن كلًّا من تونس ومصر شهدتا زيادة كبيرة في معدلات النزوح الداخلي بنسبة 62% و248%، على التوالي، بين عامي 2000 و2016، كان معظمها من المناطق الساحلية.
وتحذر الدراسة من أن العديد من مظاهر تدهوُر الساحل، والتي ترجع إلى عوامل بشرية في الأساس، مثل النمو الحضري وبناء السدود على المدى القصير والمتوسط، غالبًا ما تُعزى، بشكل غير دقيق إلى ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة الاحتباس الحراري.
وتؤكد الدراسة أن العوامل السابقة كلها ستؤدي إلى تراجُع شديد في الخط الساحلي بعدة عشرات من الأمتار، على امتداد مساحات شاسعة من شاطئ البحر المتوسط.
الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء
وفى نفس الإطار حذرت دراسة أصدرها «الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء» في 2017 من تأثر دلتا نهر النيل، خصوصا تلك المشاطئة للبحر المتوسط، من ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ذوبان الجليد فى القطب الشمالى نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، ما يسبب تآكل مساحات من الأراضى الزراعية للمحافظات التى تطل على البحر فى كفر الشيخ، الدقهلية ودمياط، بالإضافة إلى الإسكندرية.
الآثار السلبية للتغيرات المناخية
وقدرت الدراسة التكلفة المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة، الناتج عن ظاهرة التغيرات المناخية وتأثيرها على الإنتاجية الزراعية التي ستتكبدها مصر، بناء على التنبؤ بكمية وقيمة الواردات، ومساحة الأراضى الواجب استصلاحها للوفاء بالاحتياجات المحلية، بنحو 4 مليارات و121 مليون دولار تكلفة استصلاح الأراضى الإضافية، أو مليار و57 مليون دولار حال الاستيراد.
تفسير ظاهرة تآكل الشواطىء
وبحسب الهيئة العامة لحماية الشواطئ، فإن الطبقات الجوفية ناحية الساحل تقوم بحجز مياه البحر تحت السطح عند نقطة تسمى "المنطقة الانتقالية" بما يؤدي لتراجع المياه المالحة الأكثر كثافة ناحية البحر وبقاء المياه العذبة على السطح، إلا أن تلك المنطقة الانتقالية مرهونة ببقاء البحر والطبقات الجوفية عند نفس المستوى، أما إذا انخفض مستوى المياه العذبة أو ارتفع مستوى البحر، فإن تلك المنطقة تتحرك أكثر ناحية الشاطئ وما وراءه من أراضي لتجلب مياه البحر أكثر تحت الأرض.
حقيقة اختفاء الدلتا
وأكد الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري أن هناك مخاطر تواجهها نسبة ١٢ - ١٥ % من أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذي يؤثر على جودة المياه الجوفية.
حلول لتفادي الكارثة
وأكد عبد العاطى في اجتماع سابق له بحضور الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أنه جاري تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لحماية السواحل المصرية (والتي تبلغ حوالي ٣٠٠٠ كيلو متر) وتأمين الأفراد والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة والطرق والإستثمارات بالمناطق الساحلية بهدف مواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية، والعمل على إيقاف تراجع خط الشاطئ في المناطق التي تعاني من عوامل النحر الشديد، واسترداد الشواطئ التى فُقدت بفعل النحر الأمر الذى يُسهم فى زيادة الدخل السياحي بالمناطق التي تتم فيها أعمال الحماية، بالإضافة للحفاظ على الآثار التاريخية بالمناطق الشاطئية مثل قلعة قايتباي بالإسكندرية، وحماية الأراضي الزراعية الواقعة خلف أعمال الحماية، والعمل على استقرار المناطق السياحية واكتساب مساحات جديدة للأغراض السياحية، وحماية بعض القرى والمناطق المنخفضة من مخاطر الغمر بمياه البحر مثل المنطقة شرق مصب فرع رشيد وحتى بوغاز البرلس وكذلك المنطقة غرب مدينة بورسعيد، بالإضافة للمساهمة فى تنمية الثروة السمكية بالبحيرات الشمالية من خلال العمل على تطوير بواغيز هذه البحيرات وتنميتها، لضمان جودة مياه البحيرات من خلال تحسين حركة دخول مياه البحر للبحيرات.
تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية
كما تم إطلاق مشروع "تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية بالساحل الشمالى ودلتا النيل"، بهدف إنشاء أنظمة حماية بطول ٦٩ كم بخمسة مواقع من الأراضى المنخفضة فى سواحل دلتا نهر النيل، وإقامة محطات إنذار مبكر على أعماق مختلفة داخل البحر المتوسط للحصول على البيانات المتعلقة بموجات العواصف والأمواج والظواهر الطبيعية المفاجئة، وتم تنفيذ أحد التجارب الناجحة لحماية الشواطئ بإستخدام مواد محلية الصنع وصديقة للبيئة في إطار أنشطة المشروع تمهيدًا لتعميمها على نطاق أوسع.